وبحكم اهمية الجزيرة العربية وما تختزنه في باطنها من ثروات نفطية ومعدنية، تشكل رافدا لنهضة عربية قادمة، مثلت ثورة سبتمبر الخطر الاكبر للمخطط الاستعماري والصهيوني المعيق لأي نهضة عربية، ثورة 26 سبتمبر التي هدت اكبر قلعة كهنوتية، وتكالبت عليها كل تلك القوى، وكان يراها العرب انتصارا لمشروع الامة، والاعداء نكبة للمشروع الاستعماري والصهيوني والرجعي، فانقسم العرب بين مناصر للثورة ومُعادٍ لها، والتاريخ سجل في صفحاته مواقف الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر.
وفي الداخل كان للصفوة من النخبة المثقفة من الاكاديميين والمتخصصين في السياسة وعلم الاجتماع وكبار الشعراء والادباء مواقف ما زالت ما ثلة، في التغني واثراء سبتمبر في كتاباتهم واشعارهم وتحليلاتهم ورواياتهم، واجمل ما قال شاعرنا الكبير البردوني عن سبتمبر في مطلع قصيدة ذات يو:م
فقنا على فجر يوم صبي.......فيا ضحوات المنى أطربي
أتدرين يا شمس ماذا جرى؟........سلبنا الدجى فجرنا المختبي!
ستظل سبتمبر نبراسا يضيء مسار أي تحول سياسي، واهدافها ما زالت برنامج عمل مسار هذا التحول، ومهما حدث من خذلان للثورة، والتآمر عليها في تصفية الكفاءات من قيادات الثورة، واعادة تموضع اذناب ينفذون المخطط، فلا قلق على ثورتنا الخالدة، فما زال رجال الثورة يقارعون اعداءها، بالسلاح في جبهات القتال او بالذاكرة الطرية عن الحقبة السوداء من تاريخ الأئمة، سنتذكر الجهل والمرض والفقر والعزلة.
سيحمي سبتمبر كل ابناء الشعب الذين هب آباؤهم واسلافهم لنصرتها من كل بقاع الارض جنوبا وشمالا، احفاد لبوزة ثورة اكتوبر، واحفاد الزبيري والنعمان ومحمد علي لقمان، و ابناء عدن التي كانت مسرحا للتخطيط لثورة 48م التي هيأت لسبتمبر، وقراء صحيفة فتاة الجزيرة منبر سبتمبر في مقارعة الإمامة والكهنوت، ورجال تعز السند والمدد للثورتين سبتمبر واكتوبر .
لم تكل ولم تمل القوى الاستعمارية وادواتها الرجعية في التآمر على سبتمبر واكتوبر معا، ومنذ الوهلة الاولى وبعد فشل حصار صنعاء، وجهت سهام المؤامرة على الجنوب، ومحاولة تأسيس كيان استعماري تحت الوصاية البريطانية، رفضته عدن والمجلس العمالي نواة الحركة الوطنية اليمنية، وكان الرد سياسة فرق تسد الاستعمارية لتمزيق النسيج الاجتماعي في عدن باعتبارها مدينة الوعي الثوري، والحراك السياسي والنشاط العمالي، وحدث ما حدث بعد الاستقلال.
انهاك الدولة الفتية في عدن، وتدمير البنية السياسية والاقتصادية والتنوع الفكري والثقافي، ساهم في تصفية القوى الحية والفاعلة والصادقة في التحرر والاستقلال، مما رهن النظام بالجنوب لقوى الشرق، وارتهن الشمال لقوى الغرب، في صراع الحرب الباردة، تمكنت القوى الرجعية من الشمال وتدمير الجنوب، وحتى مشروع الوحدة اليمنية حلم اليمنيين لم يسلم من مؤامراتهم.
واليوم في الذكرى الثانية والستين لسبتمبر هل نستوعب الدرس ونقطع دابر تلك الفتن، لنعيد للمجتمع روحه الثورية ونستعيد النظام الجمهوري والتحرر من الوصاية والتبعية، ونعيد ترتيب البيت اليمني بشقيه الجنوبي والشمالي بحيث لا ضرر ولا ضرار، ولا سقوط وانحسار لخدمة اعداء الثورة والجمهورية؟!.