باسردة: الحكومة اتخذت عدداً من التدابير العملية أبرزها تشكيل 80 نقطة اتصال وإنشاء وحدات لحماية الطفل



- الوكيل فهمي نعمان: الحكومة ملتزمة بحماية الأطفال من التجنيد وحققت تقدمًا ملموسًا في تنفيذ خارطة العمل
- و يليم تولي: الشراكة مع الحكومة والمجتمع المدني ركيزة لحماية الأطفال وتعزيز المساءلة
14 أكتوبر/خاص :
بينما تمضي مليشيا الحوثي الإرهابية في تجنيد الأطفال والزجّ بهم إلى خطوط النار في معاركها العبثية، يسطع إنجاز وطني هام تحقق عبر مشروع «منع تجنيد الأطفال في اليمن»، الموقّع بين الحكومة اليمنية ممثلة بوزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان والأمم المتحدة ممثلة بمنظمة اليونيسيف، حيث نجح المشروع في وقف تجنيد الأطفال ضمن القوات الحكومية، وأسفر عن شطب اسم اليمن من قائمة الأمم المتحدة لانتهاكات حقوق الطفل.
ورغم ما فرضته الحرب التي اندلعت عام 2014 من تحديات وتعقيدات، أفضت إلى تعثّر تنفيذ المشروع لفترة، إلا أن الإرادة السياسية والجهود الحكومية الحثيثة أعادت مساره بقوة، عبر برامج تدريب وتأهيل، وإجراءات رقابية حازمة، وقرارات تنفيذية مسؤولة، ليغدو نموذجًا يُحتذى به إقليميًا ودوليًا في حماية حقوق الأطفال.
في الاتجاه الآخر، تواصل مليشيا الحوثي الإرهابية ارتكاب واحدة من أبشع جرائم الحرب بحق الأطفال، إذ كشفت تقارير حقوقية حديثة عن قيامها بتجنيد عشرات الآلاف من الأطفال خلال السنوات الثماني الماضية، في مناطق سيطرتها، ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي تصنعها هذه المليشيا بحق جيل كامل من الطفولة اليمنية.
خطوات التنفيذ
في مستهل حديثه، استعرض الدكتور محمد سريع باسردة، نائب وزير الشؤون القانونية وحقوق الإنسان، أبرز أنشطة وإنجازات مشروع حماية الأطفال من التجنيد، مؤكدًا أن هذا المشروع يُعد أحد الركائز الأساسية ضمن جهود الوزارة لتكريس ثقافة حقوق الإنسان، وتوسيع دور مختلف الجهات الفاعلة في مناهضة تجنيد الأطفال، بما يشمل تعزيز قدرات القوات العسكرية والأمنية، ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الإعلامية، باعتبارهم شركاء محوريين في هذه المعركة الحقوقية والإنسانية.
وأكد باسردة أن الحكومة ممثلة بوزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان تضع ملف حماية الأطفال في مقدمة أولوياتها، وتحرص على دعم وتبني كل المبادرات الجادة التي تهدف إلى صون الطفولة، وتمكين الأطفال من حقوقهم الأساسية في الأمان والتعليم والحياة الكريمة، بعيدًا عن أتون النزاعات المسلحة.
وأشار نائب الوزير إلى أن المشروع حقق خلال السنوات الماضية إنجازات نوعية وملموسة على الأرض، كان أبرزها اخراج القوات الحكومية وقوات الحزام الأمني من قائمة الجهات المنتهكة لحقوق الأطفال، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، وهو ما لم يكن ليتحقق لولا اتخاذ سلسلة من التدابير العملية، من بينها:
تشكيل 80 نقطة اتصال عسكرية متخصصة بحماية الطفل، وإنشاء وحدات حماية الطفل في مختلف المناطق والمحاور العسكرية، اضافة إلى تنفيذ برامج شاملة لبناء قدرات منتسبي الجيش والأمن في مجالات حماية الطفولة.
وشدد على أن هذه النجاحات ما كانت لتتحقق لولا الالتزام الجاد والإرادة السياسية الواضحة من قيادة الحكومة، والتعاون الوثيق مع الشركاء المحليين والدوليين، مؤكدًا استمرار الوزارة في دعم كافة الجهود الرامية إلى حماية الأطفال وإبعادهم عن ساحات الصراع، وضمان بيئة آمنة تُمكّنهم من النمو والتعلم والمشاركة المجتمعية الفاعلة.
وأكد وكيل وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان لقطاع الإفتاء والتشريع، الأستاذ فهمي نعمان، أن الحكومة اليمنية تولي قضية تجنيد الأطفال أهمية بالغة، وتضعها ضمن أولوياتها الوطنية، التزامًا منها بمسؤولياتها الدستورية والإنسانية تجاه حماية الطفولة، مشيرًا إلى أن المشروع يجري تنفيذه برعاية مباشرة وبتوجيهات مستمرة من معالي وزير الشؤون القانونية وحقوق الإنسان، الأستاذ أحمد عرمان.
وأوضح نعمان أن الدولة تبنّت حزمة من السياسات والتدابير العملية تهدف إلى الحد من ظاهرة تجنيد الأطفال، من أبرزها قرار مجلس الوزراء رقم (109) لعام 2018 بشأن خارطة العمل الموقعة مع الأمم المتحدة، بالإضافة إلى التوجيهات الرسمية الصادرة عن وزارتي الدفاع والداخلية بمنع تجنيد من هم دون سن الثامنة عشرة.
وأشار إلى أن المشروع أُعيد تفعيله فعليًا في ديسمبر 2018 وفق خارطة طريق جديدة، ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم، تحقق تقدم ملموس على عدة مستويات، تمثل في إزالة اسم اليمن من «قائمة العار» ، توقيع بروتوكول رسمي لتسليم الأطفال المجندين إلى الجهات المعنية بحمايتهم، إلى جانب إطلاق مبادرة «المدارس الآمنة»، ومناقشة بروتوكول آلية الشكاوى لتسهيل الإبلاغ عن الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها ، مشددا على أن هذه الإنجازات تعكس الإرادة السياسية الحقيقية والالتزام الجاد من قبل الحكومة اليمنية لحماية حقوق الأطفال، رغم التحديات المستمرة، وعلى رأسها استمرار مليشيات الحوثي في تجنيد عشرات الآلاف من الأطفال والزجّ بهم في جبهات القتال، ما يُعد خطرًا جسيمًا يهدد حاضرهم ومستقبلهم، ويستدعي تكاتفًا وطنيًا ودوليًا أكبر لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان..
جهود وتعاون
أشار السيد ويليم تولي، رئيس قسم حماية الطفل في منظمة اليونيسف، إلى أهمية العمل على خطوات مستقبلية لحماية الأطفال، مشددًا على ضرورة نشر الوعي وبذل مزيد من الجهود بالتعاون مع الحكومة والجهات المعنية.
وأضاف أن «هناك العديد من الأطراف المهتمة بقضايا الطفولة، ومن المهم استكمال الأنشطة والمبادرات التي تصب في مصلحة الأطفال وتسهم في إنقاذ حياتهم وحمايتهم». وأكد تولي أن منظمة اليونيسف حريصة على دعم المساءلة، مثمنًا دور منظمات المجتمع المدني، ومشيدًا بتعاون الوزارة، قائلًا إن «الوزارة تملك آليات خاصة لتطوير هذا التعاون، وإدراج المساءلة في هذه المنظومة أمر أساسي ومهم».
أكد الأستاذ زيد الإدريسي، مدير عام الإعلام في وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان، أن المشروع الوطني لمنع تجنيد الأطفال في اليمن يمثل تحولًا استراتيجيًا في مسار حماية الطفولة وتعزيز الالتزام بالمواثيق الوطنية والدولية، مشددًا على أن الإعلام يلعب دورًا محوريًا في هذه المعركة الحقوقية والإنسانية، كأداة ووسيلة لتغيير المفاهيم والسلوكيات المجتمعية تجاه ظاهرة تجنيد الأطفال.
وأوضح الإدريسي أن الحملة الإعلامية التي تم تدشينها ضمن برامج المشروع تأتي كأحد الأعمدة الرئيسية في تنفيذ خارطة الطريق المشتركة الموقعة مع الأمم المتحدة، وتهدف إلى رفع الوعي المجتمعي بمخاطر التجنيد، وكشف تداعياته النفسية والاجتماعية والإنسانية على الأطفال والمجتمع ككل، كما تسعى إلى تعزيز ثقافة الرفض المجتمعي لهذه الجريمة المنظمة التي تُرتكب بحق الطفولة وتستهدف تدمير الأجيال القادمة وهدم نسيج المجتمع اليمني.
وأشار إلى أن الوزارة تولي الجانب الإعلامي اهتمامًا بالغًا، باعتباره خط الدفاع الأول ضد الانتهاكات، وأن الحملة الإعلامية تم إعدادها بأسس مهنية وتشاركية، لتخاطب مختلف الفئات المجتمعية باستخدام الرسائل المؤثرة والوسائط المتعددة، مؤكدًا أن «الإعلام ليس مجرد وسيلة نقل، بل شريك أساسي في بناء وعي مجتمعي مقاوم لكل أشكال العنف ضد الأطفال».
وأضاف الإدريسي: «لقد لمسنا تجاوبًا واسعًا وتفاعلًا لافتًا من مختلف وسائل الإعلام الوطنية، ومؤسسات المجتمع المدني، والناشطين الحقوقيين، وهو ما يؤكد وجود وعي متصاعد بأهمية التصدي لهذه الجريمة، وضرورة حماية حق الأطفال في التعليم، والعيش في بيئة آمنة، خالية من الخوف والسلاح»..
من جانبها، أكدت الأستاذة سارة جمال، عضو فريق العمل في المشروع الوطني لمنع تجنيد الأطفال، أن المشروع مثّل نقلة نوعية في جهود حماية الطفولة في اليمن، وأسهم بشكل ملموس في رفع الوعي المجتمعي بمخاطر تجنيد الأطفال وتداعياته الكارثية على الأفراد والمجتمع، مشيرة إلى أن الإنجازات التي تم تحقيقها على مدى السنوات الماضية لم تكن شكلية، بل تركت أثرًا عمليًا مباشرًا في الميدان، وأسست لوعي مجتمعي واسع يرفض هذه الظاهرة.
وأوضحت أن وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان، وبالشراكة مع منظمة اليونيسف، نفذت ضمن المشروع حزمة من الأنشطة النوعية، شملت تنظيم دورات تعريفية حول حقوق الطفل، والمواثيق والمعايير الدولية التي تُجرّم تجنيد الأطفال، إلى جانب برامج تدريبية استهدفت الضباط والمسؤولين في الوحدات العسكرية، ركزت على آليات منع التجنيد القسري، والتعامل الإنساني مع الأطفال المجندين باعتبارهم ضحايا يحتاجون إلى الحماية لا المعاقبة. مؤكدة بأن المشروع لم يقتصر على الجانب التدريبي فقط، بل شمل أيضًا جهودًا تنسيقية مكثفة بين مختلف الجهات الحكومية ذات العلاقة، من أجل إعداد بروتوكول موحّد لمنع التجنيد والاستجابة لحالات الانتهاك، مشيرة إلى أن هذه الاجتماعات واللقاءات التشاورية كانت خطوة أساسية نحو بناء إطار وطني مشترك يسهم في وضع حد لهذه الانتهاكات الخطيرة، مؤكدة أنه تم تنفيذ حملات توعية مجتمعية شاملة، استهدفت منظمات المجتمع المدني والإعلاميين والناشطين، وهدفت إلى تعميق فهمهم بخطورة الظاهرة وتأثيرها طويل الأمد على السلام المجتمعي والتنمية البشرية.
آراء اللجنة الفنية
قال العميد عارف عريم، مدير عام حقوق الإنسان في وزارة الداخلية وعضو اللجنة الفنية، إن التدريبات جاءت ضمن برنامج عملي للتوعية والتشبيك مع الجهات الحكومية والمنظمات المعنية مشيرا الى أن البرنامج شمل تدريب ضباط البحث ومديري حماية الطفل في المحافظات على آليات تطبيق القانون ومنع التجنيد غير القانوني، وضبط الوثائق المزورة، والتعامل مع السماسرة، وتحديد الأطفال المجندين بطرق غير شرعية.
كما أشار إلى أن وجود نقاط اتصال عسكرية فعالة يسهم في ضمان الالتزام بالمعايير الوطنية والدولية، ويُعد ركيزة أساسية في تنفيذ خارطة الطريق الموقعة مع الأمم المتحدة، داعيًا إلى استمرار التأهيل والتدريب للعاملين في هذه النقاط، بما يمكنهم من أداء مهامهم بكفاءة ومسؤولية عالية.
من جانبه، شدّد العميد الركن علي محمد سالم، منسق وزارة الدفاع في اللجنة الفنية المشتركة لمنع تجنيد الأطفال، على أهمية تفعيل دور نقاط الاتصال العسكرية في مختلف الوحدات والمحاور، والاضطلاع بمسؤولياتها القانونية والميدانية، بما يتوافق مع قانون الخدمة العسكرية رقم (67) لسنة 1991، الذي يحظر بشكل صريح تجنيد أي شخص دون سن الثامنة عشرة، مؤكدا أن هذه المهمة ليست فقط التزامًا قانونيًا، بل هي واجب وطني وأخلاقي لحماية النشء من مخاطر الزجّ بهم في جبهات القتال، مشيرًا إلى أن حماية الأطفال من التجنيد تبدأ من وعي القيادات العسكرية وحرصها على تطبيق التعليمات والتوجيهات العليا.
كما دعا ممثل وزارة الدفاع في اللجنة إلى التنفيذ الصارم لتوجيهات القائد الأعلى للقوات المسلحة، و توجيهات وزير الدفاع، واللتين شددتا على ضرورة منع أي عملية تجنيد لمن هم دون السن القانونية، والعمل على تعزيز منظومة حماية الطفولة داخل المؤسستين العسكرية والأمنية.
النجاحات والإنجازات
شطب اسم الحكومة اليمنية من «قائمة العار» الأممية وإصدار قرارات رئاسية ووزارية تمنع التجنيد وتحاسب المخالفين وإنشاء 80 نقطة اتصال عسكرية وكذا إنشاء وحدات لحماية الطفل في المؤسسات الأمنية والعسكرية.
بالإضافة الى تدريب وتأهيل الضباط والمسؤولين في الوحدات الأمنية والعسكرية وإعداد بروتوكول حكومي يعترف بالأطفال المجندين كضحايا لا كأسرى حرب.
وتشكيل لجنة رباعية حكومية للإشراف على تنفيذ المشروع وتقييم الإنجازات وشطب قوات الحزام الامني من قائمة الجهات المنتهكة لحقوق الطفل وأخيرا مناقشة بروتوكول الشكاوى وإعلان المدارس الآمنة.