ذكريات وأحاديث عن الثورة اليمنية المجيدة
لقاءات/ محفوظ كرامة :الحديث عن الثورة اليمنية المجيدة.. 26سبتمبر و 14 أكتوبر يعني الحديث عن التحرر والانعتاق من براثن وجبروت الحكم الامامي البغيض والمتخلف ودحر الاحتلال البريطاني الغاشم من أرضنا اليمنية الطاهرة،وحتى تكتمل الصورة لهذا الحديث عن الثورة كان لابد لنا من وقفة مع أبطالها والمساهمين في إشعال جذوة الثورة الوضاءة(14أكتوبر)التقت عدداً من هؤلاء الأبطال والمناضلين الذين خاضوا المعارك في جبهات النضال في كل موقع من مواقع التصدي والشرف والاستبسال..وهذه خلاصة اللقاءات التي أجرتها الصحيفة معهم:إنجازات ملموسة[/c]المناضل الشيخ/ اليزيدي من مواليد مديرية يافع جبل يزيد في العام1947م متزوج وله (7) أبناء أربعة أولاد وثلاث بنات حالياً مغترب في المملكة العربية السعودية..في البداية تحدث الشيخ حسين اليزيدي عن ذكرى الثورة اليمنية الأم 26سبتمبر1962م قائلاً:الثورة اليمنية الأم..ثورة السادس والعشرين من سبتمبر في ذكراها السادسة والاربعين تأتي هذا العام وقد تحققت العديد من اهدافها ومبادئها النبيلة وعلى رأسها وحدة اليمن وتأتي والحمدلله وقد قطعت دولة الوحدة المباركة وقيادتها السياسية الحكيمة ممثلة بفخامة الرئيس القائد/علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية أشواطاً كبيرة في مجال النهضة والتنمية والبناء في كل المجالات ونشاهد هذا التطور المتسارع في كل جوانب الخدمات والتنمية في المدن والريف على حد سواء .. نراها في مشاريع الطرقات ومياه الشرب والكهرباء والمستشفيات والوحدات الصحية في الاتصالات وغيرها من المشاريع التي عمت كل نواحي وقرى ومدن كل محافظات الجمهورية والتي كان انجازها في هذه المناطق شيئاً من الأحلام والمستحيلات ولكن الحمدلله بفضل همة وعزم وإرادة فخامة الرئيس/ علي عبدالله صالح الذي قاد الدولة في كل المجالات باقتدار امكن الوصول اليوم إلى هذا المستوى المتقدم من الانجازات والمكاسب التي اصبحت اليوم في متناول كل أبناء الشعب اليمني.[c1]أثر انتصار الثورة المصرية [/c]وعن مشاركته في الدفاع عن الثورة قال:في عام 1960م انتقلت من قرية في جبل يزيد في يافع إلى عدن للبحث عن العمل وتوفير لقمة العيش لأسرتي فوجدت عملاً في أحد مطاعم مدينة المعلا في الدكة ورغم صغر سني كنت متأثراً بالأجواء الوطنية والثورية التي كانت محيطة بنا في تلك الفترة حيث كان الناس يعيشون تحت الاحتلال البريطاني لكن فترة الستينات كان الناس يعيشون فترة انتصار الثورة المصرية بقيادة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر وكانت إذاعة صوت العرب واخبار الثورة المصرية واخبار اليمن وخطابات جمال عبدالناصر الشغل الشاغل للناس في عدن يتحلقون حول اجهزة المذياع لسماع نشرات الأخبار حتى جاء يوم انتصار الثورة في يوم الخميس السادس والعشرين من سبتمبر وأذيع بيان الثورة وانتصارها على حكم الإمامة البغيض وفرحنا جميعاً بهذا اليوم وهتفنا بانتصارها متجمهرين: “تحيا الثورة تعيش الثورة” وكان لنداء الرئيس عبدالله السلال بدعوة كل الأحرار والمناضلين لنجدة الثورة والدفاع عنها من تآمرات الملكيين اثر كبير في نفسي فقررت بصفة شخصية دون إيعاز من أحد الذهاب إلى صنعاء والمشاركة في الدفاع عن الثورة وفعلاً حزمت أمري وامتعتي لتنفيذ هذا القرار في اليوم التالي.[c1]مع الثائر محمد بن عيدروس[/c]ويتابع :غادرت عدن باتجاه لحج ومنها انطلقت بسيارة لوري إلى الراهدة ومنها إلى تعز وصلت وجلست فيها أياماً قليلة بعد أن عرفني أحد الاشخاص بمكان سكن السلطان محمد بن عيدروس العفيفي سلطان يافع بني قاصد والذي هرب إلى شمال الوطن عام 1961م بعد أن قصفت الطائرات البريطانية منزله في مديرية القارة بمديرية رصد بمحافظة أبين نتيجة معارضته لسياسة الاحتلال ومقاومته قيام محميات اتحاد الجنوب العربي.والسلطان محمد بن عيدروس شخصية وطنية مناضلة ومحبوبة من قبل جميع المواطنين قارع سياسة الاحتلال بكل شجاعة ولم يخف وضحى بكل ما يملكه من أجل يتحرر وطنه من المستعمرين وهذا كلمة حق لهذه الشخصية الوطنية.وقد توجهت إلى مكان سكنه وأنا فرحان لأنني وجدت من سوف يساعدني في الذهاب إلى صنعاء بكل تأكيد حتى أحقق أملي بالمشاركة في واجب الدفاع عن الثورة وفعلاً قابلني السلطان محمد بن عيدروس بحفاوة ورحب بي وسألني عن اخباري ومطالبي التي جئت من أجلها، فقلت له: والله أنا جئت من اجل الذهاب إلى صنعاء للمشاركة في الدفاع عن الثورة فقال لي: ولكن أنت صغير قلت له أنا قادر على المشاركة فقال :بارك الله فيك وشعورك الوطني ولكن سوف تنتظر يومين وسوف نرسلك مع مجموعة من الرجال ولكني لم انتظر واصررت على المغادرة سريعاً فما كان منه إلا أن كتب لي رسالة إلى وكيله في صنعاء محمد علي منصر الشعيبي العرمي اليهري وإلى علي سعيد بن رباح وتحركت من تعز إلى الحديدة ومنها عبر نقيل مناخة إلى صنعاء والتقيت بالشعبي وسلمته الرسالة وبدوره أمن لي السكن مع عدد من الموجودين منهم عبدالله الحروي في معسكر القوات الجوية في منطقة العرضي إلى جانب بعض جنود من قوات المظلات من مناطق الحجرية وذمار ثم أخذنا سعيد بن رباح إلى مجموعة من أهل يافع من أبناء مرفد العر والضالع وكان على رأسهم الشيخ علي صالح المرفدي وكثير من الافراد من عدد من مناطق اليمن وجدنا الكل متأهباً وجاء للدفاع عن الثورة وهذا ما جعلني أشعر أن الثورة في قلوب كل أبناء اليمن وهي عزيزة على قلوبهم.[c1]الانطلاق إلى الجبهة[/c]وبعد ثلاثة أيام من وصولنا جاء سعيد بن رباح إلى مجموعتنا وكان عددها “10” أفراد وقال: استعدوا اليوم سوف ننقلكم إلى مجموعات المقاتلين في الجبهة وأخذنا لمقابلة الشيخ المناضل أحمد المجعلي الذي بدوره أخذنا إلى العرضي للتسليح بعد أن رحب بنا ووجهنا بأن نستلم السلاح وعند خزنة السلاح أرادوا أن يعطونا “بنادق” شيكية فرفضنا وقلنا نريد بنادق “عيلمان” فتدخل ضابط مصري وقال اصرفوا لهم بنادق “جرمني” وصرفت لكل واحد منا بندقية وكنا عشرة أذكر منهم محمد حسين القعيطي وحسين بن حسن القعيطي وغالب محمد المجرمي اليهري وأخا علي غالب والسيد حسين محمد الهاشمي ومنصور وعلي محمد الحدي وشخص الشيخ حسين عوض اليزيدي وقد ضمنا الشيخ المجعلي إلى “70” شخصاً من المراقشة آل فضل وأهل دثينة أذكر منهم المناضل عبد ربه منصور وهو رجل محنك وعاقل المهم وجدنا الناس من كل مكان جاهزين لنصرة الثورة جاءوا من كل حدب وصوب يحملون أرواحهم على أكفهم غير آبهني بما يمكن أن يلاقوه من مخاطر وكان الجميع جاهز للانطلاق إلى الجبهة.[c1]الحرب ضد الملكيين[/c]وانطلقناعلى متن إحدى السيارات صوب جبهة القتال لمواجهة فلول قوات الملكيين باتجاه منطقة اسمها “الضبعات” وكانت توجد فيها قيادة العمليات فقامت القيادة مباشرة بتوجهينا إلى منطقة “تنعم” التي كانت أحد جبهات المواجهة مع قوات الملكية فتمركزنا في موقع فوق قمة جبل “تنعم” كل المجموعة البالغة “80” فرداً بقيادة المناضل أحمد المجعلي وكانت أيضاً إلى جوارنا مجموعة مصرية مكونة من “400” فرد بقيادة القائد المصري أحمد طلعت بالإضافة إلى مجموعات في الجوانب الأخرى تتمركز في قمة الجبل يقودها الشيخ المناضل/ علي ناجي القادر وقد كانت عمليات الاشتباك مع القوات الملكية على أشدها حيث كثفت هذه القوات من نيران اسلحتها علينا إلا أنها كانت فاشلة رغم اعداد قواتها والأسلحة التي تمتلكها نتيجة ثبات وعزيمة قواتنا وايمانهم بالانتصار واستمرت المواجهات أياماً ولم تتمكن قوات الملكيين من تجاوز خطوط دفاعاتنا وانزلنا بقوات الملكيين خسائر في جبهات القتال لفترة نحو عام كامل من نهاية نوفمبر 1962م وحتى ديسمبر 1963م.[c1]مواقف لاتنسى [/c]وعن أبرز المواقف التي مرت بالقوات المدافعة عن الثورة والجمهورية أشار الشيخ اليزيدي إلى أن هناك هجمات كبيرة ركزت على مواقعنا أدت بعضها إلى استشهاد أفراد من قواتنا واصابات ولحسن حظي لم أتعرض إلى أية اصابات رغم اصابة العديد من رفاقي.. ففي إحدى الهجمات التي شنتها قوات الملكيين كانت هجمة شرسة أمطرت مواقعنا بوابل من طلقات الأسلحة الرشاشة المتوسطة والمدفعية والهاونات استمرت لساعات احدثت في مواقع المجموعات المتمركزة على قمة جبل “تنعم” ومنها قواتنا اصابات وشهداء سقطوا في صفوفنا ورغم هذه الهجمة لم تستطع فلول الملكيين تجاوز خطوط دفاعاتنا قيد انملة فقد استبسلنا في مواقعنا بقوة بل زادت هذه الهجمة من قوتنا ما جعلنا نرد بقوة على مصادر نيران العدو رغم إمكانياتنا القتالية القليلة من الأسلحة والافراد واستطعنا أن نسكت مصادر نيران العدو وجعلناه يتقهقر.وأثناء المعركة كلفت مع مجموعة من الرفاق بنقل جثث القتلى والمصابين من مواقع القتال إلى صنعاء فأنا خلال تواجدي في اطار المجموعة المصرية لم اتعرض لحسن الحظ ولطف الله سبحانه لأية اصابة حيث نقلنا من جانب المجموعة المصرية إلى جانب شهيد مصابين اثنين ومن مجموعتنا اصيب صالح كلس في رجله ويده ومحمد حسين القعيطي هو الآخر اصيب في ساقه وكانت الاصابات بسبب الشظايا المتطايرة من القصف وقد انزلناهم إلى صنعاء وعدن إلى مواقعنا واستمررنا في الجبهة لمدة عام كامل من نهاية شهر نوفمبر 1962م وحتى ديسمبر 1963م بعد ان اندحرت قوات الملكيين وكسرت شوكتهم وولوا فارين يجرون أذيال الهزيمة وبعد فترة عدنا إلى صنعاء وقد تصادف مع عودتنا الاحتفال بعيد الثورة الذي اقيم في ميدان التحرير عام 1963م وشارك فيه الرئيس الخالد/ عبدالله السلال وبعد فترة تم تكريمنا وتم اعطاؤنا مصاريف لكل فرد منا “25” ريالاً “فرنصة” ومنحنا إجازة,وقد عدت أنا إلى قريتي بيافع وبعد فترة من عودتي وصلتني رسالة من الشيخ: أحمد المجعلي بواسطة الأخوين المناضلين محمد محسن شيخان اليزيدي ومحمد حسن حضر يطلب مني المجيء إلى ردفان بعد أن تفجرت ثورة 14 أكتوبر عام 1963م ولكنني أعتذرت عن عدم الذهاب إلى ردفان لأسباب قاهرة في أسرتي اعاقتني عن المشاركة في الثورة ولكني وعدت بعمل الواجب لمساندة الثوار في جبهات القتال بتأمين قوافل الامدادات المختلفة من السلاح واعداد المقاتلين وغيرها من المسائل وفعلاً استمررت في ذلك إلى أن تم دحر الاحتلال البريطاني من على أرضنا في الثلاثين من نوفمبر 1967م.[c1]من حالة الانقسام إلى الوحدة المباركة[/c]ويلخص الشيخ المناضل/ حسين عوض اليزيدي حديثه عن ذكرياته النضالية إلى أن غادر البلاد بعد حركة 22 يونيو 1969م عندما نزل إلى عدن فوجد الصراعات السياسية قد دبت بين رفاق الثورة والنضال وانقسام مواقفهم بين يساري ويمني وما أدى إليه هذا الصراع من اقتتال واعتقالات لكل الشخصيات الوطنية وغيرها من الممارسات جعلتني احزم حقائبي ولكن هذه المرة نحو أراضي الغربة إلى المملكة العربية السعودية التي ظللت فيها سنوات طويلة لا أزور البلاد إلا فيما نذر حتى جاءت الوحدة المباركة وعدنا نزور البلد بشكل طبيعي .. فالوحدة نعمة وبركة حلت على اليمنيين بعد طول انتظار لهذه الوحدة التي كانت حلماً بعيد المنال وينبغي على جميع اليمنيين احزاباً وشخصيات وطنية ومنظمات مجتمع مدني أن تحافظ على هذه النعمة من الزوال لأنها إذا زالت والعياذ بالله سوف تعود اليمن إلى زمن الاحتراب والفرقة والشتات فالأوضاع العربية والدولية اليوم تنذر بالخطر وتجنيب بلادنا من الأخطار بالوحدة الوطنية والحوار والتفاهم على نقاط الخلاف بالطرق السلمية والتقاط دعوات فخامة الرئيس/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الذي يدعو للحوار والعمل المشترك لبناء اليمن وصنع مستقبلها الجديد ولا طريق غير ذلك.