ليس أسوأ من أن تكون نفسك بيد غيرك من المخلوقين، فإن كان ذلك لابد كائناً، فأبشر بالمذلة، وعنت اللئام، ولتذهب نفسك عليك حسرات.. ولتبك أمك وإن في قبرها.. وليبك الخير في قلوب الخيرين الذين قد يشاهدونك.. ولا يملكون لك ضراً ولا نفعاً سوى أن يذرف البعض الدموع.. أو ينفثون عليك الآهات.هذا الحال - أيها السادة - هو حال مرضى السكري غيرهم ممن أراد الله ابتلاءهم بالأمراض المزمنة.. هذا هو حالهم منذ أكثر من سنتين.. حين بدأت المشكلة بتقاعس المختصين في اتخاذ إجراءات الاستيراد لهذه الأدوية.. مع أن تمويلها في الأصل يأتي كإعانات وهبات من المنظمات والدول المانحة.. فأصبح اليوم أمامنا كابوس أسمه أزمة نقص أدوية السكر.. وخصوصاً الأنسولين ونقص بقية الأدوية التي ينبغي أن توزع مجاناً للمرضى لعدم قدرة المرضى على شرائها.. أو على الأقل بيعها بأسعار رمزية كما هو الحال مثلاً في كثير من الدول العربية وليس المتطورة..قد يقول المختصون نحن نوزع الأدوية شهرياً.. نقول: : كلا.. بل تهرقون مياه الأوجه.. وترغمون المرضى على إجراءات متعبة للأصحاء.. وإذا حظي قريب المريض بشيء بعد ذلك فيكون ربما بثلث الحاجة وربما أقل.. فكيف هو حال من لا قريب يتابع له.. وينافح من أجل الحصول على كذبة من الأكاذيب السوداء.هل يجري ذلك من أجل أن تتأزم حياة الناس.. أم من أجل أن يرتزق من لا قلوب لهم.. لقد أصبحنا مضطرين لشراء أدويتنا من المكنسين والفراشين والممرضين.. نشتريها بنصف القيمة تقريباً.. ولكن لا نعلم حالها.. وكيف تحفظ.. وأنا أقسم لكم بالله وعلى كتاب الله أنني أتعاطى مئة وثمانين وحدة أنسولين من هذا الصنف.. مع أن حاجتي من الأنسولين الجيد لا تتجاوز التسعين وحدة في اليوم.فمن ينقذنا من هذه الحال؟ وإلى متى نبقى نحقن أجسامنا بما لا نعلم من السموم.. ونحيا الهموم تلو الهموم.. حتى لا يكون فرق بينها وشجرة الزقوم.. مع أن شجرة الزقوم في الأصل طعام الأثيم.. فما إثمنا أيها المختصون في هذه الحال الأشد علينا من الوبال؟ وماذا يفعل من لا يكاد دخله يشبع بطنه.. ولا يصل صوته ذقنه؟!لقد ثقلت الأعباء.. واشتدت وطأة الحمل.. فاحذروا دعوات المظلومين.. فليس بينها وبين الله حجاب.. واحترموا حق الناس في الحياة فربما غداً الطبيب مريضاً.. والغني فقيراً.. والحياة يوم لك ويوم عليك ورب يوم لا لك ولا عليك.
|
ءات
نحن والأنسولين
أخبار متعلقة