(14 اكتوبر ) تتجول في مدينتي زنجبار وجعار وترصد فاتورة الحرب الباهظة
ملف أعده/ عادل خدشي - وائل القباطي تصوير/ عبدالقادر بن عبدالقادرنقطتان للجيش ونقطتان أخريان للجان الشعبية على طول الطريق الرابط بين عدن وأبين بطول 90 كم، نقطة العلم أول موقع عسكري يصادفك وأنت في طريقك إلى أبين بعد مغادرة منطقة العريش بعدن شرقا . طقمان عسكريان ومدرعة ودبابة هي قوام القوات المرابطة في العلم، مرت بعثة (14 أكتوبر) مصحوبة بابتسامات الجنود التي ارتسمت أمام عدسات الكاميرا رغم شحوب وجوههم التي أرقتها معارك الأيام الأخيرة.غادرنا العلم برفقة عدد من السيارات الخاصة وحافلات الأجرة معظمها تكتظ بالأسر العائدة من نزوحها في مدينة عدن . على الخط المعاكس كانت الحركة شبه معقولة أيضا وان كانت الشاحنات هي الأغلب والحركة على خط عدن أبين شبه الطبيعية منحتنا مزيدا من الطمأنينة والتفاؤل باستتباب الأوضاع وعودة الحياة إلى طبيعتها وهو ما لمسناه لاحقا في مدينة جعار بعكس زنجبار التي بدت لنا مدينة أشباح.بعد العلم تأتي منطقة دوفس، الوادي الذي شهد معارك طاحنة بين الجيش ومسلحي القاعدة وارتوى بدماء قتلى الطرفين لكنه ظل عصيا على السقوط. بقايا المعارك مازالت ماثلة للعيان، فمعظم أعمدة الإنارة الكهربائية دمرت وما تبقى من مواقع يشبه شبكة الصيد إلى حد كبير، من خلف الكثبان الرملية الضخمة ظهرت ثكنات الجنود ورؤوس الدبابات والمصفحات وكأن الحرب لم تنته بعد.[c1]جهود لمكافحة الألغام[/c]أول ما صادفنا بعد خروجنا من دوفس هو فرق نزع الألغام، كان خبراء المتفجرات يمشطون جانبي الخط العام بحثا عن ألغام زرعها (أنصار الشر) ، فقد أودت بحياة شخصين من أسرة واحدة في منطقة الكود منتصف الأسبوع الماضي بالإضافة إلى حالات إصابات متفرقة في أكثر من منطقة حيث يتوقع زرع القاعدة مئات الألغام قبل فرارهم من مدينتي جعار وزنجبار.العقيد سعيد مشعل قائد الفريق الهندسي الذي يقوم بمكافحة الألغام في محافظة أبين في الطريق المؤدي إلى منطقة الكود (دوفس).. قال: إن في محافظة أبين العديد من الألغام التي زرعت في كل مكان ولا تستثنى منها أي منطقة.. ويزداد عدد الضحايا من العسكريين والمدنيين بسبب الألغام المصنوعة محليـاً.وأكد العقيد سعيد مشعل أننا ما زلنا نقوم بتصفية بقية الألغام المزروعة على أرض أبين ، بتصفية الكارثة التي حلت بالمحافظة، إذ لا يوجد رقم يحدد عدد الألغام، ولكننا قمنا بتفجيرها قبل يومين من قبل فريق العمل الهندسي المكون من 4 فرق عسكرية و6 فرق مسح فني.مضيفا: معظم مناطق المحافظة مزروعة بالألغام وخصوصا زنجبار وما حواليها في مناطق: باجدار وحصن شداد وغيرهما لكننا نعمل جاهدين على تخليص المحافظة منها.[c1]مأساة الكود[/c]أبشع مناظر الدمار صادفتنا في منطقة الكود القرية الواقعة في مدخل مدينة زنجبار والتي دفعت ثمن موقعها باهظا وفيها دارت رحى المعارك طوال الفترة الماضية .. منازل القرية المتواضعة ذات الدور الواحد في الأغلب والمتقاربة تحولت إلى أطلال.. القصف لم يستثن بيتاً في المنطقة، ناهيك عن تدمير منازل بالكامل وبالكاد صادفنا عدداً من المواطنين ليسردوا للقراء تفاصيل مأساة الكود في عدد لاحق.[c1]البحث عن المانجو[/c]عندما اقتربنا من مدخل مدينة زنجبار كانت صورة أشجار المانجو والموز الكثيفة على جانبي الخط مازالت عالقة بذهني منذ زيارة سابقة قبل عامين تقريبا، تنفست الصعداء من بعيد كان ثمة حفنة وارفة على جانبي الخط لكن عندما اقتربت أدركنا فداحة الضرر الذي تعرض له الجانب الزراعي الإنتاجي في المحافظة خلال الأحداث، لم نجد كميات المانجو والموز والباباي المتكدسة بجانبي الطريق كالمعتاد على مقربة من الخط.. كانت بقايا شتلات الموز وأشجار المانجو يابسة تساقطت أوراقها باستثناء مساحات بسيطة حافظ عليها أصحابها بشق الأنفس.[c1]إتلاف (70) بالمائة من المزارع[/c]بحسب جمال علوي مالك مزرعة فإن أضرارا كبيرة لحقت بالمزروعات نتيجة إغلاق الطرق وصعوبة نقل مادة الديزل وتوفير المياه وهو ما أدى إلى إتلاف المزارع، ناهيك عن الدمار الذي خلفته الاشتباكات وأدى إلى إحراق بعض المزارع بالكامل وكذا عدم توفر أيد عاملة نتيجة لنزوح معظم السكان. يؤكد جمال أن: 70 بالمائة من مزارع ( الموز والمانجا والعمبه) تلفت أثناء الحرب الظالمة، وأسعار الديزل ارتفعت، مشاريع الآبار وهمية، بأكثر من (6 ملايين دولار أمريكي)، وإذا حاولنا وضع خطة لهذه الآبار لوجدنا أن الكلفة أقل بكثير من هذا المبلغ الخيالي.[c1]مزارع يتساءل بمرارة: أيش ذنبنا؟[/c]منذ 10 أيام فقط استأنف علي أحمد حميضة العمل في إحدى المزارع في منطقة الكود قرب زنجبار، يقول: بدأنا العمل قبل عشرة أيام، والخوف والهلع ينتابنا واليوم بدأت الأمور تتحسن، ولما عدنا إلى ديارنا وجدنا بيوتنا منهوبة وأكثرها مدمرة، نريد كهرباء وماء ومدارس، أيش ذنبنا نتعاقب بسببهم- عناصر القاعدة الإرهابيين- هم لا يهمهم سوى القتل والنهب خربوا كل شيء.وأضاف بمرارة: شوف الدمار الذي لحق بأبين .. البيوت والمزارع وكل مكان .. المجرمون أدخلونا بحرب باطلة أحرقت الأخضر واليابس.[c1]حضور اللجان الشعبية[/c]بمحاذاة منطقة الكود صادفنا أول نقطة للجان الشعبية مكونة من شخصين مسلحين فقط وبرميل وعلم الجمهورية اليمنية يرفرف عاليا، اكتفيا بالإشارة لنا ومرقنا، كان ينتظرنا الكثير من المقابلات وتتلهف عدساتنا لرصد كل المفاجآت وقبل ولوجنا الى الجسر الواقع في مدخل زنجبار كانت لجنة شعبية أخرى تنصب نقطة ويرتص فيها أكثر من 10 مسلحين وعلى جانبي الخط عدد من المواطنين والأسر بانتظار وسيلة نقل تقلهم وهو ما حفزنا للنزول والاستماع لأفراد النقطة والمواطنين.[c1]المحوري: قتال القاعدة واجب[/c]يقف صالح المحوري 18 عاماً في أول نقطة للجان الشعبية في مدخل مدينة زنجبار، وكان احد الذين ساندوا القوات المسلحة والأمن في مواجهة العناصر الإرهابية ، يقول: القتال مع اللجان الشعبية كان واجبـا، واستطعنا مقاومة أولئك الخارجين على الإسلام ومنهم من قتلوا والبقية هربوا.منذ أسبوعين يقف صالح في النقطة ويقول أن الجيش هو من يزود النقطة بالغذاء والذخيرة رغم وجود نقص، وحول المهام التي يقومون بها في النقطة يضيف: نقوم بتفتيش السيارات بحثا عن العناصر المسلحة والتأكد مما إذا كان هناك عناصر تتبع لتنظيم القاعدة لنقوم بضبطها، لكن حتى الآن كل شيء تمام.