نجيب قحطان الشعبي في حوار مع ( 14 أكتوبر ) :
حاوره عبر الهاتف / رئيس التحريريروي كثيرون من أصدقاء وخصوم الزميل الأستاذ نجيب قحطان الشعبي مواقف ووقائع لا تحصى تبرز حماسه للدفاع عن تاريخ الجبهة القومية، بما هي الفصيل الذي كان له شرف تفجير ثورة 14 أكتوبر وخوض مفاوضات الاستقلال وبناء أول دولة مستقلة حقيقية للجنوب المحتل حملت اسم اليمن كتجسيدٍ لهزيمة مشروع دولة الجنوب العربي الذي استهدف طمس الهوية اليمنية للجنوب وتلفيق هويات مزيفة عليه. في فترات صعبة ومعقدة بعد الوحدة انهالت الرماح على الحزب الاشتراكي اليمني الذي حكم الشطر الجنوبي من الوطن منذ الاستقلال وارتكب ـــ ولا شك في ذلك ـــ أخطاءً كبيرة خلال فترة حكمه للجنوب بعد الاستقلال وحتى قيام الوحدة.. وكان معظم الرماح يطال الجبهة القومية وتاريخها وسط صمت كثيرين من قادة الحزب ومناضليه.. بيد أنّ نجيب قحطان كان ـ وربما سيظل ـــ ينبري للرد على كل من يتعرض لتاريخ الجبهة القومية رغم أنّه كان طالباً، ولم يكن عضواً في الجبهة القومية التي كان يقودها والده الرئيس الراحل قحطان محمد الشعبي.في منتصف هذا الشهر هاتفني الأخ / نجيب قحطان الذي تربطني به صداقة قائمة منذ فترة طويلة.. كما ربطتني به عَلاقة زمالة عندما كـنّا أعضاءً في أول برلمان لدولة الوحدة.. كما دخلت معه في سجالات ومناقشات عبر الصحف حول بعض القضايا التي اختلف فيها معه، لكن الخلاف في الرأي لا يُفسد للود قضية.كعادته في كل اتصال هاتفي يتحدث نجيب قحطان حول أكثر من قضية تتعلق بالواقع والتاريخ.. وفي ذلك الاتصال الهاتفي عرضت عليه أن يتحدث إلى قراء الصحيفة عبر الهاتف.رحب نجيب بالفكرة بصفته باحثاً في تاريخ الثورة اليمنية.. مشيراً إلى أنّها أول تجرِبة له في هذا المجال.. فقد اعتاد أن يقرأ الأسئلة ويتفحصها قبل أن يجيب عليها بالاستناد إلى ما يراها مناسبة من وثائق ومراجع تدعم آراءه.نعم .. رحب نجيب قحطان بالفكرة .. وقبل أن يغامر بحسب وجهة نظره في الحديث عبر الهاتف عن قضايا ذات صلة بتاريخ ثورة 14 اكتوبر وبالاستقلال الوطني الذي جاء ثمرة لوحدة النضال الوطني بعد ان كنس مشروع دولة الجنوب العربي ومهد الطريق لاستعادة وحدة الوطن اليمني .. فكانت المحصلة هذا الحوار عبر الهاتف :* طبعاً لا نطرح هذه الأسئلة لغرض التشكيك في وطنية الجبهة القومية أو جبهة التحرير بل لنتيح الفرصة أمامك لتوضح رأيك كباحث في تاريخ ثورة 14 أكتوبر التي تتوجت بتحقيق الاستقلال الوطني الناجز يوم 30 نوفمبر 1967 .. وهنا سننتقل إلى مباحثات الاستقلال فما هي تشكيلة وفد الجبهة القومية الذي فاوض على استقلالنا في جنيف؟** تشكل من سبعة أفراد هم : قحطان الشعبي رئيساً، وعضوية كل من فيصل عبداللطيف، سيف الضالعي، خالد عبدالعزيز، عبدالله صالح سبعة العولقي، عبدالفتاح إسماعيل ومحمد أحمد البيشي.* متى بدأت المفاوضات ومتى انتهت؟** افتتحت في 21 نوفمبر 1967م، وفي يوم 28 من الشهر نفسه انعقدت الجلسة الأخيرة وتواصلت حتى ظهيرة اليوم التالي.* بعد أربعين عاماً من التوقيع على وثائق الاستقلال سيكون مفيداً للجيل الجديد الذي لم يعش هذا الحدث الوطني العظيم أن يعرف متى وُقعت وثيقة «اتفاقية الاستقلال».. ومن وقعها؟** في ظهر يوم 29 نوفمبر 1967م دُعي الصحفيون ومراسلو وكالات الأنباء العالمية للدخول إلى القاعة حيث أُجريت المفاوضات ليشهدوا اللحظة المهيبة .. لحظة توقيع اتفاقية استقلال جنوب اليمن بعد احتلال بريطاني دام نحو 129 عاماً.وقد وقع على الاتفاقية عن الجبهة القومية رئيس وفدها قحطان محمد الشعبي وعن الحكومة البريطانية رئيس وفدها اللورد شاكلتون الوزير بلا وزارة، كما أضاف السير هارولد بيلي توقيعه.* من هو السير هارولد بيلي؟** كان مرشحاً سفيراً للندن لدى القاهرة، وهو رئيس الوفد البريطاني في مفاوضات نزع السلاح في أوروبا، وكانت لندن قد أضافته إلى قوام وفدها بجنيف بعد عدة جلسات من المفاوضات للاستفادة من خبراته بعد ما تبين صلابة موقف وفد الجبهة القومية.. وقد صرح لورد شاكلتون بأنّه كان يظن وفد الجبهة القومية سيتشكل من شباب متحمسين يجيدون فقط استخدام السلاح، لكنه وجد نفسه أمام أُناس يجيدون التفاوض السياسي .. وقال بأنّه معجب بوفد الجبهة القومية، ومعجب على وجه الخصوص بالسيدين قحطان الشعبي وفيصل الشعبي.* المستشرق الروسي فيتالي ناؤومكين كتب أنّ وفد الجبهة القومية عاد إلى عدن في طائرة حظر عليها لأسباب أمنية النزول في أي مطار بالشرق الأوسط عدا بيروت وأسمرا، فما مدى صحة ذلك؟** ذلك غير صحيح بالمرة ولا أعلم من أين استقى هذا المستشرق معلوماته الخاطئة التي اكتظ بها كتابه حول كفاح الجبهة القومية .. وللأسف فإنّ المعلومة التي ذكرتها نقلها عنه كثير من الكُتاب اليمنيين .. أما الصحيح فهو أنّ طائرة الوفد توقفت في مطار القاهرة فقط دون غيره وذلك قبل منتصف ليلة 29/30 نوفمبر 1967م، حيث استقبل الوفد مندوبون عن الرئيس عبدالناصر ومكث الوفد زهاء الساعة وقبل انتصاف الليل بدقائق غادر إلى عدن.* سألت ناؤومكين شخصياً هذا السؤال وهو صديق عزيز لي وقدم لي وثائق صادرة عن مطارات عربية تؤكد ذلك .. علما بأن فيتالي أطلعني على وثيقة صادرة من سلطة مطار دمشق تفيد بمنع السماح لطائرة وفد الجبهة القومية القادمة من جنيف بدخول دمشق أو بعبور الأجواء السورية بقصد التوجه إلى مطار بيروت .. وربما يكون ناؤومكين قد حصل على هذه الوثائق من الاستخبارات السوفييتية .. ولقد كتبت في أواخر الثمانينات وفي هذه الصحيفة على وجه التحديد إنني غير مقتنع بهذه الرواية، استنادا إلى واقعة هبوط الطائرة في القاهرة وكذلك واقعة المؤتمر الصحفي الذي عقده قحطان في مطار القاهرة قبل التوجه إلى عدن .. وقلت : إنّ قحطان الشعبي عقد بمطار القاهرة حينئذٍ مؤتمراً صحفياً تناقلت وكالات الأنباء العالمية ما جاء فيه.. وربما يكون ناؤومكين على حق في جزء من كلامه لأنني سمعت شخصيا عبدالفتاح إسماعيل يقول للشاعر أدونيس عام 1980 إن وفد الجبهة القومية كان يرغب في المرور على دمشق لكن السلطات السورية اعتذرت .. عموماً أرجو أن تحيط القراء بأهم ما صرح به قحطان؟. ** قبل أنْ أُجيبك، فإنني أود التوضيح بأنني استبعد أن يكون لدى الوفد النية في الهبوط بمطار دمشق، فأولاً لم تكن دمشق حينئذٍ تؤيد الجبهة القومية، وثانياً أنّ الوقت المتاح للوفد يسمح بالهبوط في عاصمة واحدة فقط، وهذه العاصمة ستكون بالضرورة هي القاهرة، وذلك لأسباب عديدة منها التقدير لعبد الناصر، ومنها أنّ القاهرة هي عاصمة أكبر بلد عربي ومنها أنّ القاهرة هي أكثر العواصم التي دعمت ثورة 14 أكتوبر وحتى جغرافياً، فإنّ القاهرة وليست دمشق هي التي تقع على الخط بين جنيف وعدن.ثمّ أنّ هناك تناقضاً في أن يقول ناؤومكين بأنّ الطائرة خطر عليها الهبوط... الخ، لأسباب أمنية أي أنّ وفد الجبهة القومية هو الذي قرر عدم النزول بأي مطار عدا أسمرة وبيروت، وبين أن يكون لديه وثيقة صحيحة، بأنّ دمشق هي التي حظرت هبوط طائرة الوفد بمطارها فالحظر هنا ليس أمنياً مثلما كتب في كتابه وإنّما سياسياً مثلما يستدل من وثيقته التي قلت إنّه أطلعك عليها.ثمّ وحتى لو أن لديه ما يثبت أنّ دمشق حظرت هبوط الطائرة، فأين هي أدلته التي تثبت بأنّ جميع مطارات الشرق الأوسط باستثناء أسمرا وبيروت قد رفضت أيضاً هبوط الطائرة؟! أما ما يتصل بسؤالك فإنّ أهم ما صرح به قحطان الشعبي هو أنّ وفده تعرض لضغوط شديدة من قبل الوفد البريطاني في جميع الموضوعات، إلا أنّ وفد الجبهة القومية كان صلباً وتمسك بجميع الحقوق المشروعة للشعب في الجنوب واستطاع رغم كل الضغوط أن ينتزع استقلالاً ناجزا.. وقال قحطان الشعبي : أن تحقيق استقلال جنوب اليمن بعد كفاح مسلح دام أكثر من أربعة أعوام يُعد قفزة على صعيد الانتصار التاريخي للشعب اليمني في الجنوب، وقال سوف نجعل من هذا البلد الصغير نموذجاً يحتذى به في تاريخ الأمة العربية، وللأسف فإنّ تفاؤل الشعبي لم يكن في محله فالتآمر الداخلي والخارجي بدأ منذ أول يوم للاستقلال فمنعه من بناء ذلك البلد النموذج الذي كان يتطلع إلى بنائه .. وإزاء التآمر وبالذات من قبل رفاقه في قيادة الجبهة القومية وحرصه على عدم إراقة قطرة دم في سبيل بقائه في الحكم .. رفض الحسم العسكري وقدم استقالته وكذا رئيس الوزراء فيصل عبداللطيف وذلك في 22 يونيو 1969م، لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ جنوب اليمن يقودها ما عُرف باليسار المغامر أو اليسار الطفولي حسب تسمية فيصل عبداللطيف لهم.* في يناير 1966 احتجز كل من قحطان وفيصل في مصرَ، وفي يونيو 1969م احتجزا بمنزليهما بعدن فماذا جرى بعد ذلك؟** بعدها بأسابيع نقلا إلى معسكر الفتح بالتواهي، وجرى اغتيال فيصل في زنزانته في مطلع أبريل 1970م وبعدها بيومين نقل قحطان إلى كوخ بمنطقة الرئاسة ليعتقل فيه انفرادياً حتى وقعت أحداث 26 يونيو 1978م الدموية التي هُزم فيها رئيس مجلس الرئاسة سالم ربيع علي وأُعدم على إثرها .. ففي ذلك اليوم نجا قحطان الشعبي بأعجوبة عندما أصابت القذائف الكوخ فقتل جميع الجنود المكلفين بحراسته وأُصيب هو ببعض الشظايا وبعدها نقل لمنزل صغير عند مدخل منطقة دار الرئاسة ليتواصل اعتقاله الانفرادي .. وقد فشلت جميع وساطات الزعماء العرب وغير العرب لدى عدن لإطلاق سراحه .. وفي 7 يوليو من العام 1981م تم الإعلان عن وفاته فجأة.* لقد كان مصيراً مؤلماً لقيادة حرب التحرير ودولة الاستقلال، التي كانت بريطانيا ومصر أول من أعترف بها؟!.** بالطبع كانت لندن أول من اعترف بدولة الاستقلال فقد نصت اتفاقية الاستقلال على ذلك الاعتراف .. وبعد دقيقة واحدة من الاستقلال اعترفت القاهرة .. فقد حرص الرئيس جمال عبدالناصر على أن يكون أول من يعترف باستقلال جنوب اليمن ولو كانت بريطانيا قد سلمت الحكم للجبهة القومية نكاية بعبد الناصر ما كان عبدالناصر أول من يعترف بنظام حكم الجبهة القومية.* كان قحطان الشعبي وفيصل عبداللطيف يتزعمان الخط القومي داخل الجبهة القومية وظلا على ذلك حتى بعد أن تحول كثير من رفاقهما في القيادة العامة للجبهة القومية إلى انتهاج الفكر الماركسي .. وأتذكر أنّ التوجه القومي للرئيس قحطان الشعبي انعكس على أول زيارات خارجية قام بها بعد الاستقلال وسأترك الفرصة لك لتوضيح ذلك للقراء ؟** ما قلته صحيح فمن منطلق إيمانه بالوحدة العربية وتبنيه للفكر القومي العربي، كانت أول زيارة خارجية للرئيس قحطان الشعبي هي إلى مصرَ في أواخر يونيو 1968م تلبية لدعوةٍ من الرئيس جمال عبدالناصر ودامت أربعة أيام غادر بعدها إلى بغداد في مطلع شهر يوليو تلبية لدعوة من الرئيس عبدالرحمن عارف، ومنها اتجه إلى الجزائر تلبية لدعوة الرئيس الجزائري هواري بومدين.* ما دلالات تسمية دولة الاستقلال بجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية والتي تحوّلت إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في 30 نوفمبر 1970م ؟** تسمية دولة الاستقلال بجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية عكست الهوية اليمنية للجنوب الذي توحدت أجزاؤه في يوم الاستقلال في دولة واحدة، فكانت تلك هزيمة للمشروع الاستعماري الهادف إلى خلق دولة الجنوب العربي على بعض أنحاء الجنوب ليمنحها استقلالاً شكلياً .. فقد أقام الاستعمار في 11 فبراير 1959م اتحاداً فيدرالياً ضم 6 من المحميات الغربية في الجنوب وانضمت إليها فيما بعد محميات أخرى .. وفي يناير 1963م ضمت عدن للاتحاد، وكانت تسمية الجنوب العربي حينئذٍ يقصد بها نفي الهوية اليمنية عن الجنوب، مثلما كانت القوى الوطنية الوحدوية تسميه منذ خمسينيات القرن الـ 20 الماضي.وبعد اندلاع ثورة 14 أكتوبر 1963م أعلن البريطانيون عزمهم على منح الاستقلال للاتحاد الفيدرالي للجنوب العربي في عام 1968م فلولا ثورة 14 أكتوبر وتحقيق استقلال ناجز لنجح المشروع الاستعماري وما كان هناك بعدها أي مدخل لتحقيق الوحدة اليمنية .. بل لن يكون متاحاً الحديث عن شيء اسمه الوحدة اليمنية ما دامت الدولة التي أُقيمت على أرض الجنوب هي دولة الجنوب العربي.بل أنّه لو كان المشروع الاستعماري قد نجح فما كانت وحدة الجنوب نفسه قد تحققت .. فالاستعمار كان سيمنح الاستقلال للاتحاد الفيدرالي وهو الاتحاد الذي لم تنضم اليه سلطنتا حضرموت أي القعيطي والكثيري وكذلك المهرة ناهيك عن الجزر العديدة وبالتالي كانت ستقوم في هذه المناطق في يوم الاستقلال دولة أخرى أو عدد من الدول أي أنّ الجنوب سيتفتت إلى أكثر من دولة.* يصف بعض خصوم الجبهة القومية الاستقلال الذي تحقق يوم 30 نوفمبر 1967م بالاستقلال الضائع أو الناقص، فما ردكم ؟** من يقول ذلك ليس خصماً للجبهة القومية وحسب بل أيضاً خصماً للحقيقة وخصماً للثورة والحرية وخصماً لبلاده .. فمن يطلق مثل تلك التسميات يستحيل أن يكون وطنياً شريفاً، يحب بلاده ويغير على انتصاراتها الوطنية .. فالاستقلال ليس ملكاً لشخص أو تنظيم سياسي واحد، بل ملك للشعب وانتصار عظيم لكفاح الشعب ووسام شرف على صدر كل يمني مخلص شريف .. إنني أعرف كثيراً من أعضاء جبهة التحرير والتنظيم الشعبي، وطالعت لكثير منهم فوجدتهم يتحدثون عن الاستقلال بكل فخر ويصفون فرحتهم في 30 نوفمبر 1967م رغم الألم الناتج عن ما جرى من اقتتال أهلي في ذلك الشهر، وأدى إلى هزيمة جبهة التحرير والتنظيم الشعبي، فإنّهم قالوا إنّ يوم الاستقلال جاء وهم في المعتقل بعد أن اعتقلتهم الجبهة القومية إثر اندلاع الاقتتال الأهلي وقالوا : بأنّهم كانوا فرحين في يوم الاستقلال وكانوا يتمنون لو أنّهم مطلقو السراح ليشاركوا مع بقية جماهير الشعب في استقبال وفد الجبهة القومية العائد من مفاوضات الاستقلال بجنيف .. لقد سمعت ذلك منك شخصيا وسمعته من غيرك ممن كانوا رهن الاحتجاز المؤقت بعد الاقتتال الأهلي عشية الاستقلال .. إنّ مثل هؤلاء المناضلين من جبهة التحرير والتنظيم الشعبي يستحقون كل احترام وتقدير.* بماذا ترد والحال كذلك على من يقولون إنّ الاستقلال ضائع أو ناقص ؟** الذي يقول إنّ الاستقلال ناقص عليه أن يبيِّن لنا ذلك النقص المزعوم .. فاستقلالنا كان ناجزاً أي مكتملاً وأتحدى أن يثبت أي شخص بأنّ هناك بلداً نال استقلالاً أفضل من استقلالنا .. فمن يقول بأنّ استقلالنا كان ناقصاً أقول له بأنّك أنت الناقص ومن يقول بأنّ استقلالنا كان ضائعاً أقول له بأنّك أنت الذي كنت ضائعاً وستظل ضائعاً إلى آخر يوم في حياتك.* وبماذا ترد أيضاً على من يزعمون بأنّه ليست هناك وثيقة للاستقلال ؟** أرد بأنّه ليست هناك وثيقة فحسب، بل هناك وثائق عديدة ، فكل محضر جلسة بجنيف يعد وثيقة من وثائق الاستقلال .. وكل تصريح صحفي صدر أثناء المفاوضات يعتبر من وثائق الاستقلال .. أما أهم وثيقة فهي الاتفاقية التي وقعها في ظهر يوم 29 نوفمبر 1967م رئيسا وفدي الجبهة القومية والحكومة البريطانية والتي كان عنوانها « اتفاقية جنيف للإستقلال ».ومن المضحك أنّ الجهل بلغ ببعضهم حد أن يظن بأنّ وثيقة الاستقلال لابد أن تكون شبيهة بالشهادات الدراسية أي مستطيلة الشكل وعليها زخارف وأختام ومكتوب عليها مثلاً : (( نحن حكومة صاحبة الجلالة ملكة المملكة المتحدة نتكرم ونمنح الاستقلال للجنوب العربي، بدءً من يوم 30 نوفمبر 1967م... الخ)).!!إنّ الجهلة وحدهم هم من يظنون ذلك ويظنون أنّ وثيقة الاستقلال يمكن بروزتها وتعليقها على الجدار! فأقول لهم فعلاً الجهل نعمة فهو يجعل أصحابه يعيشون في راحة بال.* قحطان محمد الشعبي والدك وفيصل عبداللطيف خالك، فهل لديهما إخوة مارسوا النضال المسلح؟** كلا، فأبي كان لديه شقيق واحد وتوفي قبل اندلاع الثورة بسنوات كثيرة، وربما أنت تقصد علي محمد الشعبي فهذا كان فعلاً من كبار المناضلين ومن قادة الجبهة القومية وهو من أقارب قحطان، أما خالي فيصل وهو أخ شقيق لوالدتي فلديه أخ واحد غير شقيق اسمه عبدالقوي محمد رشاد تخرج في جامعة القاهرة في عام 1964م وفضل الذهاب إلى الكويت للعمل والاستقرار هناك وعاد إلى عدن عشية الاستقلال.* أشكرك كثيراً يا أخ نجيب على هذا الحوار المفيد في ذكرى استقلالنا الوطني الذي كان فعلاً مكسباً وطنياً لكل الشعب اليمني وعربياً لكل الأمة العربية ويجب أن نفخر به كونه كان ناجزاً .. مكتملاً وكونه أدى إلى قيام دولة في جنوب الوطن يمنية الهوية .. وكانت خطوة اساسية على طريق وحدة الوطن اليمني كله .. وكل عام وأنت بخير.** كل عام وأنت بخير أيضاً يا أخ أحمد، وإنني أدرك بأنّك أحد أكثر الناس معرفة بحقائق تاريخنا الوطني .. لكنك أردت إبراز كثير من الحقائق على لساني فشكراً لكم، كما أشكركم على اعتزازكم الواضح بالاستقلال فرغم انتمائك للتنظيم الشعبي وقد كان خصماً سياسياً للجبهة القومية إلا أنّ خصومتك لم تمنع موضوعيتك عن قراءة أحداث التاريخ. [c1]* الحلقة رقم ( 1-2 ) ستجدونها متواجدة في العدد رقم : (13955) , يوم الإثنين الموافق 3 ديسمبر 2007 ، في ( ملحق 14 أكتوبر 2 ) .[/c]