من أعلام الإعلام العربي
إعداد/ ميسون عدنان الصادقتعد المذيعة التلفزيونية الراحلة سلوى حجازي من جيل الرواد في التلفزيون المصري فلقد بدأت العمل فيه منذ انطلاق ارساله عام 1960م وخلال 13 عاماً تعتبر هي كل مشوار حياتها العملية نجحت في رسم صورة مضيئة لها من خلال برامجها الناجحة التي كان يلتف حولها الجمهور وجاءت وفاتها درامية عندما انحرفت الطائرة التي كانت تستقلها عائدة من ليبيا الى القاهرة لتمر فوق سيناء اثناء الاحتلال الاسرائيلي لها فقامت طائرة فانتوم اسرائيلية باطلاق صاروخ الغدر على الطائرة لتقتل كل من فيها.سلوى حجازي كانت تمتلك العديد من المواهب فهي كانت تقرأ الشعر بالفرنسية وتجيد الرسم التشكيلي وتهوى التصوير الفوتوغرافي.من مواليد 1935 في محافظة الشرقية المتاخمة للقاهرة - والدها هو المستشار محمد رضوان حجازي الذي كان دائم الانتقال بين مدن مصر بسبب طبيعة عمله.وهذا الانتقال كان احد الاسباب التي حرمت سلوى حجازي من تكوين صداقات عميقة في فترة طفولتها فلقد اقامت مع والدها لفترة طويلة في محافظة بورسعيد وكانت جارتها هناك تمتلك مكتبة ضخمة اتاحت لوالدتها فرصة الاطلاع على جميع المجالات وكانت من امنياتها دائماً ان تمتلك مكتبه مثلها استمرت حياة الترحال من مدينة الى اخرى حتى استقرت في منزل الزوجية وعمرها 17 عاماً فقط عندما تزوجت المستشار محمود شريف الذي تعرفت عليه في النادي الاهلي الذي كانت ترتادة لممارسة رياضة الجمباز والباتيناج وكان زوجها محمود شريف لاعب جمباز ايضاً وتزوجا بعد فترة قصيرة مع انها كانت تحلم بالزواج من رجل دبلوماسي حتى تنتقل من مكان الى آخر فقد كانت قد نشأت على حب الترحال.بدأت سلوى حجازي العمل مذيعة في عام 1960 وكانت اذاعة البرنامج الاوروبي قد طلبت تعيين مذيعين فشجعتها صديقتها ( زينب حياتي) على التقدم للاختبار في هذه المسابقة ومن بين اكثر من 50 فتاة لم تنجح سوى خمس فقط كانت سلوى حجازي من ضمنهن.وحدث ان تم الغاء البرنامج الاوروبي فتحولت الى البرامج التلفزيونية اول برنامج قدمته هو (تحت الشمس) ثم تتابعت البرامج الشهيرة التي قدمتها منها ( شريط تسجيل ) ( العالم يغني) ( المجلة الفنية) ( الناس في بلدنا) ( السهرة الكبرى) ( الفن والحياة) ( اختبر معلوماتك) والبرنامج الاقرب الى قلبها كان برنامج ( عصافير الجنة).حقق التلفزيون شهرة واسعة لسلوى حجازي ولكنها لم تكن سعيدة بها وكانت تكره الشهرة وترى انها قيد على حريتها وكانت تحلم ان تسير بين الناس دون ان تستمع الى كلمات الاطراء والاعجاب وعندما كانت الناس تلتف حولها كانت تشعر بعصبيتها الداخلية.لم تكن لها ايضاً علاقات صداقة وطيدة بالوسط الفني وكانت علاقتها بالنجم تنتهي بمجرد الانتهاء من تصوير البرنامج وكانت تجمعها صداقة بعدد قليل من زميلاتها بينهن ( زينب حياتي) و( ليلى رستم).اما عن هواياتها فقد كانت تهوى الرسم بالزيت وكانت ترى انها موهبة خاصة بها وكانت ايضاً ترى ان هناك فجوة كبيرة بين المشاهد والفن التشكيلي وحاولت من خلال البرامج التي تقدمها ان تضيق هذه الفجوة.سلوى حجازي كانت انسانة شجية محبة للأخرين ولم يتمكن احد من رؤية دموعها إلاَّ مرتين بعد النكسة 1967 ويوم وفاة جمال عبد الناصر.اما عن علاقتها بكوكب الشرق ام كلثوم فقد بدأت علاقتها بها في عام 1967 عندما غنت ( ثومة) في المسرح الاولمبي بباريس ضمن جولة حول العالم لصالح المجهود الحربي ، واكتشفت سلوى حجازي الجانب الاخر من ( أم كلثوم) ( بنت البلد) الحقيقية وكانت سلوى حجازي هي الوحيدة التي ترافق ( كوكب الشرق) بحكم امتلاكها اللغة الفرنسية.اما خبر وفاة سلوى حجازي فلم يأتِ دفعة واحدة فلقد تلقى اهلها خبر وفاتها تدريجياً فعندما ذهبوا الى المطار لاستقبالها اخبروهم بأن الطائرة التي تقلها سوف تتأخر قليلاً بسبب عاصفة شديدة اعترضت مسارها وبعد فترة وجيزة تم قطع الارسال التلفزيوني واعلن المذيع بأن الطائرة القادمة من ليبيا قد فقدت وان على متنها المذيعة سلوى حجازي فأخبروا زوجها بأن الطائرة تم اجبارها على الهبوط في اسرائيل وان ركابها اصبحوا اسرى هناك وان هناك املاً في عودتهم مرة اخرى وظل الامل يراود الجميع في عودة سلوى حجازي مرة اخرى.ثم توالت التفاصيل التي أكدت فيما بعد ان طائرة اسرائيلية اطلقت صاروخ الغدر على الطائرة المصرية التي كانت عائدة من ليبيا وظلت طريقها بسبب تعطل جهاز الملاحة فاتجهت صوب سيناء فاسقطتها طائرة اسرائيلية من طراز (الفانتوم). كان عدد الضحايا يزيد عن المائة وكان من الصعب التعرف على الاشخاص بعد ان تفحمت الجثت لكن اختها هي الوحيدة التي استطاعت ان تتعرف على اختها فقد كان الناس يتعرفون على الجثت الخاصة بذويهم من خلال دبلة اوخاتم وقد اراد الاسرائيليون ان تكون هناك مشكلة في التعرف على الجثت فقاموا بوضع متعلقات بعض الاشخاص في حقائب اخرين وقام الصليب الاحمر الدولي بتسليم الحقائب الى مصر وكانت وسيلة زوجها واختها في التعرف على الجثة من خلال عدة اشياء منها انها اجريت لها عملية الزائدة الدودية كما كان هناك انحناء في احد اسنانها.وفي حرب 1973 كانت سعادة اهلها بالانتصار اكثر من مجرد تحرير ارض فكان الانتصار بالنسبة لهم بمثابة ثار شخصي.لقد كانت سلوى حجازي شخصية تلقائية وتنجذب للجمال الريفي وتعشق الحياة البسيطة وهي ايضاً رسامة تشكيلية ولوحاتها تملأ منزلها .وقد زرعت في اولادها حب واحترام الاخرين والمثالية في التعامل وقد قال عنها كامل الشناوي:( سلوى حجازي من الاحترام والخجل حتى انني اعتقد انها تدق على درج مكتبها قبل ان تفتحه).