والقليل النادر منهم من تجده متفائلاً وعنده أمل ورجاء في نظرته للمستقبل وقادم الأيام. فإذا جلست في أي مقهى من المقاهي أو بوفيه من البوفيات فإنك تسمع حوارات ومشادات كلامية وأصوات عالية ومرتفعة تدور بين شخص أو شخصين أو ثلاثة يتحاورون أو يتجادلون في قضايا شتى ومتنوعة من أبرزها الواقع الراهن أو المشهد السياسي أو الأزمة التي مرت بها البلاد مؤخراً والمعاناة التي يعاني منها أي مواطن في أي مكان في بلادنا فتسمع المتشائم يجادل المتفائل قائلاً له: إني أرى حسيس جمر حار تحت رماد قد تأتي عليه ريح عاصفة فتبعثر رماده فتنكشف تلك الجمرات وتشتعل ويرتفع أوارها بفعل تلك الريح العاصفة فتحرق كل ما تجده يعترض طريقها من أخضر أو يابس. فرد عليه المتفائل: (فال الله ولا فالك) تفاءل خيراً الأمور ليست بنفس السوداوية التي تراها أيها المتشائم وأعلم بأن التطير والتشاؤم ليس من الدين ولا من العقيدة الصحيحة بل التطير والتشاؤم من عادات الجاهلية الأولى وهذا التطير هو ضد الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره. فأنا لي رأي يختلف عن رأيك وأرى بصيص ضوء أمل ورجاء في نهاية النفق وأن البلد ستخرج إلى بر الأمان بإذن الله تعالى. قال المتشائم: إنك إنسان مثالي وخيالي ورومانسي ياصديقي وبعيد عن الواقع المر والأليم ألا ترى معي أن الفوضى وعدم الاستقرار ما زالت هي السائدة في أماكن كثيرة ومناطق عديدة من ربوع السعيدة ألا تسمع عن محاولة اغتيال هنا وقتل هناك وانفجار هنا وحادث أليم هناك وانقطاع تيار كهربائي هنا وغاز ونفط وماء هناك وغياب الدولة هنا وافتقاد لتمثيل حكومي هناك.
وانتفاضة واحتجاج ومظاهرة هنا وعصيان وتمرد وقاعدة هناك..
فرد عليه المتفائل: على رسلك يارجل لقد ضخمت الأمور وبالغت فيها، الدنيا بخير.. ألا ترى معي أن مؤتمر الحوار الوطني الشامل يمضي ويسير سيراً حسناً وأن لجانه المتنوعة تعمل كخلايا النحل من أجل صنع مستقبل الوطن، وترى مؤسسة الرئاسة والحكومة تشرف وتراقب وتصدر القرارات المصيرية وأن لجنة هيكلة الجيش والأمن ماضية في طريقها المنشود وان لجنة معالجة الأراضي ولجنة المبعدين والمسرحين والمتقاعدين والمهمشين في المجال العسكري والأمني والمدني تسير جميعها بخطىً حثيثة وأن تطبيع الأمور وإعادة المياه إلى مجاريها تتحسن يوماً بعد يوم وتقام الندوات والمحاضرات وورش العمل والمجتمع يشارك كل هذه الفعاليات وينتظر نتائجها الإيجابية بشوق ولهفة لأن الناس قد ملت الوعود والأكاذيب وتريد الأمن والاستقرار والهدوء والاطمئنان على مستقبل أسرها وأبنائها وممتلكاتها ومستقبل الوطن والمواطن.