مـن الحـياة
يكتبها/ إقبال علي عبدالله[email protected]- أكثر من صديقٍ وزميلٍ .. أكثر من صديقةٍ وزميلةٍ، أكثر من عصفورةٍ وما أجمل العصافير في حياة شخصٍ مثلي في العقد الخامس من العمر، جميعهم يلحون عليّ بالسؤال الذي لا أعرف سبباً لإلحاحهم عليه دون غيره من الأسئلة والتي كنت أتمنى أن يسألني شخص أعرفه خصوصاً القريبين من قلبي وحافظة أسراري وهم قله لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة السليمة دون أن يبتر أصبعاً واحدة أو حتى نصف أصبع.- السؤال الذي يلتقي جميع من أشرت إليهم عنه والموجه لي هو : "لماذا مصر دون غيرها من بلدان الأرض تعشق زيارتها كل عام؟!".. وسبب السؤال إنني كلما سمعتُ اسم مصر أو شاهدت مناظر لها في أي فضائية أجد نفسي كالطفل الذي يتشوق بجنون إلى صدر أمه.. إلى الحنان الذي يمدني بالقوة .. إلى الأمان النفسي والروحي والعاطفي .. إلى ذاتي التي أفتقدها كلما ازدادت الأيام والأشهر اتساعاً بين زياراتي إلى مصرَ.- مصر وتحديداً عاصمتها "القاهرة" التي هي تصفحي الأول في كتاب تعرفت من خلاله على بلدان وتقاليد شعوبها وأنماط حياتهم وحضارتهم غير عالمي في وطني اليمن الذي ظللت فيه ثمانية عشرة عاماً الأولى من حياتي دون أن أشاهد سماءً غير سمائه.. وناساً غير ناسه... وطني الذي أشاهده اليوم بعد تجوالي في عددٍ من بلدان العالم، بأنّه أجمل وطن ليس من حيث المظهر وإن كان اليمن جميل في مناظره، بل لأنّ الناس في وطني بسطاء، كريمي الطبع والخُلق.. وهذه حقيقة يشهد الله صدقها مني.. المهم نعود إلى حبي الذي سكن دواخلي وأنا في ريعان الشباب إلى القاهرة.. لأقول لماذا أحن إليها وأزورها بعد أن يشاء الله ذلك، كل عامٍ وإن طالت المسافة كل عامين..- القاهرة .. مدينة ساحرة وسر سحرها في نيلها ولياليها التي تشعرك بدفء المكان والأمان.. وأنّك ليس غريب فيها حتى وإن كنت قادماً من جزيرة "الواق واق".. القاهرة عالم آخر غير العالم الذي نعرفه.. مدينة لا تشيخ.. شابة لا يعرف وجهها التجاعيد.. في كل ركن فيها يسكن الحب.. لا تتنكر لأبنائها.. صدرها مفتوحاً بحنان حتى لأولئك الذين ناصبوها العداء يوماً.. القاهرة عنوانها الموسوم في كل ثنايا جسدها الرائع الجمال هو النيل والهرم ... فن المبدع خالد الذكر عبد الوهاب، وسطور لا يمكن أن تخرج من القلب كتبها يراع شوقي .. صوت لا يمكن الاستغناء عنه جيل بعد جيل.. صوت أم كلثوم .. القاهرة مهد الحضارة والأصالة .. وكثير من المعاني التي يعجز قلمي عن وصفها به.. استقبلتني وأنا في الثامنة عشرة من العمر.. لم تشعرني بالغربة.. فتحت لي صدرها لأسكن فيها دون خوف.. علمتني الحرف الصادق بادلتني الحب.. ضخت في شرايين قلبي أوكسجين الحياة.. اغتسلت بماء نيلها ليظل حتى اليوم رائحة الورد تنبعث من جسدي.. أعطتني مفاتيح الأمان.. ولذلك كلما ضاقت نفسي من غدر الزمن والأصدقاء وخيانة الأحبة أجد نفسي دون تذكرة وجواز سفر أرحل إليها وارتمي بين أحضانها.. وأنام في "الحسين" تلك الساحة الرهبانية التي يتوسطها مسجد سيدنا "الحسين" والذي قال عنه سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام "أنا من الحسين والحسين مني".. نعم في الحسين تعيش مع النفس الطاهرة دون تلوث.- كثيرة هي الأسباب التي تدفعني إلى القاهرة.. الحياة فيها دروس تتعلم منها أكثر من دروس حياة أي بلدٍ آخر.. وإن كانت ألمانيا الاتحادية هي الأقرب إلى حياتي بعد مصر وعاصمتها قاهرة المعز.. إلا أنّ القاهرة والحسين فيها والهرم عليها والنيل الجاري في وسطها قد تشكلت حياتي بهما.. لذلك كله وأكثر فإنني أدعو كل من لا يصدق ما أسطره حول القاهرة أن يزورها وأنا على ثقةٍ أنّ الزائر إليها سيكتب اسمها في قلبه ولن يستطيع أن يمنع نفسه من العودة إليها..إلى نيلها والحسين فيها إلى الشيخ البدوي وسيدتنا زينب.. والزمالك والمعادي وأحيائها الشعبية.. وقلعة محمد علي .. والحب الساكن فيها بكل ظهارة.. وفولها المدمس وقهوتها المضبوطة والشيشة الممزوجة بليل القاهرة التي لا يأتي صبحها إلا وسكن الحب فيك.[c1]*****[/c] [c1]أحلى الكلام[/c]- .. "صدقوني، الحب السعيد، محسود في هذا الزمان، ولهذا خبأت صداقتنا في حارة ملقاة على شاطئ بعيد.."" يوم تحب المرأة، تحذف من قاموسها كلمة كبرياء، يهبط كبريائي من عليائه ويتواضع كالعشب!.. يا سيدي، اعترف ولا أخجل مثلك، كنتُ طفلة المشاعر خضراء الأحاسيس، يمتلكني الحزن، وتتأرجح داخلي الشكوك وبعد أن عرفتك، أدخلني حبك مدن الأفراح وعالم اليقين...""نادية عابد" [c1]*****[/c][c1]أغنية الأسبوع[/c]- .. " أجل، أن ذا يوم لمن يفتدى مصرافمصرَ هي المحراب والجنة الكبرىخلقنا نولي وجهنا شطر حبهاونبذل فيه الصبر والجهد والعمراسلامً شباب النيل في كل موقفعلى الدهر نجني المجد للنيل والفخراتعالوا فقد حانت أمور عظيمة فلا كان منا غافل يصم العصرا"شعر/ د. إبراهيم ناجي