نادرة عبد القدوسفي بداية ظهور الحركة المسرحية في بلادنا ، وتحديداً في مدينة عدن كأول مدينة عربية في الجزيرة والخليج تمارس فيها الحياة المدنية والحضرية ، لم يكن للمرأة دور على خشبة المسرح مثلها كمثل الكثير من البلدان العربية التي سادها الجهل والأمية عقوداً من الزمن ومنعت المرأة من التعليم والعمل وممارسة أي نشاط خارج البيت. . فكان عدد من الممثلين الذكور يقومون بتقمص دور المرأة لضرورة الموقف الدرامي على خشبة المسرح الذي بدأ في المدرسة حتى بداية الستينيات حين شهدت تلك الفترة إسهام المرأة في الدراما المسرحية والتلفزيونية بعد ظهور التلفزيون في عدن عام1964م. وكانت الإذاعة سباقة في نقل صوت المرأة المذيعة والمطربة والممثلة بعد تأسيسها عام 1954م في عدن أيضاً . وكان برنامج ربات البيوت أول البرامج الذي أسهم في تقديم المرأة عبر الإذاعة المسموعة كمقدمة ومعدة للبرنامج وكممثلة فيه ثم جاءت برامج الأطفال وبعدها حلقات عامر ورحمة كشكل من أشكال الرسائل الإعلامية القصيرة التي تقدم بشكل تمثيلي تهدف إلى تقديم النصح والنقد لبعض الظواهر الاجتماعية . وكان هناك برنامج ما يطلبه المستمعون وغيرها من البرامج التي تواترت فيما بعد في الإذاعتين المرئية والمسموعة .. وحين فتحت أبواب العمل للمرأة في الإذاعة كانت أولى الموظفات فيها كضابطة صوت الإعلامية أسمهان بيحاني التي تُعد أول من قامت بالتمثيل الإذاعي في فقرات تمثيلية تتخلل برنامج ربات البيوت الذي كانت تعده وتقدمه مع عدد من المتطوعات الإعلامية الراحلة ماهية نجيب وهي التي جاءت بأسمهان إلى الإذاعة وغيرها من المذيعات الأوائل كعديله بيومي وفوزية عمر وصفية لقمان وعزيزة الحمزي وغيرهن . إلا أن ظهور المرأة في المسرح أو في الإذاعتين المسموعة والمرئية لم يحد من استمرارية الرجل في لعب دور المرأة في الدراما اليمنية .. وكانت برزت في منتصف الستينيات حتى أواخر السبعينيات وجوه نسائية لاقت الشهرة الرفيعة في بلادنا مثل نجلاء شمسان ونور الهدى ونرجس عباد والكثيرات غيرهن .. ومن الذكور الذين برزوا في تقمص دور المرأة في الدراما اليمنية الفنان الكوميدي محمد عبد الله عمير من فرقة المصافي التي ارتبط المشاهد اليمني بها ارتباطاً وثيقاً بسبب الفنان العُمير ، وكان المشاهد اليمني ينتظر أمام جهاز التلفزيون مساء كل خميس ينتظر إطلالة فرقة المصافي الكوميدية والمواقف الضاحكة من ممثليها وبالذات العمير .. وكذلك الحال بالنسبة للمسرح حيث ظهر العديد من الممثلين الذكور الذين لعبوا دور المرأة منذ نشأة المسرح المدرسي في مدينة عدن . وفي الدراما العربية وتحديداً المصرية منها رغم كسر المرأة الجدار العازل بينها وبين النشاطات الثقافية والفكرية والاجتماعية وبروز أسماء نسائية عديدة في المسرح والسينما والتلفزيون فيما بعد كفاطمة رشدي وفاطمة اليوسف وفردوس محمد ونادرة ودولت أبيض وغيرهن إلا أن الرجل ظل أيضاً في كثير من المواقف الدرامية يلعب دور المرأة لإثارة الضحك . وإذا كان الممثل اليمني تقمص دور المرأة في المسرح أو التلفزيون كضرورة درامية لعدم وجود المرأة الممثلة في بداية نشوء المسرح والتلفزيون في البلاد باستثناء الفنان العمُير ، فإن في الدراما المصرية عكس ذلك ، حيث كان النجم الكوميدي يظهر بصورة المرأة لإثارة الضحك والترفيه عن الناس. ومن الفنانين الكوميديين الذين ظهروا بصورة المرأة إسماعيل ياسين وعبد المنعم إبراهيم وفؤاد المهندس وعادل إمام وسمير غانم وجورج سيدهم وأحمد بدير وهاني رمزي ومحمد سعد ومحمد هنيدي وشريف منير وغيرهم . وعموماً فإن تقمص الممثل لصورة المرأة لم تقف عند العرب فقط بل حتى عند الغربيين والأوربيين ففي السينما الهوليودية عام 1911 م بدأ فيلم " فوق الهضاب " بظهور الممثل الأمريكي كينج يوت في صورة امرأة.
|
ثقافة
الرجل في صورة المرأة في الدراما
أخبار متعلقة