في الذكرى الثانية والعشرين لاستشهاد أبي ظفر
بلقيس الربيعي ( أم ظفر )سهل جدا أن تقتل المرء أو أن تسجنه إلى الأبد في الأرض المظلمة الصامتة ، أما حين لا يعيش المرء لنفسه وحدها ، بل هو حوّل قواه الحيوية إلى أفعال وأفكار انتقلت إلى ضمائر الآخرين عندها لن يكون سهلا أن تعرف متى تعتبره ميتا !!..أبو ظفر لم يمت ، سيبقى كما هو نبعا صافيا ، نجما لا ينطفئ خالدا في قلوبنا وذاكرتنا على مر السنين لسوف يعيش في أولئك الذين يحلمون بقرنفلة حمراء وشمس ذهبية وتمر عراقي .كان( أبو ظفر) متفتح الأحاسيس ،عيناه مشرقتين ونظراته تلتهب ذكاءً وهو على الدوام يشرق سعادة ، متواضعا ، مهذباً في تعامله مع الآخرين وكل من تعرف عليه يحتفظ في ذاكرته تلك الصورة المشرقة للإنسان المثقف ذي الأخلاق السامية. لم ير الطبيب الذي ينتسب إلى شعلان أبي الجون مفجّر ثورة العشرين في السماوة والرميثة ، غاضبا أو محتدا ، حتى السياسة كان يترجمها حديثا لطيفا غاية في الوداعة .كان (أبو ظفر) يجمع إلى فضيلة العلم فضيلة التواضع الكبير ، وما أصعب أن يتواضع العلماء والمفكرين .لقد جسّد (ابو ظفر) نموذجا رائعا في عمله في اليمن ، وكم كان سعيدا عندما تطوع للعمل في محافظة شبوة عام1979، رغم الظروف القاسية التي كانت تعيشها تلك المحافظة والتي كان يصعب حتى على الأخوة اليمنيين أن يعملوا فيها .وبقيت فترة عمله في عتق ونصاب (المدينة التي تفتقر الى وجود طبيب وتطوع الشهيد ابو ظفر بالذهاب إليها يوما واحدا في الأسبوع لتقديم العلاج للمواطنين )بقيت محفورة في ضميره . وكثيرا ما كان يكتب لي بإعتزاز عن اليمن وشعبها الطيب . وقد نعته وزارة الصحة في 27.11.1984 وجاء في النعي "...لقد كان الدكتور أبو ظفر خير مثال يحتذى به ، حيث عمل دون كلل أو تردد جنبا الى جنب مع رفاقه اليمنيين في المؤسسات والمرافق الصحية من اجل مكافحة الأمراض وعلاج المرضى من المواطنين . لقد عرفت مؤسساتنا الصحية المختلفة سواء في المدن أو الريف الدكتور الشهيد أبو ظفر حيث قدمّ خدمات جليلة في مستشفى عتق في محافظة شبوة ومستشفيات أخرى وكان آخرها مستشفى الأطفال في المنصورة إن استشهاد الدكتور (أبو ظفر) يعتبر خسارة لكل العاملين في المجال الصحي . وسيظل المواطن اليمني يتذكر الخدمات الجليلة التي قدمها له أثناء حياته في جمهورية اليمن "إن ذكرياتي مع (أبو ظفر) محفورة في وجداني ،تشحن خاطري بحب الحياة ..أنا احسد نفسي لإقتراني بأبي ظفر حيث كنا في كل منعطفات الحياة اسعد زوجين واستطيع أن أقول إن ما تجذر في حياتنا من علاقات جميلة كانت نابعة من دفءٍ العلاقة بين روحينا ( اهن روحين صارن روح بروح ) ،فقد استطعنا بنكراننا لذاتنا أن نربط بين حبنا وقضايا شعبنا. كما كانت علاقته بطفليه ظفر ويسار رائعة ، مليئة بالحب والإخلاص وكانت انعكاسا أمينا لعلاقتنا وحبنا الذي أصبح سمفونية رائعة تجسد فيها الخير والوفاء ، الإخلاص والعطاء.ستبقى يا (أبا ظفر) حيا تعطي سعفات النخيل على ضفاف الفرات خضرة الصباح.