نحن مظلومون منذ سنين وخرجنا نساند ظلمكم لنا في مسيرة حاشدة لنعلن تخفيض الرواتب واجب، وهذا يدل على شعب تجاوز همومه لتعلو لديه هموم الوطن.
وطن لم يقدم لأبنائه غير الويلات، شرد من شرد، وسرح من سرح بدون استحقاق، كوادر وكفاءات ومهارات كانت اعمدة النهضة في عدن، ادارت مرتكزاتها الاقتصادية باقتدار ومهنية لترتقي بالمدينة لمصاف الدول المتحضرة، والميناء إلى ثاني ميناء عالمي، استطاعت ان تخلق توازنا بين راس المال والعامل والمستهلك، بحيث صارت عدن نموذجا للاقتصاد والتجارة، كان التاجر في هونج كونج يغري زبائنه بقوله هذه الاسعار لن تجدوها حتى في عدن.
واين هي عدن اليوم، عدن التي تبحث عن العدل حتى في الظلام ولن تجده.
كيف ترسيخ العدل ولا يوجد قانون أجور موحد، اليوم هناك مؤسسات يستلم موظفوها رواتب عالية جدا، تحت مبرر انها مؤسسات ايرادية ومحصلة ايرادات، وهناك قوانين اجور خاصة لمن استطاعوا الضغط على السلطة مثل القضاء، ونسمع ان مجلس النواب يطالب بمزيد ومساواتهم بالحكومة، و لا نبخس لاحد حقه في تحسين معيشته، لكننا ندعو للعدالة بينهم وبين بقية الفئات الوظيفية الهامة وعلى سبيل المثال المعلم والطبيب والجندي والإعلامي.
الحديث عن النهضة يستدعي تحسين مستوى معيشة المعلم، واتذكر في فترة كنا قد انتزعنا قانون المعلم، الذي قدم للمعلم مكانة ما، وسلم اجور خاص ينهض بمستواه المعيشي، الى جانب معايير القبول للوظيفة، وتأهيل المعلمين، وتم اسقاطه في برنامج استراتيجية الاجور التي لم تحقق اهدافها، والكل يعرف انه بالمعلم ستنهض البلد، والتنمية البشرية اساس التنمية الشاملة (الاقتصادية والسياسية ).
ارساء روح القانون والنزاهة ومحاربة الفساد، يتطلب العدل في رواتب تصون الجهات المعنية بتطبيق القانون من الفقر والجوع والحاجة، ومد اليد والتسول وقبول الهدايا و شراء الذمم، فالقاضي يحكم، و( العسكري) معني بتنفيذ الحكم، واي عدل ننتظر من عسكري جائع ومحتاج بسبب راتب حقير و وضع مهان ان ينفذ قانونا اصدره قاض في وضع معيشي احسن، وكيف لعسكري المرور ان يضبط ايقاع حركة السيارات وينفذ القانون بحق المخالفين، وهو في وضع معيشي متدن، وسيارات فارهة تمر امامه وترمي له بعض النقود، وهو لا يستطيع ان يقاوم هذا الاغراء، واهمية رجل المرور لا تختلف عن اهمية القاضي، فهو يحكم ثقافة شعب، ويضبط سلوك مجتمع، ويعيد رسم الصورة الحضارية في الشارع العام، يزيل منها الشوائب والخارجين عن القانون والتوافه ممن يشوهون صورة المدينة.
وللصحة نصيب في الاهمال، الطبيب ومساعدوه من المهن يعيشون ضنك الحياة في المستشفيات العامة، واصبحوا ورقة للاستغلال من قبل ضعفاء النفوس، الذين يتاجرون بالطب، من اراد منهم مستوى معيشيا محترما يتعاقد مع المستشفيات الخاصة، هذه المستشفيات التي تمتص كل اموال المرضى دون رحمة ولا شفقة، في ظل مستشفيات عامة تفتقر للاهتمام و الامكانيات .
هل نعي اهمية الارتقاء ببعض المهن التي تعتبر ركيزة مهمة في التنمية الشاملة، ونعيد ترتيب وضبط قانون الاجور بحيث تساهم المؤسسات الايرادية في دعم رواتب القطاع العام وتحسين مستوى معيشة الناس؟! محاولة تقريب الفارق في الاجور بحيث يسهم بالدفع نحو تنمية شاملة، وتعزيز دور المؤسسات الخدمية، وننتظر ان تأخذ مسألة توحيد الاجور النصيب الاكبر من الاهتمام .