(30) نوفمبر .. شهادات حية يرويها شهود عيان:
عدن/عبدالعزيز بن بريك:ليس مثل أي يوم آخر، حيث غطى وهجه الآفاق. إنه يوم الاستقلال ..أطل بنوره في كل مكان في اليمن، في كل أحياء عدن في الشيخ عثمان، وكريتر، والتواهي، والمنصورة، وامتد إلى الحوطة،والحبيلين، وردفان، والضالع، ومودية،وعتق، وحضرموت، والمهرة، وكان هذا التاريخ يسجل بكل دقة وقائع هذا اليوم مثل عقارب الساعة واتزان هذا الكون.خرج هذا اليوم من رحم المعاناة والنضال .. رسم بأحرف من ضوء ونور نضالات شعبنا في نيل الاستقلال من براثن المستعمر الذي طمست أسطورته الدخانية من أنهم لم تغرب عنهم الشمس..ومن بين ثنايا الذئاب الحمر والعيون المكحلة بالعزيمة والإصرار والكفاح المسلح ذابت خيوط تلك الشمس يوم الـ(30) من نوفمبر من ذاكرة المستعمر والتصقت ذاكرة أخرى هي عظمة ونضال هؤلاء الذين قال عنهم أحد القادة العسكريين من جنود الاستعمار البريطاني ( إنهم لا ينكسرون أبداً أنهم يناضلون في قضية هي أساساً قضيتهم إنهم ذوذوو عزيمة فولاذية ولهذا فهم بحق يستحقون الاستقلال).كل هذه الوقائع الحية التي سطرها أبناء شعبنا في عموم اليمن جنوبه وشماله حين التحم الثوار من عموم الوطن دون قيود أو حواجز تفصلهم حيث استمد الثوار عزيمتهم من هذه الملاحم الوحدوية انطلقت مرحلة الكفاح المسلح لتستمر (4) سنوات حيث توجت بالاستقلال الوطني الناجز. ولمعرفة الوقائع الحية ليوم الاستقلال التقينا بعدد ممن شاركوا وأسهموا في انبلاج يوم الاستقلال الوطني لقراءة ما بذاكرتهم في التالي:-يقول/ أحمد حسين قعطبي – إن يوم الثلاثين من نوفمبر 1967م يعد بالنسبة لنا نحن الذين عايشنا أحداثه أولاً بأول أحد الحقائق التي لا بد وأن تبرز في روزنامة التاريخ باعتبار أولى بدايات التحرر تبدأ من صنع الاستقلال الذي صنعه الشهداء والمناضلون من عموم الوطن ونحن نشاهد نزول العلم البريطاني وارتفاع علم جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.وخرج الناس حينها ونحن من سكان مدينة عدن إلى الشوارع نغني ونرقص ونحمل الأعلام ونضيء الشوارع بالقناديل وإحراق الإطارات المشتعلة على رؤوس جبال شمسان معلنين عن بدء البناء والتنمية على يد أبناء الوطن.[c1]قاعدة هامة لملاحم النضال[/c]فيما قال سالم محمد بلفقيه من القطاع الطلابي في مدينة عدن: إن يوم الاستقلال كان بمثابة عصارة نضال وجهد كبير شاركنا بصنعه نحن والمناضلون من أبناء شعبنا وسطَّرنا الملاحم كلٍ في جبهته النضالية التي يناضل فيها.. ونحن كقطاع طلابي أسهمنا في النضال عبر عدة وسائل وقمنا بتأطير العديد من الطلاب في الخلايا الفدائية أسهم هؤلاء الطلاب في قيام الإضرابات والمظاهرات والمسيرات المنددة بالاستعمار البريطاني وكان الطلاب يشكلون القاعدة المهمة لملاحم النضال مع بقية المناضلين،وهناك وقائع حية وكبيرة شاركنا فيها وكنا بالفعل نناضل من أجل خروج المستعمر لأننا تشبعنا بالهم الوطني والقومي وزرع فينا المناضلون هذه الصفات.[c1]النساء ودورهن في إخفاء الأسلحة والمنشورات[/c]وتقول سعاد العولقي من النساء اللاتي كن يسهمن في مساعدة المناضلين والثوار في الشيخ عثمان بقيامهن بإخفاء الأسلحة ( إن مرحلة الاستعمار كانت صعبة لنا وحقيقة أنني أسهمت دون أن أكون أو أقول أنني مناضلة.. ولكن سأترك الآخرين يتحدثون عن جهودي. وحتى الآن لم يعلم الكثير أنني كان لي دور أقول عنه بسيط في مساعدة بعض الثوار الذين كانوا يقومون بالعمليات العسكرية وأنني كنت أخبئ إلى منزلي المنشورات والأسلحة حتى يأتوا ولكي يأخذوها ويبدؤوا العمليات الفدائية، وهذا غيض من فيض مما كنت أقوم به في سبيل نصرة الفدائيين من كل القوى دون استثناء).وقالت سعاد العولقي إن يوم الاستقلال كان بمثابة عرس لكل أبناء الوطن شماله وجنوبه وهذا ما ترجمته تلك الروح الكبيرة التي تحلى بها الثوار وهم يرون شمس يوم الاستقلال ساطعة سطوع الشمس.ويشير عبدالله مهدي ناصر (65) عاماً أحد المناضلين في جبهة عدن والذين أسهموا في صنع الاستقلال ( إن يوم الاستقلال كنا في لحظة فرح لا تنسى لإننا رأينا شمس ذلك اليوم قد سطعت لأبنائنا وأجيالنا من أجل أن يحيوا حياة كريمة وسعيدة، وأنه بالرغم من الصعوبات التي واجهناها ونحن نخوض النضال من أجل الاستقلال . إلا أن حلاوتها يوم الاستقلال ورفع علم الجمهورية قد أذاب تلك الصعوبات وجعلتنا نحتفي بهذا اليوم الذي نعتبره يوماً غير عادي في حياتنا.[c1]حلاوة الاستقلال تذيب متاعب الكفاح المسلح[/c]فيما يؤكد أحمد سالم المهرامي ( 70) عاماً إن يوم الـ(30) من نوفمبر قد كان البداية الحقيقية لصنع طريق الحرية وها نحن قد شاركنا في هذا اليوم من خلال الابتهاج بما قمنا به من نضال ضد الاستعمار ورأينا القطاف لهذا الزرع بعد حياة صعبة وقاسية . ولكنها هانت بيوم الاستقلال الوطني.ويقول مبارك الصوري – (75) عاماً كان يوم الاستقلال يوم الـ(30) من نوفمبر انطلاقة حية لنا نحن اليمنيين وكان يوم (30) نوفمبر في مدينة المكلا وكم شاهدنا هذا اليوم وجميع المناطق في حضرموت قد تحررت ورحل الانجليز مكسورين وكان نضالنا بحق من أجل الاستقلال وطرد المستعمر الذي بقي في بلادنا (129) عاماً. وقد خرج في يوم ظهر أحمر حاملاً أمتعته وعتاده وقد انتزعنا الاستقلال عبر الكفاح المسلح الذي توج يوم الـ(30) نوفمبر.[c1]شجاعة الفدائيين وهلع الإنجليز[/c]ومن جانبه قال أحمد سالم طاهر ( بحق لنا في هذا المناسبة أن نتذكر عظمة الشهداء والمناضلين الذي أسهموا في صنع يوم الاستقلال وأن ننظر إلى تاريخ الثورة اليمنية بعين فاحصة دون مجاملة أو تحريف للحقائق، وحقيقية القول أن يوم الـ(30) من نوفمبر شمعة مضيئة في سماء اليمن أما بخصوص مشاهدتي يوم الـ(30) من نوفمبر 1967م فكنت أتذكر أحد الطلاب في مدرسة بلقيس بالشيخ عثمان وكنا نشارك في المسيرات التي نظمت يوم الاستقلال ونهتف للحرية وكنا نغنى بملء أفواهنا وكان كل من في سننا يهتف فرحاً هذا اليوم لأنه يوم ولد النضال من خلال سماعنا من أبائنا أو سماعنا للعمليات الفدائية التي كنا نراها ونحن صغار ونرى هلع الإنجليز من هؤلاء الفدائيين.ويؤكد عمر عبدالرحمن شهاب ما ذهب إليه زميله أحمد سالم من أن العمليات الفدائية كانت جريئة حتى أنهم شاهدوا مدى عزيمة الفدائيين وشجاعتهم وهم يؤدون عملياتهم بقلوب شجاعة وقوية.