خرجت الأصوات من الحناجر وامتلأت صفحات الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي بمطالبات بسيطة وممكنة وقابلة للتنفيذ.
تغافل المواطن عن وضع أسئلة صعبة ومعقدة، لم يسأل عن مستقبل حقول النفط والغاز وعن مواردها المالية السابقة واللاحقة ولم يسأل عن موارد الدولة من تلك المنافذ العامرة بالخيرات الكثيرة برا وبحرا، لم يسأل عن ماهية التعيينات التي تتوالى للقريب والاقرب متجاهلة الأجدر والاكفأ، ولم يسأل عن تلك الأراضي التي تم استباحتها بقوة وضع اليد، لم يسأل عن موارد مؤسسات الدولة إلى أين تتجه ولمن تنفق، ولم يسأل عن قوائم المنح والعطايا في الداخل والخارج وبالعملات الحرة،ومع كل ذلك اللغط تجاهلها، مطالبا بأبسط مقومات الحياة الكريمة.
علا صوت المواطن مطالبا (بتحسين ) خدمة الكهرباء وجعل هذه الخدمة أكثر لطفا وقبولا، وطالب ايضا باستقرار (نسبي) للمياه والتي انهكته طويلا والمرتبطة بالفعل بخدمة الكهرباء، كما طالب بانتظام الراتب شهريا وطالب بتحسينه ليتناسب وتسونامي الغلاء المستمر دون توقف، وطالب أن يحدد الحد الأدنى للراتب بمعايير حددتها منظمة الأمم المتحدة والتي أشارت إلى أن (الفرد) تكفيه 2,40دولار اميركي باليوم، ليعيش في مادون خط الفقر، وطالب بتحسين مستويات وجودة التعليم الأساسي والثانوي، وطالب بالحفاظ على كرامته وانسانيته وأمنه.
هي حالة تسمى ( الفرعنة) والتي يستشعر فيها المسؤول أنه على حق مطلق، وان المواطن لايستحق حتى الانصات له، تلك الأمور وعبر التاريخ المكتوب كله سببها الحاشية التي مافتئت تبني سياجاً متيناً بينه وبين مطالب شعبه، حتى يستمر في عطاءاته لهم وتسخر لهم المنح وبالتالي يستولوا دون أن يشعر على قراراته، فهنا تنشأ حالة من حالات (الفرعنة المستدامة) التي لا رجعة عنها ولا حل معها إلا باقتلاعها ومن تبعها مهما كان الثمن.
هذا شعبكم يعاني منذ زمن طويل، وصابر على أمل أن تتحرك ضمائركم نحوه، ولم يطالبكم الا باشياء لاتكاد تذكر ( كهرباء ومياه ورواتب منتظمة ومحسنة وتعليم ذات جودة )، وإنها مطالب ممكنة وبسيطة جدا والمسئول الذي يجدها صعبة المنال والتحقيق، عليه الإعلان عن تلك الصعوبات وأسبابها، أو الانسحاب من المشهد العام متواريا.
مازال المواطن يستصرخ الدولة بمتطلبات ممكنة، وأجد أن على قادتنا سرعة إيجاد حلول مستدامة، قبل أن تتدخل قوى أخرى تتمكن عبر هذه المطالب البسيطة من( الولوج) لإحداث فوضى عارمة لا يمكن السيطرة عليها، ولنا في عديد الدول أمثلة لا يستحب أن تتكرر.
صموا آذانكم عن حاشيتكم وانزلوا منازل المواطن، وذوقوا مرارة عيشه وهوان كبريائه، واستعجلوا بوضع حلول واقعية سريعة غير متسرعة، ولا تأخذكم العزة بالإثم فهذا شعبكم وانتم المسؤولون عنه الآن في هذه البسيطة وهناك أمام الخالق عز وجل حيث تجتمع الخصوم.