الاستقلال
نعود الى تسعة وثلاثين عاماً من عمر هذا الوطن الخالد حين أكملت اليمن استقلالها لتدلف مرحلة من تاريخها لم يكن أحد يتخيل أنها ستكون سهلة ولم تكن كذلك فمنذ الثلاثين من نوفمبر العام سبعة وستون واليمنيون على كامل التراب اليمني يؤسسون لتاريخ جديد لحضارة جديدة الوطن قادم يلتحم بالعصر الحديث وينتمي الى التاريخ العريق .وهانحن اليوم ونحن على أبواب العام الاربعين من الاستقلال لا نستطيع أن ننكر الصعوبات ولا نستطيع أن ننكر الاخفاقات ولا يمكن زن نتجاهل التحديات القائمة والقادمة ورغم كل ذلك فإننا نرى بكل العزة والفخار يمننا العزيز وهو يرسي دعائم نهضته الحديثة ونرى شواهد الانجازات التاريخية شامخة وأهمها الوحدة والديمقراطية والتنمية.يمن الستينات هو الذي مهد ليمن التسعينيات من القرن الماضي ففي عام 26 قامت الجمهورية في صنعاء لتنهي عصوراً من الظلام والتخلف وتقيم زول أساس للدولة الحديثة في شمال الوطن وفي العام 76 كان رحيل الاستعمار البريطاني من عدن وإقامة دولة وطنية في جنوب الوطن ذابت فيها المسميات الصغيرة من سلطنات ومشيخات وكان ذلك في المنظور التاريخي إنجازاً وطنياً كبيراً هو أهم إنجازات دولة الثلاثين من نوفمبر .ونحن نستيعد اليوم هذه الحقبة المهمة من تاريخنا فإننا نرى أن قيام الثورة اليمنية ( سبتمبر وأكتوبر) قد أعطى لمسيرة المجتمع اليمني بعديها العميقين اللذين من خلالهما تشكلت وتتشكل ملامح اليمن الحديث وأعني بهما البعد الوطني والبعد الحضاري .لقد تمثل البعد الوطني في تجاوز العصبيات المحلية والمناطقية والمذهبية وفي قوة الخروج من أسر التشكيلات التقليدية وحضور الوعي الوطني في القرار والحركة وحتى في أتون الصراع السياسي فلم يكن البعد الوطني في الوعي الجماعي لليمنيين من الاصالة والثبات بحيث لم تستطع أي قوة سياسية داخلية أو خارجية أن تتخذه ورقة من أوراقها رغم المحاولات الخارجية بشكل خاص التي ربما كانت على جهل بتركيبة العقل اليمني الحقيقي الذي تشكل في معارك الحرية والنضال والذي ينهل من منابع انتماذه الحضاري الى بلد عريق ويطمح الى قيام كيانه الكبير بين الشعوب والأمم وحتى عندما حاول البعض أن يشعل النيران داخل الكيان الوطني فإن أيديهم هي التي احترقت بالنار التي اشعلوها .وتجلى البعد الحضاري في الوعي بالتحديث الشامل لكافة جوانب الحياة والمجتمع فقد كانت حركة السياسة والثقافة نزوعاً دائماً نحو التدحيث ونحو المستقبل ولم تكن اجتراراً لأي أوهام تاريخيةأو فكرية . فقد مثلت الثورة والاستقلال في الوعي المجتمعي قيمة بالخروج من أسر التخلف الكبير قيمة تمثل العلم والمعرفة والصناعة والثقافة وكان تجلي البعد الحضاري في حركة الدولة والمجتمع هو تمثل لقيم التنوير التي نادى بها رواد العمل السياسي والفكري في اليمن منذ الثلاثينات والاربعينات ورغم الاختلافات في الفهم والعمل السياسي فإن جوهر الوعي الحضاري كان ثابتاً ومستمراً وأصيلاً وظل ولا يزال القيمة التي تحرك القوى الفاعلة وأفراد المجتمع اليمني عموماً نحو الحداثة الحقيقية ولم يكن بإمكان أي محاولات لصرف حركة السياسة والمجتمع نحو أي قيمة هلامية أن تغير من المسار التاريخي الكبير للمجتمع اليمني في مرحلته الحالية أو المستقبلية فالانطلاق نحو إنجاز المهمات التاريخية لتشكيل يمن حديث قد تم ولا يمكن إيقافه فهو جزء من رؤية الانسان اليمني وجزء من تكوينه الاصيل وجزء من إحساسه الواعي بواقعه وعصره وجزء من أحلامه بصناعة حياة جديرة بهذا الانسان وهذا الوطن .