الأراضي المحتلة / وكالات :وافق الجمعة الماضية الذكرى الثلاثون لرحيل الشاعر الفلسطيني راشد حسين في غربته بالولايات المتحدة الأميركية، بعد احتراق شقته ليلا في ظروف غامضة ومريبة خلال أحد شهور 1976.وكان راشد حسين الذي ولد في قرية مصمص في المثلث الشمالي سنة 1936 وتلقى تعليمه في حيفا والناصرة وأم الفحم، قد بدأ يقرض الشعر في سن مبكرة وأصدر ديوانه الأول وهو في العشرين من عمره.وانضم لنشطاء "حركة الأرض" محرراً لنشرتها السياسية ومن ناشطي الحركة الشيوعية في الداخل، وقد تعرض للملاحقة والاضطهاد من قبل السلطات الإسرائيلية، وفصل من عمله كمدرس بعد عام واحد فقط من تعيينه.كما عمل محرراً لمجلات "الفجر" والمرصاد" و"المصوّر" قبل أن يغادر البلاد لأميركا عام 1966.وعرف راشد كمؤسس لشعر المقاومة الفلسطيني الملتزم في الداخل، وأصبح أحد رموزه لدى الجماهير التي حفظت قصائده وتغنت بها.وكان الآلاف من أبناء شعبه من جهتي الخط الأخضر قد شاركوا في تشييع جثمانه في مسقط رأسه مصمص، التي رفعت على مدخلها لافتات مهيبة تقول "الوطن يرحب بابنه العائد"! و"راشد يرحب بضيوفه الكرام".ودعا الشاعر سميح القاسم إلى تكريم الراحل بشكل مميز واقترح تسمية قريته "الراشدية" أو إطلاق اسمه على شارع وادي عارة.وقال القاسم إن راشد حسين هو مؤسس لمرحلة مهمة من مراحل الشعر العربي في فلسطين، لافتا إلى أن قصيدته قدمت مناخ المواجهة الفلسطينية الصهيونية على الصعيد الشعري، وأضاف "أقصد المواجهة الحياتية اليومية بحكم تورطه في الحياة المشتركة بشكل قوي وعميق".وأوضح القاسم أن اغتراب راشد حسين أبعده عن بؤرة الحدث لكنه تحول إلى قصيدة حزينة ومؤثرة جدا، منوها بأن الحالة الشعرية رافقته في المنفى بقوة، "فلم يستعر مناخا شعريا جديدا بل اصطحب مناخه الشعري وحافظ عليه".وحول تميز تجربته الشعرية قال القاسم إن قصيدة راشد حملت وجعا استثنائيا وتوقع أن يأتي زمن يقوم فيه النقاد بمعاينة تجربة راشد بقراءة جديدة تلقي الضوء على مواقفه الوطنية والقومية والإنسانية الراقية.وأشار إلى أن راشد حسين "لم يجامل المناخ الغوغائي الدهمائي فاحترم قصيدته ووعيه وموقفه وعروبته وإسلامه وفلسطينيته وأمميته، رافضا العنصرية رفضا قاطعا، ولديّ على الأقل أصبحت مفاهيمه الإنسانية وسيلة استفيد منها وأدافع بها عن الأمة في العالم، حيث أقدم راشد نموذجا للقصيدة وللروح الشعرية التقدمية والأممية في الشعر العربي". وأضاف "ومع ذلك ألفت لضرورة رؤية تفاوت الظروف فرحيل راشد ليس كرحيل محمود وينبغي التنبه للتفاصيل".وذكر أن هذه مسألة رؤيوية تاريخية بعيدة المدى "وأنا مع الرؤية عابرة القارات والأزمنة".ودعا القاسم إلى إنصاف تجربة راشد عبر دراسة جديدة لشعره تركز على خصائص نتاجه الاستثنائي.وكان الكاتب اللبناني إلياس خوري استذكر رحيل راشد حسين فقال في مقاله "أعراب النهاية" إن الشاعر الفلسطيني الذي مات محترقا بسيجارته المشتعلة في شقته النيويوركية، لم يعد إلى وطنه، مات غريبا ووحيدا.ويضيف خوري "طيف راشد حسين يقترب من طيف محمد الماغوط. شاعران كتبا النهاية بجسديهما. الأول احترق والثاني تورّم فيه القهر والانحلال. الأول لم يعد إلى وطنه، والثاني لم يعد وطنه إليه. حكاية واحدة عن حرب تصنع الخراب. مثلما تحطم لبنان يجري تحطيم العراق اليوم. ويأتي يهوذا معلنا براءته من هذا الدم الذي لايزال يُسفك منذ ألفي عام".
|
ثقافة
30 عاما على رحيل الشاعر الفلسطيني راشد حسين في نيويورك
أخبار متعلقة