فضاء
علي ياسينالديمقراطية هي نهج عظيم في الحياة لكن عظمتها تصبح قاصرة ودون معنى عندما يتعامل معها الناس انتقائياً وخصوصاً الناس الذين يشتغلون بالسياسة واليمن كغيرها من البلدان التي التزمت النهج الديمقراطي منذ عقدين من الزمن الا قليلاً وعندما نقول ان اليمن التزمت بالعمل وفقاً لهذا الخيار فنحن نعني انها اعلنت هذا الالتزام الذي لم يقتصر على السلطة وحدها وانما فعلت ذلك الاحزاب السياسية التي تقدم نفسها على انها احزاب معارضة غير ان اعلان النوايا وحده لا يكفي في هذا المجال فالنوايا لا يمكن لها ان تحل محل الافعال واذا نظر المرء بحياد الى مدى التزام السلطة والمعارضة بالنهج الديمقراطي فعلاً لا قولاً فانه يرى مثلاً ان احزاب المعارضة تمارس الديمقراطية كأوسع ما تكون الممارسة وتستخدم ادواتها الاعلامية كالصحف استخداماً لا حدود له والممارسة الديمقراطية المفرطة في صحف الاحزاب المعارضة تتجه دوماً وابداً ضد السلطة ومن اجل النيل منها ولا يسلم مفصل من مفاصل السلطة الكبيرة او الصغيرة من سهام النقد الديمقراطي الموجهة من صحف المعارضة لكن عندما يتعلق الامر بهذه الاحزاب وبادائها السياسي والديمقراطي فان الباب الديمقراطي الذي تفتحه ضد السلطة ينغلق تماماً في وجه أي نقد يوجه لهذه الاحزاب والسلوك السياسي لقياداتها الامر الذي يعني بكل بساطة ان هذه الاحزاب التي تدعى التزامها بالديمقراطية لا تمارس في حقيقة الامر غير الدجل الديمقراطي والابتزاز السياسي باسم الديمقراطية وحرية التعبير ان قراء الصحف اكثر الناس اطلاعاً على الزيف الديمقراطي الذي تنهجه أحزاب المعارضة فلم يحدث ابداً ان قامت صحيفة من صحف المعارضة بنقد رئيس او امين عام الحزب الذي تصدر عنه بل ان هذه الصحف لا تتناول بالنقد اداء وسلوك الهيئات الحزبية الاقل مرتبة من رئيس الحزب او امينة العام فكيف اذن تريد من الناس تصديق ادعائها الديمقراطي واحترامها لحرية الرأي والتعبير فالناس ليسوا جهلة الى الحد الذي تتصوره هذه الصحف فهم يدركون ان الاخطاء التي تعاني منها البلاد ليست وحيدة الابوين واذا كانت السلطة ترتكب الاخطاء الكبيرة او الصغيرة فان الحياة الحزبية الداخلية لاحزاب المعارضة تزدحم هي ايضاً بمثل هذه الاخطاء كبيرها وصغيرها ما يعني ويستوجب من صحفها ان لا تفتح عيناً وتغمض الاخرى إننا هنا لا ندافع عن السلطة ولا ندين المعارضة ما نتمناه حقاً ان يكون الجميع في مستوى الشعارات التي يعلنون التزامهم بها والمصداقية لن تحظى بها المعارضة لمجرد ان صحفها تنتقد السلطة ان المصداقية تحتاج اكثر من ذلك انها كما قلنا تحتاج الى ايمان حقيقي بالديمقراطية وتطبيقها على الذات اولاً اننا كمواطنين في هذا البلد نملك مطلق الحرية وكامل الحق في نقد السلطة بل واكثر من ذلك فاننا نعتقد ان على السلطة ان لا تغلق الباب امام الانتقادات الكبيرة والصغيرة الموجهة لها والمفروض ان تتيح نشر النقد في وسائل الاعلام الرسمية الحكومية فالوطن للجميع لكن وفي ذات الوقت فان الموقف الصادق للمعارضة اذا كانت صادقة حقاً هو في عدم قمع الاراء المخالفة لها والسماح بنشر هذه الاراء في صحافتها .. اما الكلام عن الديمقراطية وحرية التعبير فهو وحده لا يكفي .