ظاهرة اغتصاب الأطفال في المجتمع اليمني والمجتمعات العربية الإسلامية
أجرت الللقاءات /مواهب بامعبد - تصوير /عبدالواحد سيف:لاتخلو مجتمعاتنا العربية والإسلامية من ظاهرة اغتصاب الأطفال رغم محافظتها على العادات والتقاليد والقوانين الشرعية التي تحرم هذه الظاهرة لأنها تهدد كيان المجتمع ككل وتضر به ضرراً بالغاً ليس لأنها من الجرائم الخطرة فقط بل لأنها مفسدة أخلاقية ودينية وظاهرة شاذة في المجتمع. ولكننا نجد أنفسنا اليوم أمام سيل من الأخبار عبر مختلف وسائل الاتصال عن جرائم اختطاف الأطفال واغتصابهم وقتلهم .. فهل يا ترى أصبحت الأسر في مجتمعنا غير آمنة على أطفالها الذين اعتادوا اللهو والمرح واللعب مع أقرانهم أمام منازلهم. إننا نناشد كافة الجهات الحكومية والمنظمات المدنية بالوقوف أمام هذه الظاهرة الخطيرة التي تئد الطفولة في مهدها لما يلحق ببعض الأطفال من أذى جسدي ونفسي وصحي ، ومن انعكاسات هذه الظاهرة على المجتمع مستقبلاً .إننا ننشد مجتمعاً آمنا وسعيداً وننشد طفولة آمنة تترعرع في مجتمع تسوده المحبة والسلام ويعمل من أجل بناء جيل قادر على تحمل المسؤولية في مستقبل قادم ومن هذا المنطلق فقد آثرنا على أنفسنا أن نجري هذا الاستطلاع متنقلين من موقع إلى آخر ومن جهة إلى أخرى حتى نضع هذه الحصيلة أما الرأي العام في النص التالي : [c1]جريمة تمس الاستقرار الأمني [/c]في البدء تحدث إلينا الدكتور نجيب علي سيف الجميل أستاذ القانون الجنائي المساعد ، المحاضر في علم الإجرام وعلم العقاب كلية الحقوق جامعة عدن، قائلاً: في البداية أتوجه بالشكر والتقدير لصحيفة (14 أكتوبر ) على اهتمامها المستمر بقضايا المجتمع ومشكلاته بما فيها ظاهرة الجريمة وما يترتب عنها من أضرار جسيمة تصيب الفرد والمجتمع، وتخل بالعدالة الاجتماعية وتمس الاستقرار الأمني في اليمن ، إن قضية اغتصاب الأطفال تعد من الجرائم الخطيرة أو الجسيمة التي تمس عرض الفرد وتلحق به أضرارا بدنية ونفسية ، كما أن صغر سن المجني عليه ذكر كان أم أنثى يعد ظرفاً مشدداً للعقوبة وأضاف: لقد عرف المشرع اليمني الاغتصاب في المادة (269) من قانون الجرائم والعقوبات رقم (12) لسنة 1994م بأنه كل إيلاج جنسي جرى ارتكابه على شخص الغير ( ذكراً أو أنثى ) من دون رضاه، إلا أنه يلاحظ أن القانون اليمني قد اختلف عن معظم القوانين الجنائية العربية عندما اعتبر الاغتصاب في حكم جرائم الزنا سواء بإدخاله جريمة الاغتصاب ضمن مواد الفصل الأول من الباب الحادي عشر من قانون الجرائم والعقوبات الذي حمل عنوان ( الزنا وما في حكمه ) ومتى سقط الحد الشرعي لسبب من الأسباب المقدرة يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على سبع سنوات كل من اعتدى بالاغتصاب على أي شخص ذكراً كان أو أنثى من دون رضاه ويقصد بالحد الشرعي العقوبة الحدية المقررة لجريمة الزنا متى ما توافرت شروط تطبيق الحد. وتابع : إن فعل الزنا باستثناء إذا كان هذا الفعل واقع على إنسان قاصر فهو يتم برضا الطرفين وموافقتهما على القيام بذلك على الرغم من علمهما بأنه يعد جريمة شرعاً وقانوناً إلا أن قانون الجرائم والعقوبات اليمني إلى جانب ذلك يعتبر عدم حصول رضا من أحد الطرفين أو حصول إكراه عليه يعد جريمة زنا بإلاكراه وليس جريمة اغتصاب، ولعل موقف المشرع اليمني هذا جاء تحت تأثير بعض المذاهب الفقهية الإسلامية، وإن جعل صغر سن المجني عليها التي لم تبلغ الرابعة عشرة سنة ظرفاً مشدداً للعقوبات في جريمة الاغتصاب.وأضاف: أن عقوبة جريمة الاغتصاب لصغار السن تعد عملاً غير كاف لتوفير حماية جنائية فعالة لصغار السن (الأطفال ) وذلك في رأيي يعود إلى الأسباب الآتية: جعل المشرع اليمني عقوبة جريمة الاغتصاب الواقعة على الأنثى التي لم تبلغ سن الرابعة عشرة من عمرها الحبس الذي لاتقل مدته عن ثلاث سنوات ولاتتجاوز خمس عشرة سنة وهذه في رأيي عقوبة رادعة لاتتناسب مع جسامة الجريمة والأضرار الناشئة عنها وأيضاً قام المشرع اليمني بتحديد سن المجني عليها بـ 14 سنة كظرف مشدد للعقوبة في جريمة الاغتصاب ويكون بذلك قد استبعد الفتيات اللاتي تتراوح أعمار هن ما بين 14 - 18 سنة من الاستفادة من نص المادة (269) من قانون الجرائم والعقوبات في تشديد العقوبة على كل من يرتكب جريمة اغتصاب وهذا يعني معاقبته بالحبس الذي لا تزيد مدته على سبع سنوات وهي عقوبة غير رادعة خصوصاً أن المشرع لم يحدد الحد الأدنى لعقوبة الحبس ما يجعل هؤلاء الفتيات عرضة لأفعال الاغتصاب ، كما أن المشرع اليمني لم يوفر لهم حماية جنائية وفاعلة على الرغم من أنهم في سن الطفولة- وإذ يعرف قانون الطفل اليمني رقم (45) لسنة 2002م في المادة (20) منه الطفل بأنه كل إنسان لم يتجاوز ثمانية عشرة سنة من عمره ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك خصوصاً الإناث منهم في حالات عديدة - وذلك يؤدي إلى الوقوع فريسة سهلة لمغريات الأشخاص من ذوي النفوس المريضة ويجعلهم أكثر استجابة لرغبات الذئاب البشرية لعدم إدراكهم طبيعة أفعالهم والنتائج المترتبة عنها نظراً لصغر سنهم وعدم اكتمال نضوجهم العقلي والاجتماعي ويزداد الأمر سوءاً في ظل تدني مستواهم التعليمي لعدم التحاقهم بالمدارس وكذلك صعوبة الظروف المعيشية ووجود أعداد غير قليلة في الشوارع يمارسون مهناً مختلفة وهذا ما يجعلهم أكثر اختلاطاً واحتكاكاً بالأشخاص السيئين، وأكثر تعرضاً للمغريات المختلفة التي تدفعهم إلى الوقوع ضحايا جرائم الاغتصاب خصوصاً الفتيات القاصرات إذ يفقدن بسبب ذلك عذريتهن وما يترتب عن ذلك من ضياع لمستقبلهن بطرد هن من الأسرة والتبرؤ منهن ، ومن ثم يجدن أنفسهن في طريق الجريمة بممارسة الزنا والفجور والدعارة وغيرها من الجرائم. وأكد الدكتور نجيب الجميل أن العوامل المسببة لجريمة اغتصاب الأطفال متعددة ومتنوعة أهمها في رأيه أولاً ضعف التكوين العضوي والنفسي للأطفال وأيضاً عدم نضوجهم العقلي والاجتماعي وتدني مستواهم التعليمي والثقافي ما يجعلهم أكثر عرضة للوقوع ضحايا الاغتصاب، وكذلك إهمال أولياء الأمور للأطفال وعدم الاهتمام والعناية بهم، وعدم فرض رقابة عليهم ما يؤدي هذا بهم إلى التهرب من البيت والمدرسة والمكوث في الشارع لمدة أطول وبالتالي يزداد احتمال تعرضهم لجرائم الاغتصاب وأيضاً تدني المستوى المعيشي للأسر وزيادة حالات الفقر ما يجعل الأسرة تدفع أبناءها إلى الخروج من المدارس وترسلهم للعمل بمهن سيئة لا تصلح لهم أو تدفعهم إلى التسول الأمر الذي يجبرهم على الاختلاط بأشخاص سيئين ومن ثم وقوعهم ضحايا للاغتصاب هذا إذ ما نظرنا إلى عدم مقدرة الكثير من الشباب على الزواج بسبب ظروفهم المعيشة الصعبة وهذا الظرف قد يدفع البعض منهم إلى إرضاء غرائزهم الجنسية بوسائل غير مشروعة تنشأ عنها اغتصاب الأطفال لضعفهم الجسمي، إلى جانب ضعف الوازع الديني أو انعدامه لدى مرتكبي جرائم الاغتصاب وانحطاطهم أخلاقيا وإصابة بعض الأشخاص بالشذوذ الجنسي أو حب ممارسة الجنس مع فتيات صغيرات لإرضاء غرائزهم الجنسية الشاذة وتعاطي بعض الشباب الخمور والمخدرات خصوصاً حبوب الهلوسة كالفاليوم والديزبام حتى يصل بالبعض إلى الإدمان، الجانب الآخر يستغل البعض من الأشخاص درجة القرابة التي تربطه بالمجني عليه أو المجني عليها أو للثقة التي منحت له أو السلطة الموكلة إليه في تربية ورعاية وحراسة الطفل أو الطفلة بهدف ارتكاب جريمة الاغتصاب بحقهم، وعدم وجود عقوبات رادعة ضد مرتكبي جرائم اغتصاب الأطفال، إضافة إلى عدم إبلاغ الجهات الأمنية المختصة بوقوع جرائم الاغتصاب من قبل بعض أسر الضحايا وهذا شجع بعض الأشخاص على ارتكاب جرائم الاغتصاب ضدهم. [c1]ضرورة توفير حماية فاعلة [/c]ونوه الدكتور نجيب الجميل بضرورة توفير حماية قانونية جنائية خاصة وفاعلة وكافية للأطفال من جرائم الاغتصاب التي قد تقع ضدهم والأضرار الناشئة عنها التي قد تصيبهم، وبأنه يتعين على المشرع اليمني القيام بالأمور الآتية: استبعاد جريمة الاغتصاب من قائمة الجرائم التي تدخل ضمن جرائم الزنا مثل الزناعن تراض واللواط والسحاق وأيضاً رفع الحد الأقصى لمدة الحبس إلى 15 سنة بدلاً من 7 سنوات وتحديد الحد الأدنى لمدة الحبس بخمس سنوات وذلك في عقوبة جريمة الاغتصاب التي لا يتوافر فيها ظرف مشدد للعقوبة، وإعادة صياغة النص القانوني المتعلق بتعريف الاغتصاب بحيث يأخذ بعين الاعتبار عدم الإدراك والتمييز لدى الضحية سواء بسبب الجنون أو صغر السن أو استخدام القوة أو التهديد أو الحيلة للقيام بجريمة الاغتصاب، وذلك بإضافة عبارة عدم إدراك الشخص لخطورة أفعاله. أو مثلاً رفع سن المجني عليه أكان ذكراً أم أنثى إلى (18) سنة بدلاً من (14) سنة تظرف مشدد للعقوبة في جريمة الاغتصاب لأنه قبل بلوغه (18) سنة يكون ناقصاً في النضوج البدني والعقلي والاجتماعي، وبالتالي فهو يعد طفلاً بحاجة إلى حماية قانونية وجنائية ولذا من الواجب التشديد على مرتكبي جرائم الاغتصاب ضده وذلك بتشديد عقوبة الجريمة التي يصاحبها ظرف مشدد للعقوبة مثل صغر السن، وتعدد الجناة وتوافر صلة القرابة بالمجني عليه أو المجني عليها أو ترتب عن الجريمة أو تسبب عن الجريمة انتحار المجني عليها أو عليه بحيث يصل إلى الإعلام أو الحبس الذي تصل مدته إلى 25 سنة بدلاً من عشر سنوات أو خمس عشرة سنة فإذا كانت عقوبة الزنا وهو ممارسة جنسية رضائية غير مشروعة الإعدام بالرجم حتى الموت كجريمة حدية في حالة توفير شرط الاغتصاب أن يكون الزاني أو الزانية متزوجاً فإن من الواجب تشديد عقوبة الاغتصاب الذي يقترن بظرف مشدد من الظروف التي ذكرتها سابقاً بحيث تصل إلى الإعدام أو الحبس مدة لا تزيد على (25) سنة مثل ما فعل المشرع اليمني في المادة (249) من قانون الجرائم والعقوبات عندما قرر عقوبة الإعدام لجريمة الخطف الذي يصاحبه أو يتلوه اغتصاب المجني عليه أو المجني عليها. [c1] تأخذ منا أغلى ما نملك[/c]وتحدثت إلينا / أم مالك فؤاد حيث قالت : بكل صراحة قضية اغتصاب الأطفال تعد من أخطر الجرائم والقضايا المجتمعية التي تواجهها اليمن في الوقت الحالي وهذه القضية كذلك تعد قضية عالمية وهي تواجه الكل وقد يتعرض لها أي فرد من المجتمع اليمني ولذلك يجب أخذها بعين الاعتبار لأنها تأخذ منا أغلى ما نملك وهم أطفالنا الذين هم أحباب الله ولذلك يجب ردع المجرمين أو بالأحرى السفاحين ووضعهم في دائرة مغلقة وأيضاً تنفيذ القوانين عليهم بشكل صارم بحيث يكونون عبرة لمن يحاول أو يفكر أن يهتك عرض أي طفل من أي أسرة كانت لأن قضية اغتصاب الأطفال لا تفرق بين الغني والفقير بل إنها قضية عامة تمس كافة أفراد المجتمع اليمني والإسلامي والكل فيها يكون متألماً ونطالب الجهات المتخصصة مثل جمعية حقوق الإنسان وكل الجهات بالعمل على حماية الأطفال والقضاء على هذه الجرائم التي تلحق بأطفالنا وبأسرهم الضرر وعلى الجهات العليا والسلطات التنفيذية والقضائية فرض قوانين صارمة على مرتكبي هذه الجرائم التي بدورها سوف تساعد على صيانة كرامة الأطفال والعمل على نشر العلم والوعي بينهم من قبل نشر الوعي الديني والإسلامي بين فئات المجتمع وخاصة في بعض المناطق ذات الكثافة السكانية وعلى وسائل الإعلام أن تلعب دوراً بارزاً في هذا الاتجاه.[c1] أضرار نفسية[/c]أما الطالبة / لمياء حامد قائد علي طالبة في كلية الآداب علقت وقالت : انتشرت في اليمن حالات اغتصاب الأطفال نتيجة للمشكلات الاجتماعية الموجودة داخل المجتمع وأيضاً نتيجة لسوء الظروف المعيشية وتدني مستوى الدخل لدى بعض الأسر ما يؤدي إلى عمالة الأطفال بشكل كبير جداً التي بدورها تؤدي إلى تعرض الأطفال للاغتصاب وهم في سن الطفولة من قبل بعض الأشخاص معدومي الوازع الديني والأخلاقي فيقع الأطفال فريسة في يد هؤلاء نتيجة عملهم إلى وقت متأخر من الليل وعدم وجود من يدافع عنهم وعدم قدرتهم على المقاومة بسبب صغر عمرهم وضعفهم ولهذا السب تزداد كل يوم أعداد حالات الاغتصاب للأطفال خصوصاً في البيئة التي تنقصها التوعية والثقافة وأيضاً الوازع الديني لدى بعض الأشخاص، لهذا يجب علينا محاربة هذه الظاهرة.[c1] ظاهرة غير مرغوب بها[/c]وترى الطالبة ليناء حامد قائد علي في قسم خدمة اجتماعية في كلية الآداب أن ظاهرة الاغتصاب تعتبر من الظواهر الاجتماعية التي انتشرت مؤخراً في مجتمعنا اليمني بشكل كبير وهي ظاهرة غير مرغوب بها في المجتمع الاسلامي وتعد من أخطر الجرائم ويعاقب مرتكبها وفق القانون كما أن اغتصاب طفل يعتبر هتك عرض وفقاً للحقوق الإنسانية التي تحرم الاعتداء عليها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه»، وهذه الظاهرة يجب العمل على أن تتضافر الجهود للتخلص منها بشتى الوسائل وتنظيف المجتمع من هؤلاء الأشخاص معدومي الضمير.[c1]جريمة مركبة [/c]وخلال جولتنا التقينا بأحد شيوخ مدينة عدن، حيث تحدث قائلاً : إن جريمة اغتصاب الأطفال جريمة عظيمة مركبة من عدة جرائم شنيعة إنها إفساد في الأرض ومحاربة الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جاء الأمر بعقوبة المفسدين أعظم عقوبة وذلك لقول الله تعالى : «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم»، واغتصاب الأطفال داخل في الإفساد في الأرض بل هو من أعظم الإفساد، حيث قال مجاهد رحمه الله في تفسير المفسدين في الأرض كما ورد في تفسير الطبري والزنى والسرقة وقتل الناس وإهلاك الحرث والنسل وأيضاً قال الطبري وأما قوله ويسعون في الأرض فساداً فإنه يعنى من يعملون في أرض الله بالمعاصي من إخافة سبل عباده المؤمنين أو سبل ذمتهم وقطع طرقهم وأخذ أموالهم ظلماً وعدواناً والتوثب على حرمهمفجوراً وفسوقاً.وهناك أدلة وآيات قرآنية كثيرة تذم قوماً جاؤوا هذه الجرائم والفواحش وهي من أعظم وأكبر المحرمات وقال الله تعالى : «قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن»، وفي مسند الإمام أحمد بن حنبل عن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط» ولما في هذا العمل من القبح ومخالفة الفطرة وما ترتب عليه من التحريم جاءت العقوبة عليه شديدة في الشريعة الإسلامية وهنا فقد اختلف فيها الفقهاء في العقوبة على قولين مشهورين منهم من يقول القتل للفاعل والمفعول به والمقصود به المجرم المطاوع على هذه الجريمة واختلفوا في الطريقة التي يقتل بها فقيل بالرجم بكراً كان أم ثيباً ذكر في المغني وهو قول علي وابن عباس وجابر بن زيد وعبدالله وغيرهم، وقيل يقتل إحراقاً وهو فعل أبي بكر رضي الله عنه وقيل أيضاً يرمى من شاهق ودليل القتل الحديث المروي في سنن أبي داود وجامع الترمذي وابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «أقتلوا الفاعل والمفعول به» والقول الثاني أنه يحد حد الزاني وإذا كان محضاً فعليه الرجم، وإن كان بكراً فعليه الجلد والنفي وهو قول قتادة والأوزاعي وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وأبي ثور وهو المشهور من قولي الشافعي لأنه إيلاج فرج آدمي في فرج آدمي لا ملك له فيه ولا شبهة ملك فهذه فاحشة (زنا) كالفاحشة بين الرجل والمرأة.وأما اغتصاب الأطفال فإنه جريمة أعظم من جريمة عمل قوم لوط.[c1] أطفال ضحايا أسرهم[/c]نزلنا إلى دار رعاية الأحداث في محافظة عدن، والتقينا الأخت / لولة سعيد علي مدير إدارة التوجيه الاجتماعي للفتيان في محافظة عدن التي قالت : عندما يغتصب الطفل في مرحلة مبكرة من عمره فهذا يؤدي به عندما يكبر إلى ممارسة هذا العمل على أطفال آخرين.وفي مرحلة نمو الطفل في عمر (12) وما فوق وأيضاً في مرحلة المراهقة عندما يسأل الطفل أسرته بعض الأسئلة المحرجة ولا يتحصل على الإجابة المقنعة من قبل الأسرة فإنه يحاول الحصول على الإجابة المقنعة من الأولاد في الشارع وتتم الإجابة بفعل (بتجربة) من هنا تتم عملية التحرش الجنسي واغتصاب الطفل الذي يبحث عن الإجابة على السؤال.وأضافت : في دار الأحداث قضايا الاغتصاب قليلة وأغلب القضايا في الدار اغتصاب وتحرشات جنسية وهتك أعراض، لواط وسرقة ومشاجرة وتسول وتشرد وعصيان للأهل وأيضاً شرب الخمر وبلغت عدد قضايا الأطفال في دار رعاية الأحداث للعام 2009م (99) حالة منها (95) حالة تحرش جنسي.وأشارت الأخت / لولة سعيد إلى أن من أسباب انتشار هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة إهمال الأسر أطفالها وقلة الوعي، كما أن عدم متابعة الطفل في الشارع والمدرسة وأيضاً التفكك الأسري يؤدي إلى انحراف الطفل. والأطفال الذين تم إحالتهم من الشرطة إلى دار الأحداث و أغلب قضاياهم سرقة ومشاجرة ولواط وتسول وتحرشات جنسية وعصيان للأهل وأيضاً شرب الخمر، أما في محافظة عدن فبلغ عدد حالات الاغتصاب والتحرش الجنسي (95) حالة اغتصاب خلال عام 2009م ما يعادل (71 %) طبعاً هذه النسبة ليست من أبناء عدن بل نسبة منها من الأطفال النازحين من المحافظات والمناطق الشمالية الساكنين في محافظة عدن وهذا يتبين لنا من خلال التحقيق معهم، والجرائم التي ترتكب في محافظة عدن ينسبونها إلى عدن (مكان الجريمة)، أما في محافظة أبين فوصلت النسبة إلى (5 %) ومحافظة تعز (16 %) ومحافظة لحج (1 %) وردفان (2 %) أما محافظة البيضاء فبلغت نسبة القضايا (1 %) وذمار (1 %) وصنعاء (1 %) هذه نسب عام 2009م من شهر يناير حتى ديسمبر.وأشارت الأخت / لولة سعيد إلى أن الأطفال هنا يكونون ضحايا الأسر بسبب عدم المتابعة لأطفالهم وكثرة المال والدلع الزائد لهم وقلة الرقابة على مقاهي الانترنت والهواتف النقالة التي يستخدمها بعض الأطفال من غير رقابة وهذا يؤدي إلى الاستخدام السيئ لها وهو ما يساعد على انتشار الفواحش، وكذلك الانترنت عبر الدخول إلى بعض المواقع المخلة بالأخلاق، وأيضاً ظاهرة عمل بعض الأطفال في المطاعم وورش صيانة السيارات وفي الشوارع مثل بيع المناديل الورقية، كلها عوامل مساعدة على تعرض الأطفال للتحرشات الجنسية والاغتصاب من قبل بعض الأشخاص عديمي الرحمة.[c1]مناشدة [/c]نناشد الدولة من خلال صحيفة (14 أكتوبر) الاهتمام بدار الأحداث كون الأطفال الذين بداخلها بحاجة إلى كثير من الاهتمام في هذه المراحل الحساسة من أعمارهم، وهم من أذكى الأطفال وبحاجة إلى اهتمام ورعاية خاصة من الدولة والإخوة المسؤولين للمحافظة عليهم وتوفير كافة الإمكانيات لتعويضهم وتخفيف ما عانوا منه في السابق، كما نناشد الإخوة في المحافظة والخدمة المدنية بأن يوفروا فرص عمل لطاقم دار الأحداث الذي يعمل بنظام التطوع منذ فترة طويلة تجاوزت (7) سنوات ويصل عددهم إلى (16) متطوعاً ومتطوعة.