اليوم الاحد يدشن العام السادس بعد الالفين ، على ميلاد المسيح عيسى ابن مريم ، احد الانبياء العظام الذين سطروا حياة البشرية بالقيم الانسانية العامة التي وردت في التوراة وفي الانجيل وفي القرآن ، وبالرغم من المسافة الزمنية التي تفصلنا بين نزول الوحي بتلك الكتب السماوية الثلاث ، ومفارقات التطبيق ومستوى الممارسة الاجتماعية التي لا تتطابق مع ما جاء في تلك الكتب ، الا ان جميع المؤمنين لا زالوا يتشبتون بتلك القيم الانسانية التي جاءت بها الكتب السماوية .وعندما نحتفل كل عام بهده المناسبات انما نحاول بهذا تحديد القيم الانسانية العامة عند كل بني البشر ، تلك القيم التي توحد ولا تفرق بين الناس ، ولنعمل معاً على ازالة الاسباب التي دفعت الناس الى ان يقتل بعضهم البعض الآخر ، ليتجاوزوا الصراع والاحتراب والمنازعات والتناحر ، او استعباد بعضهم للبعض الآخر ، او استغلالهم او الهيمنة والوصاية عليهم باسم الدين احياناً ، لان الدين للَّه والاوطان لكل الناس ، تحكمها الدساتير والقوانين التي تنظم حقوق الناس وواجباتهم وفي صياغة نظام علاقاتهم الاجتماعية في الدنيا .فمقومات الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والديبلوماسية والامنية ، ومصالح الناس وحاجاتهم واهدافهم المشتركة ، هي محور اهتمام الناس في الدنيا ، اما الآخرة للَّه هو الذي يحكم فيها على اعمالهم وسلوكهم وتصرفاتهم ان كانت خيراً او شراً ، وما احوجنا اليوم ان نقيم العدل والديمقراطية والمساواة في حقوق المواطن .، لنقترب أكثر مما جاء في الكتب السماوية الثلاثة التي لازالت مصدر التشريع في كل دساتيرنا وقوانيننا ، وهي لا زالت ترسم لنا نمط حياة أجمل ، نعيش فيها سعداء وأحباء ، حياة قائمة على روح التعاون والمساعدة المتبادلة ، والتكافل الاجتماعي بين الافراد والجماعات والدول على حد سواء ، بعيداً عن السيطرة والاحتكار ، ونزعات الاستئثار والاستحواذ من قبل الاقليات الحاكمة ، على الاغلبية العظمى من الشعوب ، حيثما كانت .ان آمالنا الجديدة تقضي بازالة الفقر والبطالة والجهل والمرض ، وتوفير مقومات الحياة الانسانية والكريمة لكل بني البشر : من تعليم وصحة وعمل وسكن لائق ودخولات متقاربة ، بهذا فقط ينتفي الارهاب والعنف ، وكل دوافع الاقتتال والكراهية والحقد على بعضنا البعض ، وعوضاً عن ذلك ينتشر الحب والسلام والأمن والأمان والاطمئنان بين كل بني البشر ، في ظل حرية المعتقد السياسي والديني ، وفي احترام القيم الحقوقية والعرقية للجميع حيثما كانوا .ومن هنا يكون لاحتفالاتنا معنى ومغزى حقيقي ، في حياتنا اليوم وغداً والى مالا نهاية ، اما نزعة الطغيان والهيمنة والسيطرة على الآخرين ، ومحاولة فرض ثقافة وحضارة معينة على الآخرين بأساليب الضغط والابتزاز ، فهذا عمل غير مجد .فكل الثقافات والحضارات تنطوي على ما هو ايجابي وما هو سلبي ويظر بالقيم والاخلاقيات الانسانية العامة ، وبتكامل الايجابي والمفيد في كل حضارة وثقافة هو ما تسعى وتأمل البشرية في ان يسود ولو بعد حين ، المهم ان يسود الحوار الموضوعي والمنطقي بين كل الثقافات والحضارات بدلاً عن تصارعها ، وكفى البشرية خراباً وتدميراً وكفانا كراهية غير مبررة ، فسياسة الحب والاخاء والمساواة هي طريق المستقبل المشرق للجميع ، ولم يعد هناك مجال للغزو والاحتلال او التبعية الممقوتة ، فهذا زمن الحرية والاستقلال والديمقراطية .
|
مقالات
آمال جديدة
أخبار متعلقة