رئيس التحرير في حوار أجرته معه قناة ( السعيدة ) الفضائية :
أجرى اللقاء : مجلي الصمدي أعدها للنشر / عبدالرحمن أنيس أجرت قناة ( السعيدة ) الفضائية مقابلة صحفية مع الزميل أحمد الحبيشي رئيس مجلس الإدارة - رئيس التحرير في السابع والعشرين من يناير الماضي تناول فيها عدداً من القضايا الساخنة وأهمها مؤتمر لندن الذي انعقد في اليوم الثاني من المقابلة ومؤتمر الحوار الوطني الذي كان مقرراً عقده في الثلاثين من يناير ثم تم تأجيله إلى أجل غير مسمى ،بالإضافة إلى قضايا أخرى . وتلبية لرغبة العديد من القراء الذين اتصلوا بالصحيفة وطلبوا إعادة نشر تلك المقابلة .. ونظراً لأهمية ما جاء فيها تعيد صحيفة ( 14أكتوبر ) نشرها كاملة : السعيدة : نبدأ من مؤتمر لندن.. كثرت التوصيفات لهذا المؤتمر وكثرت أيضاً التعليقات والتحليلات آخرها عناوين هذا الأسبوع في بعض الصحف يقول : مؤتمر لندن استجواب الحكومة اليمنية قبل سحب الثقة ؟ الحبيشي : أنا أعتقد أن كل الذين تعاملوا حتى الآن مع هذا المؤتمر لجهة صلته باليمن وأوضاعها الأمنية بدرجة رئيسية أهملوا جانباًً مهماً جداً وهو أن المؤتمر مكرس لأفغانستان وليس لليمن . السعيدة : أفغانستان في اليوم الثاني . الحبيشي : المؤتمر هو مؤتمر لأفغانستان وقبله بساعتين فقط سيلتقي رؤساء الوفود المشاركة في المؤتمر الدولي حول أفغانستان في لقاء وليس في مؤتمر يتعلق ببحث أوضاع اليمن .. هذه قضية كانت محل استثمار سياسي وحزبي في اليمن مع الأسف الشديد في إطار المزايدات والمكايدات الحزبية والسياسية التي تتفاعل وسط أزمة سياسية لا ننكرها تعيشها اليمن .. و يجري استثمار هذا المؤتمر لتصفية حسابات سياسية أو خوض وتفعيل مكايدات سياسية وحزبية قديمة وحديثة . لكن المؤتمر هو فعلاً خطير ، خطورته تتمثل في أن توضع اليمن على هامش الوضع المتأزم في أفغانستان ، وأن يخصص المشاركون في المؤتمر وبالمناسبة هم لا يشكلون فقط الدول الكبرى في العالم ولكن دول مجلس التعاون الخليجي وبعض الدول العربية الكبيرة ستشارك بقوة داخل هذا المؤتمر وستلعب دوراً كبيراً جداً في تقرير نتائجه ومنها دول عربية مشاركة حتى في إطار القوات الدولية الموجودة في أفغانستان مثل دولة الإمارات العربية المتحدة . عندما يناقش المؤتمر الأوضاع في اليمن على هامش مؤتمر أفغانستان ويخصص ساعتين لمناقشة هذه الأوضاع ، أنا أعتبر هذه رسالة إلى المجتمع السياسي في اليمن ، وعندما أقول المجتمع السياسي في اليمن أقصد السلطة والمعارضة .. أقصد المجتمع المدني بشكل عام أقصد المواطنين بشكل عام .. إنها رسالة تشير إلى أن أوضاع اليمن أصبحت تحت المجهر .. وما يجري في اليمن من وجود ومن نشاط للقوى المتطرفة والقوى الإرهابية وأنا هنا لا أفرق بين الإرهاب وبين القوى المتطرفة التي تنشر الفكر المتطرف وتغسل أدمغة التلاميذ والشباب بأفكار متطرفة وتعدهم لكي يتحولوا إلى أحزمة ناسفة ويتم تقديمهم كهدية مجانية إلى المرحلة الثانية وهي تنظيم القاعدة والجريمة الإرهابية .. معنى ذلك أن ما يدور في اليمن من نشاط في مجال نشر الأفكار المتطرفة وغسل أدمغة التلاميذ والشباب والصبيان بهذه الأفكار بالإضافة إلى نشاط إجرامي دموي يتمثل بوجود تنظيم القاعدة وإتخاذه من اليمن مركزاً قيادياً له خصوصاً بعد أن أعلن جناحا القاعدة في اليمن والسعودية دمجهما في تنظيم واحد واتخذ هذا التنظيم اسم تنظيم قاعدة الجهاد في شبه جزيرة العرب ، بمعنى أنه لم يعد فقط معنياً باليمن ولا بالسعودية ولكن حتى بدول مجلس التعاون الخليجي بمعنى أن نشاطه إقليمي واليمن هي مركز إنطلاق لهذه الأنشطة أنا أرى أن القضية خطيرة جداً .السعيدة : إذاً ما يطرح أو يقال عن مؤتمر لندن فيه نوع من التهويل والمسألة كلها بسيطة وعادية هي عبارة عن رسالة الحبيشي : نعم هي عبارة عن رسالة .. عبارة عن رسالة تقول إن هذا الوضع في اليمن إذا أنتم ساكتون عنه هو يشكل خطراً ويلحق ضرراً بدول المنطقة والعالم ، اليمن يقع في مفترق طرق الملاحة الدولية .. اليمن يقع قريباً من حقول أكبر احتياطيات النفط في العالم .. اليمن يشرف على طرق إمداد العالم بالطاقة النفطية ، أنت يا عزيزي جارك إذا يزعجك ستعمل حداً لهذا الإزعاج ستتجه إلى الشرطة أو ستبلغه أولاً يا عزيزي أوقف هذا الإزعاج وإذا لم يوقف هذا الإزعاج ستتجه إلى الشرطة وستلجأ إلى وسائل أخرى .. نحن ما يجري في اليمن إذا كانت بعض القوى التقليدية وبعض القوى الرجعية والظلامية ترى فيها الطريق المثالي لطلبنة اليمن فهذا الوضع يشكل خطراً على الشعب اليمني بأسره .. على البلاد بأسرها .. يهدد سيادتها ، يهدد أمنها ، يهدد نهضتها ، يهدد الآمال المعقودة على الوحدة والديمقراطية . السعيدة : خلينا حول مؤتمر لندن وغايات هذا المؤتمر ليست كما قيل أو كما هوّل أو كما طرح بأنه سيأتي بدعم لليمن وسيأتي وسيأتي الحبيشي : أعتقد أن المؤتمر وما زلت أؤمن بأنه مكرس لأفغانستان ولكن سيكرس ساعة أو ساعتين لليمن و هنا الخطورة.. أن تربط اليمن بأفغانستان .. أن يربط الوضع في اليمن بالأوضاع في أفغانستان ، لأن أفغانستان كما هو معروف كانت منطلقاً وملاذاً للإرهاب الدولي ، منطلقاً لفكرة تدويل الجهاد العالمي ، منطلقاً للأفكار الضالة التي ترى بضرورة أسلمة العالم عن طريق الجهاد والغزو .. وغيره ، فأن توضع اليمن على هامش الوضع في أفغانستان الذي شهد في تقديري الشخصي جهداًً دولياً لتخليص أفغانستان من تنظيم القاعدة وطالبان ومازال هذا الوضع مستمراً .. الخطورة هنا أن توضع اليمن على هامش أفغانستان . السعيدة : أستاذ أحمد قبل أسبوعين أطلق الشيخ عبدالمجيد الزنداني دعوة للجهاد بعد الحديث عن أن هناك مؤتمراً سيعقد في لندن بخصوص اليمن وربما كان رداً على ما كان يطرح بأنه ربما سيكون هناك تدخل أجنبي ودعا إلى الجهاد ، في صحيفة أخبار اليوم الصادرة يوم الثلاثاء أيضاً هناك مؤتمر عقد في ذات اليوم في يوم الثلاثاء الماضي وأطلق الشيخ صادق الأحمر شيخ حاشد تصريحاً يقول : نرفض أي تدخل أجنبي وهذا تصريح على لسان مشائخ ووجهاء قبائل اليمن في رسالتهم إلى مؤتمر لندن برفض أي تدخل أجنبي .. يوجد خطاب ديني صدر قبل أسبوعين أصدره الشيخ الزنداني هناك أيضاً خطاب تقليدي قبلي لمؤتمر لندن اقرأ لنا هذه المسألة ؟ الحبيشي : يا عزيزي في حالة أن تتعرض البلاد لعدوان خارجي أو تدخل خارجي أنا أعتقد أننا لسنا بحاجة إلى فتوى من رجال الدين أو صرخة من رجال القبائل للدفاع عن وطننا .. القط إذا هاجمته في داره سيدافع عن موطنه .. الحيوان وحتى النمل إذا ما هاجمتها في جحورها ستدافع عن نفسها .. هذا شيء فطري وشيء طبيعي ، هؤلاء كنا نتوقع منهم عندما كان الاستعمار البريطاني يحتل جزءاً من الوطن لم يصدروا أي فتوى لتحرير الوطن من الاستعمار بل تعايشوا مع المستعمرين ، بعض رجال الدين تعايشوا مع المستعمرين لأكثر من مائة عام بل إنهم وقفوا إلى جانب مشروع توطين مسلمي دول الكومنولث الذي كان يستهدف طمس الهوية العربية واليمنية لمدينة عدن .. والذين حملوا السلاح هم الحركة الوطنية اليمنية والقوى التي تتهم بالعلمانية والليبرالية واليسارية و..و.. الخ .. هؤلاء هم الذين نالوا شرف مقاومة الاحتلال الاستعماري لجنوب اليمن ورفعوا شعار تحرير الجنوب اليمني المحتل وطردوا الاستعمار . نحن لسنا بحاجة إلى هذه الفتاوى ، إذا تعرضت بلادنا للعدوان والتدخل الأجنبي كل المواطنين سيناضلون وسيقاومون دفاعاً عن وطنهم وفي مقدمتهم المؤسسات العسكرية والأمنية التي تتحمل بموجب الدستور وبموجب العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع تتحمل واجب الدفاع عن السيادة الوطنية وكلنا مستعدون للدفاع عن السيادة الوطنية دونما انتظار لفتوى الزنداني أو غير الزنداني . لم يعلن احد أن اليمن ستكون موضوعاً للتدخل الخارجي .. لم يعلن احد نيته لإرسال قوات أجنبية بل على العكس سمعنا من كبار المسئولين والقادة في بريطانيا وأمريكا وفرنسا تصريحات واضحة وصريحة تنفي وجود أي نية للتدخل أو ارسال قوات إلى بلادنا . السعيدة : وماذا عن الحديث عن الوصاية بحجة ملاحقة الإرهاب الحبيشي : كاد المريب أن يقول خذوني .. لم يعلن أحد أنه بصدد إرسال قوات أجنبية إلى اليمن وفرض الوصاية على بلادنا لمكافحة الإرهاب ولكن هؤلاء الذين يستبقون ويطلقون فتاوى للدفاع والجهاد أنا لا اعرف من أين جاؤوا بهذه المعلومات التي لديهم لكن ربما تكون لديهم هواجس من أن الحرب على الإرهاب حتى وإن قامت بها الدولة ستطالهم . السعيدة مقاطعاً : أستاذ احمد هل هناك ما يحرك هاتين الورقتين الحبيشي : يا أخي كاد المريب أن يقول خذوني حتى وان تصدت الدولة وحدها لخوض الحرب على الإرهاب بعضهم يعتقد أن الحرب ستصل إليه حتى وإن كانت بأياد وطنية وبسلاح الدولة ، أنا شخصياً أستبعد أي إمكانية للتدخل الخارجي بل وأقول إنه إذا تعرضت بلادنا للعدوان فنحن لسنا بحاجة إلى فتوى من الزنداني حتى ندافع عن وطننا . السعيدة : طيب خلينا نروح لصنعاء والرياض والاتهامات المتبادلة .. في الأسبوعين الأخيرين بعض الكتابات في الصحف السعودية والصحف اليمنية ربما تريد أن تدفع بالبلدين إلى مستوى معين من العلاقات أو إيجاد نوع من التجاذبات التي لا أدري منشأها .. في ندوة عقدت عن العلاقات اليمنية الخليجية باحث سعودي الدكتور خالد الدخيل يقول : شكوك حول علاقة السلطة بالحوثيين وفارس السقاف يرد: علاقتهم بالمملكة أقوى ، أيضاً في تصريح في ( الأهالي ) يقول : نواجه أفراداً على مستوى عالٍ من التدريب ويمتلكون أسلحة لا تمتلكها إلا الجيوش النظامية هذا تصريح من الأمير خالد بن سلطان وهو مساعد وزير الدفاع ، وأيضاً في سياق الاتهامات المتبادلة قحطان محمد قحطان يقول : يجب علينا كف الأذى عن الجيران وكررها ثلاث مرات ، الدكتور خالد الدخيل يقول : صنعاء تبتز الرياض بالحوثي، فارس السقاف يقول : الرياض تمارس الوصاية على صنعاء . الحبيشي : أنا مع احترامي الشديد لكل من الدكتور خالد الدخيل والدكتور فارس السقاف وكلاهما من القوى الحديثة في الجزيرة العربية ، من القوى التي تتبنى مشروع إصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية في بلدان الجزيرة العربية . لكن هذه التجاذبات أرجو ألا تتحول إلى تجاذبات بين القوى الحديثة كما حصل بين الدكتور فارس السقاف والدكتور خالد الدخيل . التجاذبات هي موضوعية ، هناك اتجاه لإصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المملكة العربية السعودية وفي اليمن ، وبالمناسبة مشروع الطلبنة استهدف السعودية قبل أن يستهدف اليمن، بدأ قبل ظهور حركة طالبان من خلال «مذكرة النصيحة» التي رفعها بعض رموز الحركة الصحوية السلفية في السعودية إلى الملك فهد عام 1993، وهذا ما يدل على أن طالبان والقاعدة والتطرف والإرهاب تجد دعماً لها من بعض المنتجات الفقهية الوهابية في الجزيرة العربية ان لم تكن هي المصدر الرئيسي لها. ما حصل هو أنه قبل أن تظهر طالبان وقبل أن يبدأ هذا النموذج الظلامي في أفغانستان كلنا نعرف مذكرة النصيحة التي رفعها عدد كبير من شيوخ الحركة الصحوية السلفية الوهابية في المملكة العربية السعودية ، وهذه المذكرة كانت تستهدف إيقاف كل مظاهر النهضة والتنمية والتقدم والحداثة التي بدأت في المملكة العربية السعودية تحت ضغط مفاعيل الثورة الرابعة الصناعية وهي ثورة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ، تصدى لها الملك فهد بقوة ، تصدت لها الحكومة السعودية بقوة ، وعلى العكس من ذلك قام الملك فهد بتثبيت الأوضاع التنموية الحديثة التي استهدفت مذكرة النصيحة إزالتها وأنشأ مجلس الشورى ، وهنا كانت الضربة الأولى لثنائية الحكم بين رجال الدين وبين الأسرة الحاكمة ، مجلس الشورى وسع قاعدة المشاركة ، أدخل القوى الجديدة ، منذ تلك اللحظة بدأت التجاذبات داخل المجتمع السعودي بين قوى الإصلاح والتحديث وبين القوى المحافظة التي تريد الإبقاء على الطابع الديني الكهنوتي للدولة السعودية . ثم جاءت الخطوة الثانية، الملك عبدالله بن عبدالعزيز واصل المسيرة الإصلاحية للملك فهد وأوجد مركز الحوار الوطني وأدخل إصلاحات واسعة في مجالات الإعلام والتعليم وحقوق النساء والمذاهب الدينية المختلفة في المملكة ، مركز الحوار الوطني اعترف بالتعددية الفكرية والمذهبية، أدخلت هذه الاصلاحات كثيراً من التيارات الفكرية والثقافية إلى ساحة العمل العام، وأصبحت تناقش الكثير من القضايا التي تتعلق بمستقبل الدولة السعودية خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر ، عندما ظهرت السعودية على الضوء .. 19 انتحارياً فجروا برجي مركز التجارة العالمية في مانهاتن ، 18 منهم من المملكة العربية السعودية ، الفكر الذي نشأ من داخل السعودية وتم تصديره إلى أفغانستان عبر منظمة العالم الإسلامي ، هذا هو الذي ساهم في إيجاد بيئة ثقافية عالمية للتطرف والإرهاب وتنظيم القاعدة .. بدأت المملكة العربية السعودية تشعر بأن هذا خطر يهدد وجودها ، يهدد مستقبلها ، يهدد أمنها ، يهدد أجيالها ، فبدأت الإصلاحات تأخذ مستوى عميقاً وقوياً . هنا في اليمن أيضاً يوجد توجه للإصلاح، هذا التوجه للإصلاح عبر عنه البرنامج السياسي للمؤتمر الشعبي العام ، عبر عنه البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية في الانتخابات الرئاسية لعام 2006م ، البرنامج السياسي للمؤتمر الشعبي العام الذي نال الأغلبية في انتخابات مجلس النواب عام 2003م والبرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية الذي نال الأغلبية هو مشروع للإصلاح ، وهو يتكامل في تقديري الشخصي مع مشاريع الإصلاح في السعودية والعالم العربي . السعيدة : كل ما قلته صحيح وسليم ، لكن دعنا نعلق مباشرة على هذه التصريحاتالحبيشي : هناك تجاذبات داخل السعودية وداخل اليمن ، في ناس ضد الإصلاح وناس مع الإصلاح . السعيدة : ما علاقة هؤلاء بالاتهامات الآن هناك من يقول إن علاقة اليمن بالحوثيين أكبر أو أن هناك إيعازاً رسمياً للزج بالسعودية .الحبيشي : أنا كنت أتمنى أن الذي يرد على الدكتور خالد الدخيل واحد من القوى المحافظة والمعادية للإصلاح السياسي والاقتصادي ، والذي يرد على كلام الدكتور فارس السقاف ليس خالد الدخيل بل واحد من القوى التقليدية والدينية في المجتمع السعودي الذين يتصدون بقوة لبرنامج الإصلاح الذي تنفذه حكومة الملك عبدالله إمتداداً لبرنامج الإصلاح الذي نفذه الملك فهد . السعيدة : خلاصة الأمر تعتقد أنه لا يوجد ابتزاز من صنعاء للرياض أو ابتزاز من الرياض لصنعاء ؟ الحبيشي : على العكس يوجد ابتزاز تمارسه القوى التقليدية المناهضة للإصلاحات الجارية في اليمن والسعودية ضد الحكومتين في المملكة العربية السعودية وحكومة الجمهورية اليمنية . السعيدة : أستاذ أحمد عنوان آخر طالعتنا به صحيفة الميثاق عنوان عريض هو : ((ثمانية آلاف مشارك في الحوار الوطني الاثنين القادم)) ، هل الحوار الوطني الجاد والمسئول والعميق يتطلب عدداً كبيراً بهذا الحجم ؟ الحبيشي : أعتقد أن ما يجري الآن في البلد من أساليب للتعاطي مع هذه القضية المهمة يعكس المظاهر السلبية للتجاذبات السياسية والحزبية الجارية في بلادنا ، قبل هذا العنوان الذي ذكرته حصل ما يشبه هذا أيضاً .. وهو أن أحزاب اللقاء المشترك حشدت ما بين 3 - 4 آلاف في قاعة ( أبولو ) تحت مسمى مؤتمر الحوار الوطني وهؤلاء اجتمعوا وأقروا انتخاب حوالي 180 شخصاً سموها لجنة الحوار الوطني ، ولجنة الحوار الوطني اجتمعت وأقرت انتخابات أمانة عامة ، وبعد ذلك قرأنا تصريحات بعضهم يقول أنا لم أكن موجوداًً وأنا لم أشارك وأنا معترض .. اعتقد هنا تكون المشكلة عندما يفقد الناس إدراك قيمة الحوار وإدراك أدواته ، الحوار الوطني لديه أدوات حية خصوصاً في ظل معطيات عصرنا ، يعني أنا أستطيع أستخدم ما ينشر ، أحلل ما ينشر في الصحف ، ما ينشر في المواقع الإلكترونية ، أستفيد من الإنترنت وأوجد غرفة على شبكة الإنترنت العالمية لاستقبال ملاحظات وآراء مختلف الأجيال ومختلف الشرائح الاجتماعية ، وبالتالي يمكن للقوى الحية في المجتمع والتي هي محور التجاذبات السياسية والحزبية في البلد من خلال أدوات مبسطة أن تقف أمام كافة هذه المعطيات كافة هذه الآراء التي تعكس بطبيعة الحال مصالح الناس وهمومهم ، .. توجد في مجتمعنا أغلبية ساحقة الآن وصامتة داخل المجتمع تمثل الشباب ، تمثل الطلاب ، تمثل النساء ، هؤلاء خارج العملية خارج عملية الثمانية آلاف وخارج عملية الثلاثة آلاف . السعيدة ( مقاطعاً ) : يعني المؤتمر الذي كان فيه ثلاثة آلاف متحاور الحبيشي ( مقاطعاً ) : مش متحاور كان مهرجاناً خطابياً ، وهذا سيكون أيضاً مهرجاناً خطابيا آخر . السعيدة : إذن ليس للنشاطين أي صلة بمفردة ( الحوار الوطني ) الحبيشي : لا ليس لهما صلة بقيم وأدوات الحوار ، لا نذهب بعيداً لننظر إلى جارتنا المملكة العربية السعودية .. أنا يؤسفني أنها تقدمت علينا كثيراً فيما يتعلق بأدوات الحداثة ، أنشؤوا مركزاً للحوار الوطني ، هذا المركز تتوافر فيه كافة التقنيات والأوعية والأدوات التي تمكن القائمين على الحوار الوطني من أن يصلوا إلى مختلف الشرائح الاجتماعية ، من خلال استقبال آرائهم وملاحظاتهم وهمومهم وشكاواهم وتدارسها . السعيدة : عندنا كل طرف يقول إن عنده الوسائل التي يصل بها إلى مختلف الشرائح ، ويدعي كل طرف سواء السلطة أو المعارضة أنه قد وصل من خلال هذا الرقم الكبير إلى مختلف الشرائح . الحبيشي : على الرغم من أن الثمانية آلاف هؤلاء كما اعلم ، هذا العدد يتضمن عدداً كبيراً من الطرف الآخر ، المعارضة ، في حين الحوار الوطني للمعارضة كان حوار الطرشان لم يدع أحداً من خارج المعارضة ، يعني غابت السلطة وغابت أيضاً الأغلبية الصامتة في المجتمع التي لم تعط أحزاب المعارضة ثقتها في الانتخابات البرلمانية والانتخابات الرئاسية ، هذه نقطة مهمة ، أحزاب المعارضة لم تحصل على ثقة الأغلبية ، فبالتالي هذه الأغلبية لم تكن موجودة في حين الحزب الحاكم على الأقل أنا لاحظت أنه أعطى نسبة غير هينة للرأي الآخر . السعيدة : لكن تظل هاتان الفعاليتان نشاطين حزبيين .الحبيشي : أنا أعتبره نشاطاً يندرج ضمن الظواهر الصوتية التي يصعب قياس مدى تعبيرها عن المعطيات الواقعية ، عن المشكلات الحقيقية . السعيدة : يعني من خلال كلامك نجد انه لا جدوى من الحوار الحبيشي : لا، مش لا جدوى هو ضروري في كل الأحوال أن تأتي متأخراً وأن تأتي بهذه المظاهر السلبية سواء من السلطة أو المعارضة خير من أن لا تأتي أبداً ...السعيدة : يعني السلطة تأتي بمؤتمر لوحدها والمعارضة تأتي بمؤتمر لوحدها ماذا سيستفيد الوطن من هذا . الحبيشي : أنا أعتقد الوطن مستفيد من شيء واحد هو أن السلطة والمعارضة بدأتا تدركان قيمة الحوار ، هذه الفائدة الكبرى ، لا نستطيع أن نحل المشاكل المعقدة التي تواجه البلاد من خلال خطاب سياسي يقوم على التحريض الطائفي أو التحريض الحزبي أو التحريض المذهبي أو التحريض المناطقي أو إشاعة ثقافة الكراهية ، لا نستطيع إطلاقاً أن نحل مشاكل البلد بهذا الخطاب ، ولكن من خلال الحوار من خلال الاعتراف بالجميع ، عندما تولد مشكلة يجب أن نعترف بهذه المشكلة ، ويجب أن نبحث عن أسباب هذه المشكلة ، ثم يجب أن نبحث عن طرق لحل هذه المشكلة . السعيدة : يعني الطرفان الآن بدآ يعترفان بأهمية الحوار ولم يكونا في وقت من الأوقات يعترفان بهذا المبدأ أو هذا المسلك .الحبيشي : اتفق معك في هذا .السعيدة : بقي لدينا عنوانان .. عنوان لصحيفة الجارديان البريطانية يقول : (( الاهتمام الغربي يثلج صدر الرئيس صالح )) ، عنوان آخر أيضاً في رويترز يقول : (( الغضب الجنوبي يمتزج بالحنين للماضي )) ، نبدأ بالاهتمام الغربي كيف يثلج صدر النظام أو صدر الرئيس صالح ؟ الحبيشي : أعتقد أنه في التباس حول هذه القضية ، الاهتمام الغربي باليمن يثلج صدورنا جميعاً ويقلقنا جميعاً ، يقلقنا إذا كانت أهدافه مبيتة وكيدية واستعمارية ويثلج صدورنا إذا كانت أهدافه فعلاً إصلاح الأوضاع في اليمن ومساعدة اليمن على تجاوز المعوقات التي تعترض طريق التنمية وطريق الإصلاح ومساعدة اليمن على مكافحة الإرهاب ، إذا كان هذا الاهتمام ينطلق في هذا الاتجاه فلا يثلج صدر الرئيس علي عبدالله صالح فقط ولكن يثلج صدر كل اليمنيين ، أما إذا كان في الاتجاه المعاكس فهو لا يقلق الزنداني ولكن يقلق كل اليمنيين . السعيدة : طيب .. عنوان الغضب الجنوبي يمتزج بالحنين للماضي .الحبيشي : الحنين للماضي هنا مفهوم مركب أو قضية مركبة هناك من يحن للماضي التشطيري قبل الوحدة ، وهناك من يحن للنظام الإمامي وللماضي الاستعماري السلاطيني قبل ثورة 26 سبتمبر وقبل ثورة 14 أكتوبر وقبل الاستقلال وقبل استعادة الهوية اليمنية للجنوب المحتل ، فالقضية مركبة هنا ، ولكن كل ما يهمنا هو ألا نجعل الحنين إلى الماضي ظاهرة ومشكلة في مجتمعنا . نحن يجب أن نتقدم إلى الأمام ، ومع الأسف الشديد هناك من يكرس ثقافة الإقامة الدائمة في الماضي بدءاً بالجماعات السلفية التي تريدنا أن نقيم في عصور غابرة وأن نقلد أسلافنا في عصور غابرة وأن نعيد إنتاج ملابسهم وطريقة حياتهم ومشاكلهم وحروبهم وصراعاتهم المذهبية ، وانتهاءً بالقوى السياسية التي تريد أيضا إعادتنا إلى الماضي القريب ، نحن يجب أن ننطلق إلى الأمام يجب أن ننطلق إلى المستقبل .. يزعجني أن يوجد حنين إلى الماضي في المجتمع.. هذا دليل فشلنا .. هذا دليل فشل وأقولها بصراحة قوى المشروع الثوري الديمقراطي الوحدوي ، مجرد أن يوجد حنين إلى الماضي سواء إلى ماضي ما قبل ألف سنة أو إلى ماضي ما قبل عشرين أو ثلاثين سنة أو إلى ماضي خمسين أو مئة وثلاثين سنة ، أنا أعتبر أن هذا تحد لقوى المشروع الوطني الديمقراطي الثوري الذي جاءت به الثورة اليمنية ثورة 26 سبتمبر وثورة 14 أكتوبر . السعيدة : الأستاذ احمد الحبيشي وقتنا طبعاً انتهى أنا شاكر جداً لك وشكراً لمجيئك وإن شاء الله نشوفك مرة ثانية . الحبيشي : شكراً جزيلاً .