في بَلاطكِ ، سيدتي ، عرفتُ معانيَ الحبِ الصادق لنواميسك ، واحترامَ قدسيةِ مناسك خدمتك ... لم يرفع الصغيرُ منّا رأسَه أمام الكبير ، ولا يُحيْك دسائسَه ليتسنَّم مكانه .
في بَلاطكِ ، سيدتي ، كانت متعةُ اللحظةِ ، حينَ تُولدُ الطبعةُ الأولَى ، حاملةً همومَنا .. آمالَنا .. أمانينا وابتهالاتنا ، من أجل وطننا الذي نحمل من أجلهِ أرواحَنا على أكُفِّنا قرابين .. هذا الوطنُ الذي ما زال ، عقوداً ، في طَور النمو .. يتعثرُ كثيراً ، لكنَّه يمضي في طريقه .
بحرُك ، سيدتي ، عميق .. نمخُرُ عبابَه .. نغوصُ في أعماقه ، وتسقط كلُّ محاولاتِنا للوصول إلى منتهاها ، لأنّ بحرَك سيدتي ، ببساطة ، بلا حدود .
قبل أربعين عاماً ، لهجتُ في سرّي «هل سيأتي يومٌ لأخدم في بلاط صاحبة الجلالة؟».. حفرتُ السؤال في مفكرتي الصغيرة ، آنذاك . ومضت السنون الأربعون ، لأجد أحرف ذاك السؤال، تُغيِّر مكانها لتستحيل سؤالاً آخرَ .. «هل سيأتي يومٌ لنهاية الخدمة في بَلاط صاحبة الجلالة؟!» ..
يا سيدتي الجميلة .. يا صاحبة الجلالة .. يا سيمفونية سندُّس عمري وتبخّره .. تقترب المسافات إلى مرافئ النهايات .. وتضيق مساحاتُ العُمُرِ .. وثمة زنابق أينعت.. ستواصل ترانيمنا وتراتيل أسفارنا في بلاطك .. سيدتي ..