يا تلفزيون عدن
معروف سالم بامرحول:من المعروف أن التلفزيون وسيلة إعلامية تعتمد على الكاميرا، ويرتبط تكنيك الإخراج التلفزيوني ارتباطاً وثيقاً بطريقة عمل هذه الأداة الفنية الهامة، وبما أن الكاميرا تعتبر من الأسس اللازمة في الإخراج التلفزيوني فأن أية محاولة لفهم التلفزيون كوسيلة يجب أن يبدأ بالتعرف الشامل على الكاميرا التلفزيونية وكيفية تشغيلها وقبل أن نتناول تفاصيل التكنيك المرتبط مباشرة بالكاميرا التلفزيونية، فإنه من المفيد أن نرسم صورة عامة للمصور التلفزيوني، لذلك ينبغي التطرق إلى تفاصيل عامة أخرى ذات علاقة بالأجهزة والتكنيك التلفزيوني اللازم لتشغيلها، الأمر الذي يجب على المصور التلفزيوني المبدع والمؤهل أن يستوعبه كما يستدعي المخرج أن يكتسبه فالأعمال الفنية التلفزيونية الأخرى مثل : (ضبط الكاميرات، وتشغيل الميكرفون المتنقل، وضبط الصوت، وأعمال التنفيذ والفيديو..) كل هذه الأعمال الفنية لا يمكن وصفها واعتبارها هندسية لأن العاملين في هذه المجالات الفنية والإبداعية لا يتطلب منهم الإلمام بأكثر من طريقة تشغيل هذه الأجهزة وليس إصلاحها أو إعادة تصميمها، ولكنهم يقومون بتشغيلها فقط ويتطلب منهم المهارة والإتقان عند التشغيل وليس الاستيعاب الهندسي.إن العمل على الكاميرا التلفزيونية يعتبر عملاً إبداعياً خلاقاً، وهناك فرق هائل بين المصور التلفزيوني الجيد والمصور العادي، وتعتمد مقدرة المصور التلفزيوني على قرارات أساسية هامة معينة كما أنها ترجع إلى حد كبير إلى نظرته إلى العمل نفسه وهذا بدوره يرتبط ارتباطاً أساسياً بمركز المصور في إطار تنظيم العمل في محطة التلفزيون التي يعمل بها، ويمكن القول إن عمل المصور التلفزيوني هو عمل من جملة أعمال إبداعية تعرف بأعمال التشغيل إذا ما قورنت بالأعمال الهندسية المحضة، وتحرص جميع محطات البث التلفزيوني على توفير وسيلة الاتصال الصوتي بين المصورين والمخرج والمخرج المنفذ لضمان سرعة اتخاذ القرارات وتنفيذها بصورة إبداعية جذابة للمشاهدين، ومن أجل توفير نظام فريق عمل فني بمخرجين أثنين لمتابعة (البروفات) وانجاز الترتيبات الفنية الضرورية واللازمة لتسجيل أو بث البرنامج على الهواء مباشرة، ولإخراج البرنامج داخل الاستديو التلفزيوني أو أثناء العروض البرامجية الخارجية ونتيجة لذلك فقد لوحظ من قبل الكثير من المختصين والمهتمين بالعمل التلفزيوني وفنونه ومجالاته المختلفة إن نظام إعطاء التعليمات من قبل المخرج للمخرج المنفذ الذي يقوم فقط بعملية (النقلات أو التقطيع الالكتروني) تحت تعليمات المخرج يعطل القدرات والكفاءات الإبداعية لدى الفرد الذي يمكنه القيام بمساعدة المخرج في نفس الوقت، ويختلف الرأي حول مدى مسئولية المصور التلفزيوني وما إذا كان بالإمكان تخويله حق اختيار اللقطة المناسبة في الوقت المناسب ففي حالة أن عرض البرنامج التلفزيوني لن تكون له (بروفات) فإن المصور التلفزيوني يسمح له فقط اقتناص واصطياد اللقطات الجميلة المناسبة التي تخلق حالة من الارتياح والإعجاب لدى المشاهدين، عندما لا تكون (كاميرته) على الهواء فقد يلاحظ مخرج البرنامج أن المصور قد اختار لقطة غير مناسبة فيقول له مثلاً : ( هذه ليست اللقطة التي أريدها منك..) وإذا نالت اللقطة إعجاب واستحسان المخرج فيقول مخاطباً المصور :-(رائع هذه اللقطة جميلة، أثبت عليها سوف نعود لها..) أو أن يقوم مخرج البرنامج سريعاً باختيارها وإظهارها للمشاهدين إذا كان عرض البرنامج على الهواء مباشرة، وعلى النقيض من ذلك فعندما تكون الكاميرا التلفزيونية التي يقف خلفها المصور على الهواء فإن المصور لا يقوم بأية حركة عدا في الحالات الواضحة وذلك إذا لم يستلم توجيهات مخرج البرنامج إلا أن الكثير من محطات التلفزيون تحرص على إتاحة حرية أكبر ومسئولية أكثر للمصورين المؤهلين من ذوي الخبرة المهنية والفنية والإبداعية، أما في حالات العروض البرامجية التلفزيونية التي يصاحبها تقديم وقراءة نصوص مكتوبة من قبل مذيع أو مذيعة أو تلك البرامج التي تحتاج إلى عمل (بروفات) فعادة ما توفر للمصورين إشارات من غرفة الإخراج لتذكيرهم باللقطات التالية المطلوبة والمتفق عليها عندما لا تكون كاميراتهم على الهواء، وفي أحايين كثيرة نجد أن المصورين التلفزيونيين المتمرسين كثيراً ما يعارضون هذه الطريقة إلا أنهم رغم ذلك يجدون أن عليهم أن يحصلوا على اللقطات نفسها التي اتفقوا عليها وحدودها سلفاً بعد موافقة المخرج أثناء (البروفات) وليس مجرد استعمال عدسة معينة أو وضع معين للكاميرا ونظراً إلى أن حركات الممثلين أو مقدمي البرامج قد يغيرون مواقعهم ويتحركون من موقع إلى آخر داخل الاستديو أو خارجه فإنهم - أي المصورين - قد يجدون أن رغم وضعهم للكاميرات التلفزيونية في زواياها وأوضاعها الثابتة والصحيحة واستعمالهم لعدسات متغيرة إلا أن اللقطة الجميلة ذات الأبعاد والتعابير المختلفة والتي تخلق إيحاء نفسياً مريحاً لدى المشاهدين ومناسبة للبرنامج يفاجئون بأن المخرج لم يلتقطها كما كانوا يأملون.