إن الإنسان مخلوق معقد التركيب يتأثر سلوكه بكثير من العوامل الظاهرة والخفية وهو يستجيب لدوافع معينة بعضها ينبثق من ذاته وبعضها ينبعث من البيئة التي يعيشها .
وخلال فترة حياته وهو يكافح ويناضل من اجل البقاء له مطالبه ألأساسية مثل المأوى والمأكل والمشرب والحب و الاستقرار الأسري إلى جانب الإحساس بالأمن والأمان بوجوده مرتبطا بالمجتمع الذي يعيشه ولتحقيق طموحاته البسيطة هذه قد تحدث عنده ردود فعل نتيجة محاولاته لتحقيق مطالبه الضرورية تتوقف طبيعة هذه الردود على مدى نجاحه في الموازنة بين هذه المطالب الضرورية والخوف الذي ينتابه من المستقبل واليأس من تغيير الواقع المرفوض قد يؤدي إلى الإحباط والتذمر والكراهية للحياة قد تجعله صيدا سهلا للقوى التي تحاول السيطرة على معتقدات وعقول الناس بمحاولتهم استجرار وخلق مثل هذه الظروف وإثارتها لتصبح مؤثراتهم لإيصاله إلى درجة الانهيار بدرجات تتفاوت مع طبيعة كل فرد بحيث يتوقف العقل ويصبح مستعدا لتقبل أي إيحاءات تفرض عليه وتبدأ بغسيل دماغه بما يخدم أهدافها الشيطانية ويساعدها في ذلك الواقع المتخلف للمجتمعات المغلقة والمقيدة للعقل بالمذاهب والعقائد والعادات المحرم تجاوزها آو حتى الخوض في النقاش فيها تفرض على الفرد بالوراثة دون قناعة وهنا يصبح العقل مقيداً ولا يحق له التفكير خارجها وهنا يفتقد الإنسان للعقلانية والمنطق مع العلم إن الله سبحانه وتعالى ميزه عن غيره من الكائنات بالعقل والفكر .
و الحقيقة إن الإنسان منذ فجر التاريخ واجه دائما صراعا عقليا كبيرا سواء في معتقداته الدينية آو في حياته الاجتماعية والسياسية وابرز الأمثلة لما كان تستخدمه السلطات والحاكم وبعض رجال الدين في توجيه العقل البشري وهنا تلاقت مصالح السلطة ورجال الدين المتطرفين الذين يعتبرون الدين وسيلة لتنفيذ مخططاتهم الشيطانية وكونت معا ما يعرف بالقوى الظلامية.
لهذا تجد أصحاب العقول النيرة والمتحررة من مخلفات الماضي والطامحة لمواكبة التطور الجاري عالميا دون المساس بقيمنا الدينية النبيلة التي انزلها الله سبحانه وتعالى على عباده ليحرر الإنسان من عبودية أخيه الإنسان والعيش في حياة حرة كريمة فيها مساواة وعدالة اجتماعية وتعايش الأمم بسلام ووئام وحب بعيدا عن إثارة الفتن والصراعات المدمرة للحياة، كانت ولازالت ضحية من ضحايا هذه القوى الظلامية. التي حللت دماءهم وعرضهم ومالهم.
• ولقد شوهت الجماعات الظلامية المتطرفة صورة الإسلام بشكل كبير وأفرغوه من تعاليمه السمحاء وسمو قيمه العظيمة واوجدوا جيلا متطرفاً طائشاً ومتهوراً أصبح معضلة من معضلات العصر يقتل المسلم ويهدر الدماء البريئة التي حرمها الله عز وجل من دون حق و أوصل حال المسلمين إلى الحضيض بينما تعاليم الإسلام تصون دم المسلم وترفع من شان المسلمين هذه هي المفارقة العجيبة وعندما تتعمق بالإسلام وتعاليمه السمحاء تجدهم لا صلة لهم بالإسلام الحقيقي وأعمالهم تتنافى مع الحديث الشريف عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{»كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ»}
.لهذا أصبحنا نغير على الإسلام من هذه الفئة الضالة حيث أننا نومن بان الإسلام هو دين الإنسانية والتسامح ونتعامل مع الإنسان بصفته إنساناً بغض النظر عن دينه آو عرقه.
وللأسف أصبحت المساجد مرتعا لإثارة الفتن والصراعات والتحريض ضد القوى ألخيرة قوى البناء والحداثة والتطور وإصدار فتوى التكفير لكل من يعارضهم ويقول كلمة حق .
والآن ونحن في مرحلة بناء بنيان الدولة وإصلاح حال المجتمع هل نستطيع القضاء على هذه البيئة الحاضنة في تحسين الحياة المعيشية للفرد وتوفير الحياة الكريمة للكل دون تمييز وإصلاح المناهج الدراسية لإرساء ثقافة دينية معتدلة ومحاربة التطرف بأنواعه والاستفادة من المساجد لما يخدم الأمة ولا يمزقها ويقربها لا يفرقها ويعطي حصانة لأبنائنا من الانجرار في النفق المظلم لهذه القوى وحث الإعلام على لعب دور فاعل ومحوري للقضاء على هذه البيئة والدور الرئيسي تتحمله الأجهزة الأمنية و الاستخباراتية التي لها تجربة وقد تعاملت في السابق مع هذه القوى وهي على علم بكل خباياها على كشف وتعرية قياداتها وعناصرها للعامة هذا أذا أردنا لوطننا العزيز العزة والكرامة والسمو ونصون دماء أبنائه وكوادره والله القادر على إن ينصرنا وهو على كل شيء قدير.