التغيير في سلوك البشر أمر مطلوب ومقبول،لا سيما إذا كان نحو الأفضل ، و قرن بالأخلاق الكريمة الحسنة فهو عنصر قوة للفرد والمجتمع .. و حركة التغيير سلوك بديهي وحضاري بالنسبة للفرد أو الجماعة .. فالماء الراكد يفسده السكون والركود .. لكن التغير بالنسبة لبعض الناس يأخذ منحًى آخر وسلوكاً انتهازياً ممقوتاً ، فهم يمتهنون التسلق - غير المشروع - على حساب الآخرين ، وربما على حساب كرامتهم في بعض الأحايين ، فيكذبون وينافقون ويزايدون ويميلون مع الريح حيث تميل، يفعلون ذلك لا عن مبدأ و قناعة .. و إنما تحركهم المصالح والأهواء وحب الجاه والظهور و شهوة الزعامة و القيادة .. حتى و إن فات عصرهم.. وانتهت صلاحية تراخيصهم القديمة .. وكره الناس ظهورهم في مكان ليس مكانهم .. لأن ذلك يذكر الناس بتاريخ تعيس ..وماض مظلم مشوه ..وسجل حافل بالنكسات و المصائب والمنعطفات الخطرة التي دفع الناس من جرائها ثمناً باهظاً وما زالوا يدفعون بسبب الشطحات الفكرية لبعض هؤلاء الناس ممن كانوا قادة أو مسؤولين - فيما مضى - وما ترتب على ذلك من الصراعات السياسية و دوامة الخلافات التي تنتهي بتحكيم لغة السلاح و الاقتتال بين الأخوة الأعداء .. وخلاصة القول أن ( فئة ) من هؤلاء الناس تمتلك قدرات عجيبة على التلون ، والتكيف مع تقلبات الدهر وتغير الأحوال ..ترتدي القناع المناسب لكل مرحلة ، و تحسن التكلم بلغة كل عصر .. يتلونون تلون الحرباء .. وهم ( رجال المراحل ) كلها ، يتقدمون الصفوف ، ويزاحمون بالمناكب ما دام في الروح بقية من حياة .. و برغم تجرعهم لمرارة النكسات وذل الهزائم - المتكررة - فسرعان ما ينهضون من كبواتهم .. وينفضون الغبار عنهم ، و يتجاوزون المطبات والحواجز .. ثم لا تلبث أن تراهم - على حين غفلة من الزمن - و قد تسلقوا سلم ( المسؤولية ) و( الوجاهة ) فتجدهم قادةً و مسؤولين أو أعياناً و(شيوخ قبائل) ، ودعاة (عدالة ) أو ( حقوق إنسان) أو كتاباً و (محللين سياسيين ) أو قادة ميدانيين في ( الثورة) أو ( الحراك) و مسميات أخرى كثيرة و مذاهب شتى .. نفس الوجوه القديمة ( المحترقة ) تعود - فجأة- إلى ( القمة ) .. و تتصدر المحافل وتتقدم القوافل - لكن - بعد إجراء وعمل ( جراحة تجميل ) ضرورية تناسب الدور الجديد .. فلا كلل و لا ملل ولا يأس يقعدهم عن البحث - بشتى الوسائل والأساليب - عن المصالح والمنافع في كل الاتجاهات - وإن تعددت أو اختلفت - وفي كل المواقع ( الوضيعة أو الرفيعة ) ، فيعدون لكل زمن عدته .. ولكل مقام مقاله .. ولكل دور لباسه ولونه المناسب .. وتراهم يهتمون بكل جزئية و لو كانت صغيرة ما عدا شيئاً واحداً قد أهالوا عليه التراب منذ زمن بعيد .. و حذفوه من قاموس حياتهم ، و تعاملهم اليومي مع الناس ،ألا وهو(الحياء)..وقد قيل : (( إذا لم تستح فاصنعْ ما شئت )).
|
آراء
الحرباوات
أخبار متعلقة