نافذة
من التحديات الكبيرة التي تواجه المسلمين اليوم الانحراف الفكري والتبعية الثقافية للغرب أو الشرق في المفاهيم والأفكار، حيث يعتنق الشباب أفكـاراً غـير سوية تعمل على هدم معالم الدين، كالعلمانية، والقومية، أو اعتقاد عدم وجوب الحكم بما أنزل الله، أو التشكيك في الحكمة الإسلامية ومقوماتها، وغالباً ما يترتب على هذا الانحراف الفكري، التسبب في هدم الدين من داخله أو خارجه. ومن أهم الأسباب التي تؤدي إلى هدم الدين من داخله، الغلو والتشدد في الأخذ بتعاليم الدين وأحكامه، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله «إياكم والغلو وإنما هلك من كان قبلكم الغلو في الدين»، والغلو في الدين يؤدي إلى الانحراف في فهم النصوص الشرعية، وتشدد المجتمع وانغلاقه على ذاته، فيهدم الإسلام من داخله وينفر الناس عنه، ولذا دعا الرسول إلى الاعتدال والوسطية، ويشهد لهذا ما ورد: أن بعض أصحاب النبي قال: أنا أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء إليهم النبي فقال أنتم الذين قلتم كذا كذا؟ أما والله إني أخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.ومن الأسباب التي تعمل على هدم الإسلام من خارجه، إقبال الشباب على الثقافات والأفكار غير الإسلامية، التي تفسد فطرتهم، وتُضعف معتقداتهم، وذلك قبل أن يتعمقوا في دين الله ويحيطوا بمعالمه العامة، ويكوّنوا لأنفسهم حصانة فكرية تحميهم من الانزلاق في الشبهات وإتباع غير الحق، قال عمر رضي الله عنه: قلت للنبي : يا رسول الله إني مررت بأخ لي من قريظة فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك ؟ قال : فتغير وجه رسول الله قال عبد الله : يعني ابن ثابت فقلت له : ألا ترى ما بوجه رسول الله ؟ فقال عمر: رضينا بالله تعالى رباً و بالإسلام ديناً و بمحمد رسولاً، قال: فسري عن النبي وقال: والذي نفس محمد بيده لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم إنكم حظي من الأمم وأنا حظكم من النبيين».ولا أريد احد عندما يقرى هذا أن يفهم ، أن الإسلام يمنع من الابتكار والتجديد والانفتاح على العلوم والثقافات الأخرى النافعة،والدليل في ذلك أن هناك كثيراً من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية دعت إلى العلم النافع الذي ينمّي المجتمعات، ويرفع من شأنها، ومن هذا قوله تعالى: وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا « طه:114. وقول الرسول صلىالله عليه وسلم «الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها».