لقد عمد النظام السابق في كل مرحلة انتخابية إلى تعديل مواد الدستور من اجل اطالة بقائه في السلطة وايجاد شرعية التمديد في ظل حكم الهيمنة والاستبداد واستخدام كافة الطرق والوسائل للوقوف ضد ممارسة الديمقراطية الهامشية وحريات التعبير الشخصية والعامة في مختلف أجهزة الإعلام، والتي ظلت تمارس في حدود ضيقة جداً وتحت رقابة أجهزة القمع والفساد في المؤسسات الأمنية. كما أحكم النظام قبضته الحديدية على مختلف الاجهزة ابتداء من رأس الهرم القضائي حتى اسفله وزرع أنواع الفساد في مختلف المحاكم على درجاتها.
وعانى الشعب الأمرين من اهمال متعدد ومتعمد لقضاياهم التي كانت تبحث عن العدالة والاحكام الشرعية الصحيحة بل وتواجه بالتماطل واللا مبالاة، ويفرض عليها رسوم اجرائية باهظة وغير قانونية اثقلت كاهل المواطنين وتغريم اصحابها بدون حق شرعي وظلت حقوق المواطنين هباء منثوراً ولا قيمة لها حيث ظل الناس يشكون من سوء المعاملات الخارجة عن النظام والدستور بسبب انتشار الفساد في الأجهزة الادارية والأمنية وضعف تنفيذ القوانين السارية في البلاد.
وظل الشعب اليمني يعيش في دوامة مستمرة من المظالم والاستبداد اللذين يقوم بهما بعض مدراء النواحي والأمن وقضاة المحاكم وعسكر الدولة حتى وصل الأمر بهم إلى التعسف والسجن مع الخصم والغريم في ظل غياب الدستور الذي كان يقتصر على مواد وبنود تخدم الشعب وانسانيته الآدمية وحقه المشروع في الحياة مثل بقية شعوب العالم ناهيك عن التعليم الذي اصبح مستواه متدنياً للغاية وغير مشجع في مختلف المراحل الدراسية.
أما الجانب الصحي فحدث لا حرج حيث يموت الشعب من كافة الفئات العمرية بسبب الأمراض المنتشرة، ونقص الأدوية وطرق العلاج البسيطة والحديثة، إضافة إلى غياب الأجهزة المتطورة التي تكشف وتعالج الحالات المزمنة والمستعصية.
لا شك ان مخاوف القوى التقليدية والمتخلفة من اعداد وظهور دستور جديد يؤسس لقيام دولة حديثة سوف يكون سبباً اساسياً في أغلاق قنوات المشاريع المشبوهة وبالتالي سيفقدون مصالحهم ويحاولون جاهدين عرقلة نجاح الدستور إلى حيز الوجود لأنه سينظم الحياة العامة ويحمي حقوق الشعب المشروعة من كافة النواحي.
وما أحوجنا اليوم إلى السلام الدائم الذي ينشده الجميع ويأمل منه العيش برخاء وهناء تحت مظلة الوحدة دون أي تناقضات أو نعرات طائفية أو قبلية من اجل الدفع بالعملية التنموية والعمل على بناء السلم الاجتماعي المنشود والاستقرار الأمني الملحوظ ليواصل الشعب نضاله الاجتماعي في ظل الأمن والأمان يتنافس فيه الجميع وتقديم ما هو أفضل في ظل أجواء من الحرية والديمقراطية الخالية من الأمراض الاجتماعية والشوائب المختلفة التي تنخر المجتمع بسبب غياب النظام والقانون الخاص بالدولة المدنية التي بوجودها تتطور الشعوب في العالم الذي يحكمه دستور مدني يحدد ملامح المستقبل وخارطة طريق لكافة حياتنا العامة، كما انه يضع حداً نهائياً للفوضى والعشوائية ويضع احكاماً عامة وتفاصيل خاصة لمسار المجتمع والعمل بكل اخلاص وهمة إضافة إلى تحديد الأهداف واسلوب تطبيقها بطريقة منظمة وحيادية يصبح فيها الكل متساوين في الحقوق والواجبات. وتعكف حالياً لجنة الدستور على الاعداد والتهيئة لانجاز مواده المتعلقة بتأسيس الدولة المدنية على قدم وساق ومناقشة بنوده التي تحدد نظام السلطة المدنية بفترة الحكم وتعطي الحق للشعب في التعبير الحر والديمقراطي والتعليم والصحة والعمل وغيره من الحقوق العامة في المجتمع ودور كل مواطن ومواطنة ثم عرضه على الشعب للاستفتاء عليه ويصبح ساري المفعول والتطبيق.