- والله يا بو الرجال أنا أشتي أشرب شاهي أحمر، بس قلت من باب (الزنقلة) باشوف من عادوه ذاكر من هذه الكلمات اللي كان الناس يستعملوها زمان. لكن واحد شاب كان جالس بجانب الرجل سألنا فجأة: ليش تشتي شاهي أحمر، وإلا على قولك عسمللي اللي أول مرة أسمع به؟ بعدين أنت كتبت على (الشاي الملبن)، يعني تحب الشاي الحليب؟
- بس أنا ما كتبتش أني أحب الشاي الحليب.
- إلا أنت كتبت، وقد عرفتك من صورتك في الجريدة تبع 14 أكتوبر.
- طيب بس يبدو أنك ما فهمت. أنا لما كتبت ذلك الكلام كان عن شاي زمان (لمن كان الشاهي شاهي، وكانت البيسة ترن رنين) على حق اليوم، والدليل إننا ذكرته مع ذكري لـ (أبو مريم) صح؟؟
- أيوه صح.
- هيا يا غالي أبو مريم هذا كان قبل 50 سنة و(عاد الشاهي الملبن شاهي ملبن من صدق، مش شاهي شبه الحليب حق اليومين دول)، وديك الأيام كان الشاهي الملبن (من مي البمبة)، وكان جاري الجمل يجيب هذا المي ببوزة نحاسية أما من بمبة صيرة أو من البمبة اللي جنب المحكمة.
- هذه الأيام ما فيش للشاهي الملبن لا طعم ولا لون ولا مذاق. كل المقاهي تقريبا لا تجد فيها ذلك الشاهي أبدا حتى لو حطوه بالسيسر.
القضية متعلقة بدرجة كبيرة بعدم حماية حقوق المستهلك التي يجب على كل مقدم خدمة مراعاتها. زمان، على أيامنا كنت تلاقي مثلا خلف (البيل حق الكهرباء أو المي) قائمة بالالتزامات المتبادلة بين المستهلك والهيئة العامة للكهرباء أو المياه. وكذلك الحال في بقية الأمور: وسائل المواصلات، السينما...الخ، لا أعرف ما إذا كانت تلك هي الحقوق القياسية أم لا، لكنك تجدها على الأقل أمامك.
اليوم، إذا صادفتك فاتورة ما ستقرأ خلفها واجبات على المستهلك، ولكن ليس له أي حقوق يمكن الحديث عنها. هذا الكلام ينسحب على كافة الخدمات المادية وغير المادية (الغذاء، الدواء، الطب، الاتصالات والنت والطيران....)، كل الخدمات.
قبل سنوات، في جلسات عديدة، ناقش البرلمان الأوروبي موضوعا لا يخطر على بالنا ألبتة. ناقش مسألة توحيد كيبل شحن الهاتف المحمول بدلا من تعدد رؤوس الإدخال لأن ذلك يشكل إزعاجا وعناء للمستهلك. ومرة أخرى ناقش نفس البرلمان نسبة الإعلانات المسموح ببثها مقارنة بالمادة التلفزيونية المعروضة، لأن الإعلانات ليس فقط تبدد وقت المستهلك ولكنها أيضا تنتهك خصوصيته. قضايا كثيرة تقف أمامها البرلمانات حماية لمصالح الناخبين وخوفا من ردود أفعالهم التي قد تصل إلى حد المطالبة بإقالتهم، أو معاقبتهم في الدورات القادمة من الانتخابات.
لدينا مشكلة حقيقية مع حقوقنا كمستهلكين. مثلا، في المستشفيات التي انتشرت في البلاد كحرائق الغابات الأوروبية وبأسماء أفرنجية حسب الموضة، وأفعال أقرب للمسلخ البلدي، كم هي الأخطاء الفاجعة التي قادت كثيرين إلى القطيع وخزيمة وكل المقابر التي تذكرونها. لأنك إذا قدر الله وأسعفت أحدا من أهلك أو معارفك، سيقرر له الأطباء «رقود عمياني»، وبعد يوم أو يومين يقرروا عملية عمياني كذلك. ما فيش مشكلة هنا لأنك في ذاتك قد تصورت تصوراتك الخاصة عن المرض الذي يعانيه مريضك، لذلك تكون جاهزا نفسيا، وإذا بك توقع على العملية التي يتحمل المريض وأهله كل شيء بما فيها أخطاء وإهمال الأطباء والطواقم المساعدة كلها، ولا يوجد من يساءل عن الأخطاء. نستطيع سرد قصص يشتعل لها الرأس شيبا من مختلف المستشفيات ومن كل شرائح المرضى. الأمر يسري على مختلف الخدمات منها الحكومية والخاصة. حتى أنك لا تعرف لمن توجه الخطاب.
