أمين عام جمعية ( نبض الحياة ) لـ ( 14 اكتوبر ) :
لقاء / أفراح صالح محمدالتعايش مع أي مرض قضية نجهل كيف ننفذها إذا ما أصابنا داء ما، فكيف بأولئك المصابين بفيروس الإيدز الفتاك ، ومع ذلك أستطاع حتى الآن، أن يتعايش معه حوالي سبعون مريضاً هم أعضاء جمعية نبض الحياة، وستة منهم يقودونهم كهيئة إدارية .. فهل يعي المجتمع شجاعة هؤلاء ، وهل يمكن تفهم حاجتهم إليه ؟؟جمعية نبض الحياة تدعو للتعايش التقت صحيفة 14 أكتوبر بالدكتورة رجاء أحمد علي مسعد أخصائية تخدير وإنعاش، بكلية الطب جامعة عدن وأستاذ مشارك ، وهي أمين عام جمعية نبض الحياة ، لمعرفة كيف يمكن التعايش مع الايدز ، فقالت : « أسسنا جمعية أسمها (جمعية نبض الحياة) لمكافحة الايدز عن طريق التوعية بمخاطر الإصابة به ، لكن جمعيتنا هذه تميزت عن بقية الجمعيات الساعية إلى مكافحة الإيدز، والذي يميزها هو أن 60% من الهيئة الإدارية هم متعايشون مع الإيدز، فرئيس الجمعية متعايش ، ومعنى ( متعايش ) انه مصاب به. وقد اتفق عالمياً على هذه التسمية ( متعايش ) مع الايدز حتى تلغى عنه وصمة المرض وللتخفيف عنه وحتى لا تجرح مشاعرهم. وجمعيتنا هي جمعية متعايشين مع الايدز الذين نريد أن نعيد لهم نبض الحياة فأطلقن عليها اسم جمعية نبض الحياة .والأمر الثاني الذي يمز الجمعية هو أن القطاع الخاص هو المتبني فكرة تأسيسها فالأستاذ عبد الشماخ حامد هو الرئيس الفخري للجمعية وهو رجل أعمال ، وهو المتبني فكرة المساعدة في تأسيس هذه الجمعية من حيث الإمكانيات البسيطة والأولية.وعن اختيارها لأمانة عام الجمعية ، فأجابت : « لم يتم الاختيار علي، ولكني أنا التي كنت متحمسة لموضوع الإيدز، فلي صديقة وهي الدكتورة فوزية غرامة وهي منسقة الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز في اليمن ، وكنت أتابعها في نزولها للاجتماعات وإجراءها البحوث في هذا المجال وكنت رفيقة لها، فلمست عالم الايدز هذا من خلالها، ولهذا قررت الإسهام في هذا المجال من خلال تشكيل جمعية للتوعية بين أوساط المجتمع، وأهدافي هي أهداف الجمعية وتقوم على أساس توعية المجتمع وخفض معدل الإصابة بالإيدز كهدف عام ، لكن الهدف الخاص تعريف المتعايشين بأنه توجد مراكز تسعى إلى توفير العلاج والوقاية لهم ، وتكوين توعية خاصة بالمجتمع بأسره تدفعه بشكل طوعي إلى إجراء فحص الايدز .والاستهداف الأساسي كان لفئة الشباب، ولو لم نقم بتوعيتهم فلن نستطيع السيطرة عليهم وحمايتهم من هذا الفيروس. لهذا الأولوية للشباب ثم للفقراء حيث أن انتشار هذا المرض كبير بينهم.[c1]التوعية لمن ؟[/c]من وجهة نظرنا نرى أن التوعية مهمة للمثقفين أكثر من أي فئة أخرى في المجتمع ، فردت الدكتورة رجاء مؤكدة ذلك وقالت :» « نعم ، فهذه الفئة بحاجة فعلاً للتوعية من هذا الفيروس، لأنها الشريحة الأكثر ثقافة لكن أكثر جهلاً بالمسببات لهذا المرض .. أكبر شريحة في فشريحة الأطباء مثلاً هم أول ناس المفروض أن تكون التوعية لهم ومن خلالهم إذ لهم صوت مسموع، ولان الشخص المصاب يلجأ إليهم ، فيجب أن تكون للطبيب ثقافة بمرض الايدز .. وليس كل طبيب لديه مثل هذه الثقافة، ولهذا يجب توعيته حتى يعرف كيف يجيب ويشرح ويتصرف تجاه المرض مستخدماً أسلوب خاص لا يتسبب في انهيار المصاب بالايدز، لأن هذا المرض سيعيش مع المريض العمر كله، هذا إن عاش، لهذا يلزمنا توعية الأطباء، ثم المحامين ثم الصحفيين ورجال الدين والدين هم أصحاب صوت يتقبله المجتمع بلا جدال. لكن منظمة الصحة العالمية لا تفكر هكذا بل ترى أن التوعية يجب أن تكون لشريحة الضعفاء الفقراء.وحول التنسيق المعدوم بين المنظمات المكافحة للايدز ، قالت :» الآن حدث التوحيد للعمل معاً من خلال إعداد شبكة وطنية وهي (الشبكة اليمنية لمكافحة الايدز) وتأسست في 20 ديسمبر 2008م ، وتتكون من ( 3 ) جمعيات وهي جمعية ( نبض الحياة ) ، جمعية ( المرأة للتنمية المستديمة ) و( مركز الخدمات الاجتماعية الشاملة ) بالشيخ عثمان .. وهذه الشبكة جزء من ( الشبكة العالمية لمكافحة الايدز) .. ونحن أول شبكة في اليمن تأسيس لمكافحة الايدز.والشبكة العالمية للايدز لها الكثير من المهام، لكن التوعية هو الأهم لأننا فعلاً نفتقر إلى التوعية على مستوى العالم فهناك الكثير من الأخطاء والملابسات في مفهوم انتقال هذا المرض ، ثم نريد توفير إحصائيات بيانية حول خط انتشار المرض لأننا وحتى الآن ليس لدينا إحصائية دقيقة توضح نسبة المصابين به، فالظاهر والمسجل دولياً لا يعد الرقم الدقيق والنهائي، فمثلاً المرض في اليمن عددهم ( 2430 ) حالة لكن هذا غير معقول إذ يقال إن منظمة الصحة العالمية من المفروض أن تضرب هذا الرقم بعشرة (؟!) حتى نقول أن هذا الرقم صحيح .. لهذا لابد أن نكشف عن الحالات غير الظاهرة من خلال التوعية التي نتوقع منها أن تؤثر فيهم ليظهروا أنفسهم ويخرجوا من العزلة التي يعيشون فيها وتفرضها عليهم ظروف المرض مثل نبذ أهلهم والناس لهم خوفاً من العدوى منهم . نريد من المرضى أن يتقبلوا أنفسهم ومرضهم ويتعايشوا معه دون خوف وسط هذا المجتمع .. فلو سألنا المريض لماذا لجأت للعزلة، يرد: لأنه تم طردي من العمل عندما علموا بأمر إصابتي بالايدز .. كما يطرد من الأسرة لنفس السبب.والأسوأ من كذا أن القطاع الصحي يتعامل معه بقسوة على اعتبار أنه مريض خطر .. ولهذا يجب أن ننشر التوعية بين أوساط العاملين في قطاع الصحة حتى يدركوا أهمية تعاطفهم وقبول معالجتهم لمرضى الايدز، ويجب أن يقتنع هذا القطاع بأن مرض الايدز لا ينتقل باللمس ، كما كان يقال، بل عبر نقل الدم الملوث المباشر، أو عن طريق حليب الأم، أو الممارسة الجنسية غير الآمنة فقط.[c1]متى تأسست جمعيتكم؟[/c]فأجابت :” تأسست في 22 يوليو 2008م، ومازلنا في بداية عملنا ولا نستطيع أن نبدأ بمهمة الفحص والفحص الطوعي إلا بعد أن نقوم بتأسيس البيئة التحتية للجمعية أولاً علينا أن نبني قدرات الأعضاء، فمؤسسين الجمعية هم فئات مختلفة من المجتمع، وأكثرهم متعايشين لهذا بناء قدراتهم مهم ليتمكنوا من المواصلة في عمل الجمعية وإلا سنفشل، يجب أن تكون الهيئة الإدارية قادرة على مواكبة العمل،. أيضاً وبعد تأسيس الشبكة الوطنية تمكنا من أن نصبح ضمن الشبكة العالمية، وأصبح بالإمكان أن تتشكل جمعية أخرى غير حكومية لتدخل معنا ضمن شبكتنا (الأم) .واسترسلت :” في بداية تأسيسنا كنا نتلقى بعض الدورات من بعض المنظمات الدولية لبناء قدرات الهيئة الإدارة، وشارك فيها تقريباً، كل المتعايشين مع مرض الايدز ، عدة دورات .. لكن نحن عملنا لقاء بين المتعايشين في 23 ديسمبر 2008م (للمتعايشين الرجال فقط ثم بعدها للنساء فقط). وكان الغرض منه التعارف بين المتعايشين ، والتعرف على الجمعية، ثم الاختلاط بين المتعايشين أنفسهم بحيث نخلق بينهم الود عبر التواصل المباشر أثناء تواجدهم في الجمعية، أو عبر الهاتف . أردنا أن يصبحوا أصدقاء حتى يخرجوا من حالة العزلة ، والآن نلمس أننا استطعنا أن نكسر حاجز العزلة ، ونريد أن نخطو الخطوة الثانية وهي جمع الرجال والنساء مع بعض في لقاء شامل لتوسيع التعارف بينهم، لأن من بينهم زوج وزوجة، وهناك أصدقاء أيضاً، وهدفنا أن يصبحوا عائلة واحدة. فعندما يجلس المتعايشون في قاعة واحدة يأكلوا ويدردشوا مع بعض يخلق لهم جوهم ومجتمعهم الخاص بهم .. إلى أن يتقبلهم المجتمع ويخرجوا حينها إلى المحيط الأكبر .. هذه هي مأساتهم الكبيرة أنهم منبوذون من الكل، لكن على المجتمع أن يتعلم كيف يتقبلهم ويقبل بوجودهم بين أوساطه والعيش فيه حتى تأتي ساعتهم كأي إنسان متعافي .. ثم توقفت ، وقالت بحدة وحرقة :” إنهم بشر أيضاً ، لكن لدينا مسؤولين يرفضون إعطاء المتعايشين مع الايدز حقهم في العلاج، ويعزلوهم . أننا نريد من الوسط الصحي قيادة وعمال أن يتعاطفوا مع المتعايشين مع مرض الايدز رحمة ورأفة بهم .. لا رفض تقديم الخدمة لهم .ثم أن هناك مشروع من مجلس النواب يجيز معالجة مرضى الايدز مثلهم مثل أي مرضى كانوا، وعلى الطبيب أن يأخذ احتياطاته ، والحقائق اليوم أثبتت أن طرق انتقال الفيروس ثلاثة فقط (نقل الدم الملوث، الممارسة الجنسية غير الآمنة وحليب الأم) حتى موس الحلاقة ينقل المرض لو كان من مريض إلى مريض وفي نفس اللحظة والدقيقة (وعاد الدم فيه طازج) فالفيروس يموت خلال ثواني، حتى المشاركة في حمامات السباحة أو الأكل من ذات الوعاء أو تبادل الملابس كل هذا لا ينقل فيروس الايدز..”[c1]المتعايش يحتاج للعمل[/c]وأضافت :» لان شريحة المصابين هم أفقر الأفراد، فأن من أهدافنا وكجمعية أن نخلق لهم فرص عمل لأنهم بلا عمل، ونحاول التنسيق مع مكتب الشؤون الاجتماعية بأن يوفروا لنا بعض فرص العمل، كما أن القطاع الخاص يحاول مساعدتنا ببعض الأشياء مثل الأدوية الشهرية التي يتناولها المتعايشون ، والمفروض أن يستمروا في تناولها طوال العمر، المضادات الحيوية والفيتامينات والخافضة للحرارة، أيضاً إسهامات بعض المؤسسات ومنحنا مواد غذائية . نحن كجمعية لم نلمس من أي جهة خاصة أخرى دعم، ومازلنا حتى الآن نعمل بمجهود ذاتي، فالناس محتاجة أن تفهم ظروف مريض الايدز لكنهم ليسوا مقتنعين بأن يساعدوا (يقول البعض هل تريدونا أيضاً أن اصرف عليهم؟ يستأهلوا الذي جرى لهم ) وهذا خطأ لان الناس عندهم انطباع أن المصاب بالايدز إنسان سيء السلوك وإصابته بالايدز عن طريق ممارسة غير شرعية، لكن لا يفكر أنه يمكن أن يكون المصاب أنتقل إليه الفيروس عن طريق نقل الدم الخطأ، أو عن طريق الزواج الشرعي بمهاجرين يمنيين خارج الوطن أيضاً.وكيف تتصرفون مع هؤلاء المطرودين من أعمالهم وأسرهم؟ سألناها ، فقالت :» نحاول أن نقدم لهم الدعم النفسي ، حيث يلتقوا بأطباء نفسيين ، لكن هذا لا يكفي لان المتعايش مريض ويائس من الحياة فهو بلا أكل ولا شرب ولا مكان يأويه ولا أسرة تحضنه ولا مجتمع يتقبله، هو إنسان منهار نفسياً وبدنياً فما العمل؟ إذاً لا يوجد سوى التوعية سلاح لنقدمه لهم مؤقتاً ، ونحن بحسب ما نقدر نساعدهم .. لقد تقدمنا خطوات كبيرة ، ففي البداية كان لدينا ستة متعايشين أسسنا معهم الجمعية، ثم بالإلحاح بين أوساط الشريحة المتعلمة منهم ، عرفوا أن غرضي مساعدتهم ليعيشوا ويتعلموا ويتخرجوا غداً من الجامعة، أو من الثانوية أو يعودوا إلى أعمالهم ولن يتحقق ذلك إلا إذا توعوا بشكل صحيح حول الحالة التي هم فيها ، والتوعية هذه نريد منها أن تجعلهم أناس قادرين على مواجهة المجتمع والتكلم بشجاعة حول إصابتهم بالايدز وحتى لا يخاف منهم الغير من الناس..وأوضحت أن في عضوية جمعية ( نبض الحياة ) أكثر من سبعين متعايش ، لكن المسجلين رسمياً لدينا ويأخذوا العلاج وهم من عدن والمحافظات صنعاء، الحديدة، تعز، حضرموت وغيرها) عن طريق التواصل بين الجمعيات المكافحة للايدز في المحافظات كلها (105 ) متعايش حتى 2008م.إذاً لستم أول جمعية متعايشة مع الايدز في اليمن؟**لا لسنا الوحيدين ، بل توجد في صنعاء جمعية أيضاً، لكن ما يميز جمعيتنا أن رئيسها ( متعايش ) وقد صرح هو بنفسه بذلك وهذه شجاعة منه ..[c1]ماذا يعني المتعايش؟[/c]شرحت الدكتورة رجاء ذلك قائلة :” هو الإنسان المصاب بمرض فيروس الايدز لكثير من الأسباب ، ونحن نحتاج لدعم المجتمع لان هؤلاء لم يصابوا به بإرادتهم، وحتى من أصيبوا بإرادتهم فأننا نعمل على تغيير سلوكهم ذاك الذي تسبب لهم بهذا المرض ..لقد عقدت لقاء التأسيس وحضره الأخ احمد سالم ربيع الوكيل في محافظة عدن ، وحضوره كان داعماً لنا ، وقد فوجئت بامتلاء القاعة من مختلف شرائح المجتمع رغم إننا لم ندعو إلا عددا بسيطا ومحدودا، لكن ظهر أن هناك متعاطفين معنا في رسالتنا للتقارب مع المتعايشين مع الايدز، وقد سررنا لذلك كثيراً، لكن مشكلتنا في عدم حصولنا على الدعم المادي الذي سيسهل عملنا ..[c1]خاتمة[/c] ( 22 ) سنة ، أقل وأكثر قليلاً ، هي أعمار أولئك المتعايشين العاملين في هذه الجمعية التي تأسست لتخلق لهم مجتمع خاص بهم ( عسى ) أن يتقبلهم بعدها المجتمع حاضناً ومعيناً لهم في مأساتهم تلك التي قدًر الله وشاء لهم أن يكونوا مصابين بالايدز ليمتحن إيمانهم به .. في عدن مسجل( 105) متعايش فقط فهل يسمع البقية دعوة جمعية (نبض الحياة) بالانضمام إليها والإعلان عن أنفسهم كمتعايشين مع مرض الايدز ليكسروا حاجز العزلة التي يحيط بهم بسببه ؟؟؟