الشخصية التربوية أنور محمد محسن لـ 14 اكتوبر :
لقاء / فؤاد قائد عليمع تزايد الاهتمام بالتربية والتعليم كبوابة لبناء الأجيال وتنمية الأوطان وتحقيق التقدم والرخاء من خلال إعداد جيل متسلح بالعلم والمعرفة والقيم الفاضلة والولاء الوطني وثقافة التسامح والبناء ونبذ الغلو والتطرف وما يكتنف تلك العملية بالغة الأهمية من جدل حول مساراتها المختلفة والجوانب ذات الصلة بكافة تفاصيلها ودور الأسرة والمعلم والمدرسة في تحقيق الأهداف المرجوة منها خدمة للعلم والمعرفة وفي استقامة العملية التربوية والتعليمية في بلادنا بصورة أفضل وتجنيبها الشوائب والعوائق كان لـ (14 أكتوبر) إجراء هذا الحوار البناء والمهم مع الشخصية التربوية والتعليمية البارزة في محافظة عدن الأستاذ القدير أنور محمد محسن غالب الذي سلط الأضواء على جوانب مهمة تتعلق بالتربية وعلاقتها الأساسية بالتعليم والتقدم وما يتصل بهما من ارتباطات ووشائج كبوابة أساسية لتحقيق الرخاء والتطور والنماء وذلك في سياق الحوار الصحفي التالي : [c1]التعليم بوابة التقدم -ما هي البوابة الحقيقية لتطور المجتمع ؟[/c]- إن أهمية التربية وبناء الأجيال من القضايا الجوهرية ، وهي مسألة لم تعد اليوم محل جدل في أية منطقة من العالم، فالتجارب المعاصرة أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن بداية التقدم الحقيقي بل والوحيد هي التعليم، وإن كل الدول التي أحرزت شوطاً كبيراً في التقدم، تقدمت من بوابة الاهتمام بالتربية والتعليم، بل أن الدول المتقدمة تضع التربية والتعليم في أولوية برامجها وسياساتها، والكل يعرف أن أحد المؤشرات الرائعة التي تستخدمها الأمم الحية لقياس تطورها وتفوقها هو الاهتمام بتربية النشء وجودة التعليم. وأضاف أن بناء الأجيال لها عدة أطراف لا بد من أن تجتمع لتحقق هذا الهدف وهو إخراج الجيل الفريد، وهذه الأركان الأساسية التي تقوم عليها قضية تربية وبناء الأجيال، وإن اختل أحد هذه الأركان، أو ظهر القصور في أحدها أثر ذلك سلباً على عملية بناء وتربية الجيل ، وهذه الأطراف هي الأسرة والمدرسة والمعلم.[c1]أساس التربية - ما هو دور الأسرة ؟[/c]- إن الهدف من تربية الأجيال هو إخراج جيل واع ومتسلح بالمعرفة قادر على العطاء وخدمة وطنه ومجتمعه ، ونحن في هذا المقام لا بد من أن نتطرق إلى أركان التربية الثلاثة كي نتعرف على الواجبات المنوطة بكل ركن من هذه الأركان سعياً منا إلى أن نضع ولو شيئاً يسيراً في هذا الموضوع لننظر إلى الهدف المراد من هذا الموضوع.ونوه الأستاذ أنور محمد محسن بأن الأسرة هي اللبنة الأولى في التربية التي تقع عليها المسؤولية العظمى في بناء الأجيال وتخريجهم إلى الواقع ، ولهذا فإن الله تعالى أمر بأن يترحم العبد على والديه بسبب تربيتهما له فقال : (وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)وحين تربي الأسرة طفلها فإنها تشكل اتجاهاته وميوله وفق معايير معينة لتعينهم على تكوين النظرة السليمة للحياة ، وهذه التربية مقترنة بالتعليم الذي يصقل ملكات الأفراد ، وينمي مواهبهم بهدف تهذيب أخلاقهم، وإبعادهم عن كل طرق الانحراف، حتى إذا كبر ودخل إلى المحضن الثاني من محاضن التربية يكون قد ألمّ بأهم الأمور في حياته .[c1]علاقة وثيقة - ما دور المدرسة ؟[/c]- تقع على عاتق القائمين على العملية التربوية في المدارس مسؤولية كبيرة في تربية الأجيال، وبنائها بناءً صحيحاً ولا يكتمل دور المدرسة إلا بالتواصل مع المحضن الأول والأساس ألا وهو الأسرة ، فبالتواصل مع الأسرة توجد لنا عملية تكاملية في التربية والتعليم، ودور المدرسة مكمل لدور الأسرة والمدرسة تعمل على تأكيد المفاهيم الصحيحة التي تربى عليها الناشئة في الأسرة ، لأن دور المدرسة لا يقتصر على التعليم فقط بل هو أكبر من ذلك ، فدورها يشمل التربية والتعليم ، والتثقيف ، وتصحيح المفاهيم والأخطاء السائدة في المجتمع... إلخ ، كما أن دور المدرسة يتنوع بتنوع المراحل الدراسية التي يمر بها الطالب، وعلى المدرسة ممثلة في القائمين عليها والمدرسين فهم هذه النقطة ليسهل التعامل مع الطلبة، وفهم نفسياتهم، وميولهم. كما أن المدرسة في نظر الطالب تمثل القدوة والأسوة وهو ينهل منها بدون تفريق بين الغث والسمين فإذا علم القائمون هذه القضية فعليهم أن يكونوا قدوة حسنة متمثلين بالأخلاق الفاضلة والمعاملة الحسنة التي تجعل من المدرسة مكاناًً يحبه كل طالب ويتشوق إليه كل تلميذ.[c1]مسؤولية عظيمة - ما هو دور المعلم وما هي صفاته ؟[/c]- وأكد الأستاذ أنور محمد محسن ان المعلم هو الأب الثاني للطالب ، وهو المصدر الأول من مصادر تلقي الطالب العلم ، والأخلاق ، والمعاملات ، وغيرها من الأمور المهمة في حياة الطالب ، بل إن المدرس هو المربي الذي يستطيع أن يوجه سلوك الطالب سلباً أو إيجاباً لأنه قدوة يقتدي به الطالب في السلوك والأخلاقيات والتعامل ... إلخ، ولهذا فإن المدرس أو بالأصح المربي تقع عليه مسؤولية عظيمة في بناء الأجيال ومن اجل هذا كله ينبغي أن يكون المربي ذا صفات لا بد من توافرها فيه.[c1]العلم .. الحزم والحكمة - ماهي الصفات الواجب توفرها في المعلم ؟ [/c]واعتبر العلم سلاح وعدة المربي في عملية التربية فلابد أن يكون لديه قدر من العلم والثقافة العالية للواقع المعاصر الذي يفوق كل تخيلات الطالب حتى إذا أتى سؤال من الطالب عن شيء ما يستطيع المربي أن يجيب عليه ، أما المربي الذي تنحصر ثقافته في إطار معين أو أنه محدود الثقافة فإنه يحول بجهله بين تلامذته وبين العلم ، وأن يتعرف على المراحل التي يمر بها الطالب لأن كل مرحلة لها قدرات واستعدادات نفسية وجسدية ، وعلى حسب تلك القدرات يختار المربي وسائل زرع العقيدة والقيم وحماية الفطرة السليمة ، ولذا نجد اختلاف الوسائل التربوية بين الأطفال إذا اختلفت أعمارهم بل إن الاتفاق في العمر لا يعني تطابق الوسائل التربوية إذ يختلف باختلاف الطبائع. [c1]الحرص ليس الدلال- وماذا عن الحرص التربوي ؟[/c]- الحرص مفهوم تربوي غائب في حياة كثير من الأسر والمربين، فيظنون أن الحرص هو الدلال أو الخوف الزائد عن حده والملاحقة الدائمة ومباشرة جميع حاجات الطفل من دون الاعتماد عليه وتلبية جميع رغباته، فالأم التي تمنع ولدها من اللعب خوفاً عليه وتطعمه بيدها مع قدرته على الاعتماد على نفسه ، والأب الذي لا يكلف ولده بأي عمل بحجة أنه صغير كلاهما يفسده ويجعله اتكالياً، ضعيف الإرادة عديم التفكير، والدليل المشاهد هو الفرق الشاسع بين أبناء القرى والبوادي وبين أبناء المدينة ، والحرص الحقيقي المثمر هو إحساس متوقد يحمل المربي على تربية ولده وإن تكبد المشاق أو تألم لذلك الطفل.. ومع ذلك فلابد من المتابعة والملازمة لأن العملية التربوية مستمرة طويلة الأمد ، ولا يكفي فيها التوجيه العابر مهما كان خالصاً صحيحاً.[c1]قوام التربية- ما العلاقة بين الحزم والحكمة ؟ [/c]- إن الحزم هو قوام التربية ، والحازم هو الذي يضع الأمور في مواضعها، فلا يتساهل في حال تستوجب الشدة ولا يتشدد في حال تستوجب اللين والرفق ، وضابط الحزم هو أن يلزم المربي الطالب بما يحفظه، وأن يحول بينه وبين ما يضره في حياته ومستقبله.. أما الحكمة فهي وضع كل شيء في موضع، أو بمعنى آخر تحكيم العقل، وضبط الانفعال ، ولا يكفي أن يكون قادراً على ضبط الانفعال ، واتباع الأساليب التربوية الناجحة فحسب بل لابد من استقرار المنهج التربوي المتبع بين أفراد البيت من أم وأب، وجد وجدة، وإخوان، وبين البيت والمدرسة، والشارع وغيرها من الأماكن التي يرتادها لأن التناقض سيعرض الطفل لمشكلات نفسية وعلى هذا ينبغي تعاون الوالدين واتفاقهما على الأسلوب التربوي المناسب، وتعاونهما مع المربي في المدرسة حيث أن تلك بعض الصفات التي ينبغي أن تتوافر في المربي، وتكون من الأمور المهمة لديه، مشيرا إلى أن المدرسة لفظ شامل يشمل المدرسة، وكل الأماكن التي هي منهل للطالب ينهل منها العلم، والمعرفة، وعلى الأب وولي الأمر أن يحبب المدرسة إلى نفس الطفل، وأن يشعره بأنه في أمس الحاجة لهذا المكان.واختتم الأستاذ أنور محمد حديثه بالقول إنه حين يتوافر في الأمة، الأسرة الملتزمة بواجباتها، وتتوفر المدرسة الناجحة المنضبطة، وفوق كل هذا يأتي القدوة وهو المدرس الناجح، والمربي الذي يستطيع جذب التلاميذ والمتربين إليه (إلى المنهج لا إلى الشخص)، ويستطيع أن يجعل الطالب محباً للمدرسة، والأستاذ بدوره يقوم على محاربة الأخطاء التي تظهر على الطلاب، هنا نستطيع القول بأننا نبني جيلاً فريداً واعداً يمثل ثروة لوطنه ومجتمعه .