قصة قصيرة
ميرفت مسعود حسن باديب كانا كثيرا الخصام والنزاع ...ما أن يلتقيا حتى تشب بينهما نيران النزاع ولايهتما لأمور أولادهما والأبناء الأربعة نائمون في الأزقة والأحياء والشوارع ..وكانت صفاء هي الوحيدة التي تشعر بالمعاناة من الوضع في المنزل ، فعندما يترك والدها المنزل يسود الهدوء والسلام وما أن يعود تبدأ المشاكل بينه وزوجته ... وكانت صنعاء تنظر إلى سوء معاملة والديها لبعضهم ..وحتى أخوتها لايهتمون بها ما أن يشب الخصام بين أكرم وعلوية يركض الأبناء ألى الشارع وتبقى صفاء في المنزل تصلح بين والديها، وهم يحتكمون لها من المتسبب الأول ومن صاحب الحق ... فتعمل على حل النزاع وتقديم الحلول المناسبة ... وانقلبت الموازين في هذا المنزل وصارت الأبنة ذات التاسع عشر تقوم مقام الأب والأم ..وبعد إنهاء أعمال المنزل تذهب في الظهر إلى الثانوية وهي منهارة القوى مابين أعمال المنزل وبين صبيانية والديها ... وفي كل يوم يحدث الخصام ويحتدم الشجار والنزاع ..وفي إحدى الأيام ذهبت الثانوية بعدما آطفأت النيران التي شبت بين والديها والتي وصلت إلى مرحلة الضرب المبرح وقد آصيبت الأم بنزيف لتعرض حملها للأجهاض ..ومن شدت الضرب فقدت الأم جنينها ...وبعد يوم طويل ومجهد تسلل اليأس والاحباط إلى قلبها ومن الألأم التي تعانيها دون أن يشعر بها احد من أفراد أسرتها ..كانت تحلم بآن تعيش في مناخ عائلي سليم وبين أهتمام وحنان وعطف والديهما وأخوتها ..ولكن آلمها سيطر عليها ولم ترغب بالعودة إلى ذلك المنزل التي لم ترى فيه الإستقرار النفسي كل تلك الأحزان والأفكار تمر في مخيلتها وهي على مقعد الدراسة ففكرت بالتخلص من حياتها وأخرجت من الحقيبة آلة حادة وقطعت وريدها ..وما أن رأت الدماء تتدفق من معصمها أدركت بأنها هلكت وتخلصت من حياتها المريرة فأغمي عليها ودخلت في غيبوبة .. وما هي الا لحظات حتى ناداها المدرس للحل عن السؤال الموجه لها .. فلم ترد ظن بآنها نامت وما أن أقترب منها رأى الدماء تسيل من معصمها إلى أرضية الفصل فأنتشلها من المقعد وهرع بها إلى مستوصف الثانوية.. وأجريت لها الأسعافات الأزمة ثم أسعفت للمستشفى وأستدعي والدالديها وأخوتها ..مرت سبعة أيام وهي على حالتها فاقدة الوعي وعنما كشف عليها الدكتور النفسي آخبرهم بانها تعاني من واقعها ولاتريد العودة إلى الواقع بسب حالتها وماكانت تعانيه لذلك فقد أصيبت بغيبوبة نفسية وعقلها رافض رفض تام العودة إلى الواقع حتى لاتتكرر معاناتها من الجو الأسري الغير صحي والملئ بالشوائب وانها لاتعاني من أي مرض عضوي ..وان شفاءها يكمن في معاملت والديها لبعضهم ..ويجب التحدث الديها حتى وهي فاقدة الوعي لكنها تدرك وتعي وتنصت للحديث الموجه لها ...وعليكم وعدها بتغير والعودة لهم مرة آخرى وأنهم سوف يولوها الأهتمام والرعاية.فأعترف الوالدين بأنهما السبب فيما حصل لأبنتهم ..حتى أخوتها الأربعة كانو لايجتمعوا برهة حتى يتفرقون ..ولكن الأن يجلسون أمام سريرها وهي جثة هامدة لاحراك فيها غير صعود وهبوط صدرها ..ورغم غيبوبتها الا أنها كانت تسمع والديها وأخوتها بجانبها وهم يتحدثون ..وكانت سعيدة بأنها أستطاعت جمعهم في مكان واحد .. وهم الان بجانبها لايتركونها برهة واحد وما يخرج واحد حتى يأتي الأخر إلى جانبها ويتحدث معها ويمازحها ..وهي تستمع لهم وتفرح .وكانت تركض في جنان واسعة خضراء وكل عائلتها معها أدركت صفاء بأن مابها هو الحل الوحيد لحل النزاع والاصلاح بينهم ..ولن تعود إلى الواقع حتى لايعودون كما كانوا عليه في الماضي...... ومرت سنتين وهي على حالها رافضة العودة إلى المعاناة والحرمان والسعادة التي حصلت عليها الآن وأنها الآن استطاعت تحقيق حلمها الأوحد في لم شمل اسرتها الممزقة وجعلتهم يحبون بعضهم ويخافون على بعضهم واهتمامهم المرفض ..... وبعد اكتمال نضج والديها ولن تهدم ما حققته..... ورغم اخبارها بأنها تستطيع الآن العودة إلى أسرتها وبعد أن سمعت وأحست بأنهم توحدوا ولن يتفرقوا إلا أن نفسها تأبى العودة لأن الانفصال عن الواقع هو الشيء الوحيد أمامها....وتزوجوا اخوتها وانجبوا الاطفال وكانوا يصطحبون اطفالها لزيارتها وهي تأنسوا لزيارتم لها والتحدث معهم وكانت تنصت بكل امعان وتضحك معهم وكانت تقضي معهم أوقات ممتعة وسعيدة ويتعمد أخوتها بالتحدث معها وكأنها واعية وتدرك، ويشرحون لها أحوالهم ويوصفون منازلهم وكانت تستمع لهم عن كثب وكانت تبتسم لهم فقط.... بينما هي تضحك وتفهم في مخيلتها.... أما والديها فقد كبرا ولكنهم ملازمين لها وكانو يطلبون منها العودة اليهم.... ويوعدونها بأنهم لن يعودوا ..... إلى ما كانوا عليه وسوف يعيشون حياة سعيدة عندما تعود.... ولكنها فقدت ثقة والديها ولا تصدق توسلاتهم لها بالعودة وكانت متيقنة بأنها إن عادت سوف يعودون إلى حياتهم السابقة.... وكانت تقول لهم لا يا والداي لن أعود.... لن أعود.... لن أعود.... ولو كانت في الواقع فإن اخوتي لن يزوروني ولا حتى أبناءهم.... ولكن وأنا في هذا الحال سوف يأتوا كل يوم لزيارتي.لن تعود احتفاءً الى الواقع المؤلم الذي لم تنل منه حتى ابسط حقوقها.... فقررت الانفصال عنه.... وعدم العودة مرة أخرى رغم الوعود.... والأمنيات والأحلام الجميلة التي رسمها والديها لها.... أيقنت بأن ماهي ليه أفضل لها ولهم.... لأنها فقدت الثقة من والديها وعالمها وقررت البقاء هكذا.