في حديث لا يخلو من الصراحة.. مدير عام شبكة "الجزيرة" لـ ( 14 اكتوبر ):
وضاح خنفر مديرعام شبكة الجزيرة يتحدث إلى نائب مدير التحرير
أجرى الحديث / إقبال علي عبدالله:صنعاء/ سبأ: لماذا شبكة "الجزيرة"؟! كان هذا مدخلنا لحديث أجريناه ظهر أمس مع الأستاذ / وضاح خنفر المدير العام لشبكة الجزيرة الذي يزور بلادنا حالياً.كان الحديث صريحاً والرجل الشاب الذي يرد أكثر صراحة مما توقعناه.. أزاح بعضاً من السواد الذي عشعش في أذهاننا.. تركزت أعيننا وتصلبت أذاننا نحو التلفاز لنشاهد ونسمع عبر الفضائيات شبكة الجزيرة وأخبارها التي أخذت الحيز الأكبر من حديثنا.تحدثنا عن الخطاب الإعلامي للجزيرة وانزعاج الكثير من المشاهدين منه. وعرجنا على التهم الموجهة إلى الشبكة بشأن سيطرة الأخوان المسلمين ونفوذهم في برامج الجزيرة.. وكذلك الشأن اليمني في تناول الجزيرة له.هكذا كانت أسئلتنا وهكذا كان رد مدير عام شبكة «الجزيرة» عليها:* لماذا قناة الجزيرة؟!- أجاب الأستاذ / وضاح خنفر : تقدم للمشاهد خدمة إعلامية تحترم حقه في المعرفة وتطلعه على الحقائق.* لماذا ينزعج الكثيرون من شبكة «الجزيرة»؟- الناس الذين ينزعجون من الشبكة هم الذين لا يريدون الحقيقة ويعتقدون أن بعض الحقائق إن خرجت للعلن ستضر بهم, هؤلاء هم الذين ينزعجون, أما أولئك الذين يستفيدون من المعرفة والعلم هم لاشك يحبون ويحترمون «الجزيرة», ويقبلون عليها.* هناك من يتهمكم بالإثارة ضد النظام العربي الرسمي, وهناك من يرى في الخطاب الإعلامي للجزيرة نسخة أخرى من الخطاب الإعلامي الثوري الذي ساد الساحة العربية في الستينات وقاد إلى هزيمة 5 يونيو, لأنه كان يعزف على عواطف الناس ويراهن على عنصر التعبئة والتحريض فقط.. ماذا تقولون؟!- قال الأستاذ / وضاح :الجزيرة ليست إعلاماً تحريضياً ولا إعلاماً تعبوياً.. الجزيرة مؤسسة مهنية تلتزم بقواعد متعارف عليها عالمياً فيما يتعلق بنقل الخبر وتوثيقه وبما يتعلق بالرأي والرأي الآخر.. الجزيرة ليست مؤسسة تحاول الترويج لأفكار سياسية وايديولوجية, بل بالعكس يوجد فيها الرأي والرأي الآخر.. فيها الخبر بقواعد محددة وبالتالي لا يوجد هناك أدنى مقارنة بين إعلام الستينات الذي تحدثت عنه وبين قناة الجزيرة.. بالعكس قناة الجزيرة أول مؤسسة إعلامية عربية تنتهج نهجاً مستقلاً ومحايداً وموضوعياً وليس منحازاً.* ولكن هناك اتهامات موجهة إلى قناة الجزيرة تقول إن الإخوان المسلمين متنفذون في توجيه برامج القناة بحكم صفقة بين التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وحكومة قطر؟! بأسرع مما توقعنا أجاب مدير عام شبكة الجزيرة قائلاً :أعتقد أن قطر هي ذاتها ليست متنفذة في توجيه برامج الجزيرة فما بالك بالأخوان بحكم علاقتهم بقطر.. هذا الكلام ليس دقيقاً.* قاطعت الأستاذ وضاح : لكن مالك شبكة الجزيرة قطري؟- أجاب : لا الحقيقة أن الحكومة القطرية هي التي تمول جزءاً كبيراً من قناة الجزيرة, لكن هذا لا يعني أنها هي التي تحدد السياسة التحريرية للشبكة.. الجزيرة تتشكل من أكثر من اثنين وعشرين جنسية عربية وهؤلاء كلهم لا يجمع بينهم برنامج سياسي, الذي يجمع بينهم هو قواعد المهنة, معظمهم جاءوا من مؤسسات إعلامية عالمية عريقة وقدموا في الجزيرة مهنية عالية والمشاهدون يعرفون ذلك.. الجزيرة فيها المسلم والمسيحي وفيها كل أطياف المجتمع العربي وتمثل عبر شاشاتها التيارات السياسية بمختلف ألوانها.. وقطعاً ليست لديها أجندة حزبية لا للإخوان المسلمين ولا للاشتراكيين ولا للقوميين ولا للعلمانيين.* عن اليمن.. لوحظ أن تغطيتكم للقضايا اليمنية أنحازت كثيراً إلى اطروحات المعارضة, كما هو نهجكم مع المعارضات العربية؟ قاطعني الأستاذ / وضاح هذه المرة مجيباً- الحقيقة سمعت كثيراً من المعارضة اليمنية أننا منحازون نحو أطروحات الحكومة.. فخلال اليومين الماضيين معظم من تحدثنا إليهم يقولون العكس بأننا نهادن الحكومة ولا تحبون تقديم الكثير من الحقائق.. فأنا أقول لك بصراحة نحن لا ننحاز إلى الحكومة ولا ننحاز إلى المعارضة نحن ننقل وقائع.. هذه الوقائع أحياناً المعارضة تحب أن تخرج للعلن ويعتقدون أن ذلك مفيد لهم وأحياناً الحكومة لا تحب أن تخرج فيعتقدوا إن ذلك ضار بهم, لكن في كلتا الحالتين ليس من برنامجنا لا أن نغضب أحداً ولا أن نقف إلى جانب أحدا, وفي كل الدول العربية تجد مثل هذا التنوع.. أحياناً نتهم بأننا نؤيد المعارضة وأحياناً نؤيد الحكومة, ولكن غرفة أخبارنا ليست لها أجندة.يا أخي في اليمن على سبيل المثال حجم الأصوات التي خرجت معبرة عن أطياف من المعارضة وكذلك من قوى اجتماعية مختلفة هائل وكبير.. واليمن بالذات لها حضور واسع على شاشة الجزيرة وقناة «الجزيرة» مباشر تنقل الندوات التي تحدث في اليمن وتبثها إلى مختلف أنحاء العالم العربي وتنقل للعالم العربي حجم الحراك السياسي والاجتماعي الذي نحترمه ونقدره في اليمن.* سألناه عن التغيير هل يأتي عبر الإعلام الذي يمتلك قدرة إيجابية على التضخيم والتحريض, بينما تشير حقائق الواقع إلى أن التغيير لا يتحقق بالإعلام وحده؟!- أجاب : الإعلام لا يصنع التغيير منفرداً والإعلام لا يجب أن يحمل مسؤولية صناعة التغيير, أنا أعتقد أن الإعلام يقوم بوظيفة وهي أن يعلن عن الأحداث الموجودة وأن يحللها ويقدمها للمشاهدين وبعد ذلك للقوى الاجتماعية والسياسية.* قاطعته للمرة الثانية قائلاً له :عفواً أستاذ / وضاح سأعطيك مثال في حرب 1994م كان الإعلام الخارجي الفضائي يقدم صورة للأزمة وبعدها الحرب بصورة تختلف عن الحقائق على الأرض.. وعندما انهزم الحزب الاشتراكي كان ذلك صدمة كبيرة للخارج الذي كان يتخيل صورة لما يجري في اليمن استناداً إلى معطيات إعلامية ليست واقعية..هناك من يقول أن "الجزيرة" تكرر نفس التجربة في تغطيتها لما يجري من حراك سياسي في اليمن ؟!- ابتسم مدير عام شبكة الجزيرة.. وقال :هذا يكون ضعفاً في المؤسسة الإعلامية التي لم تكن قادرة على الوصول.* قاطعته للمرة الثالثة قائلاً : ألم تكن «الجزيرة» واحدة من هذه المؤسسات؟!- الجزيرة لم تكن موجودة عام 1994م أنشئت عام 1996م, لكن نحن غطينا الحرب على العراق وعلى أفغانستان على لبنان وغطينا الصومال وكل هذه الحروب كان تقديرنا لها متميزاً وقدرتنا على التنبه إلى الأمور كانت رائعة جداً وأنا باعتقادي معرفتنا للخارطة السياسية والاجتماعية العربية مكنتنا أن نكون أصدق بكثير من المؤسسات الإعلامية الغربية.* سألناه : "الجزيرة" لو تلاحظون اختيارها دائماً للمشاكل.. فأنا كمشاهد إذا أردت الاطلاع على المشاكل أشاهد قناة الجزيرة؟- أجاب مدير عام "الجزيرة" :لأن الخبر بطبيعته لا يأتي بالأمور الطبيعية.. الخبر بطبعه يأتي من الأمور الاستثنائية.* قاطعته للمرة الرابعة : لكن أنتم منحازون للمعارضة في أي بلد يجري أكثر من انحيازكم لايجابيات الأنظمة السياسية في هذه البلدان؟!- نحن منحازون حقيقة للأحداث والأخبار, يعني أحياناً إذا كانت الأنظمة مثلاً أقول لك على سبيل المثال لما جاءت المغرب وأعلنت عن المصالحة الوطنية في المغرب كانت الجزيرة أكثر مؤسسة نقلت على الهواء مباشرة جلسات الحوار والمصالحة الوطنية في المغرب وهذا كان بطريقة أو بأخرى لمصلحة الحكومة لكنه كان خبراً مهماً بالنسبة لنا نحن لا نقيس أخبارنا بما إذا كان لمصلحة الحكومة أو المعارضة لكن ربما في عالمنا العربي بسبب أن الأنظمة عموماً لا ترحب بحرية التعبير بشكل كافٍ وما زال لديها إشكاليات في التعاطي مع حرية الإعلام ربما تشعر إنها مستهدفة لكن هذا الاستهداف ليس بقرار تحريري من قناة الجزيرة وإنما بسبب الواقع الذي ما زال عالمنا العربي تعوزه الديمقراطية الكاملة وتعوزه حرية التعبير الواضحة.* قبل لحظات قلت إن الحراك السياسي كانت أصواته مرتفعة في اليمن, هذا أنت سمعته وشاهدته عبر قناتكم الجزيرة.. الآن أنت في اليمن, كيف شاهدت الأمور؟!- أنا أحسد اليمنيين, بل أغبط اليمنيين على قدرتهم على وعيهم السياسي وعلى قدرتهم على تبادل الأفكار والآراء عبر كل الأطياف بحرية.. هذا بتقديري متميز.. ما رأيته من زملاء صحفيين التقيتهم سواء كان في عدن أو صنعاء حتى من القوى السياسية المختلفة سعدت كثيراً للانفتاح في الحوار واللقاء وبطابع أعتقد أنه نموذج يحتذى في العالم العربي.* كيف شاهدتم اليمن؟!- أتمنى لليمن إن شاء الله أن يسلك طريق الانفتاح ويعزز من مسيرة الديمقراطية وبنفس الوقت يعزز من مسيرة الوحدة والتواصل بين أبناء المجتمع بشكل عام.. والحقيقة سعيد جداً بهذه الزيارة وسعيد بما سمعته وبما رأيته وأعتبر إن من عناصر صحة أي مجتمع أن يكون منفتحاً في الحديث عن مشاكله ولا يخفيها تحت السجاد.* كلمة أخيرة عبر صحيفة (14 أكتوبر) :- الكلمة الأخيرة التي أقولها لكل القراء عبر صحيفة (14 أكتوبر) أقول لهم قناة "الجزيرة" ستبقى إن شاء الله هي المؤسسة الإعلامية الملتزمة بمعايير هذه المهنة من الاستقلالية والموضوعية والدقة وهذه المؤسسة لن تنحاز ولن تخذل مشاهديها ولن تكون طرفاً إطلاقاً في أي معادلات إقليمية أو محلية لصالح فئات محدودة وإنما ستبقى دائماً تعمل وبذهنها شيء واحد فقط مصارحةالمشاهد والمشاهد فقط.