لقد استوقفني ولفت انتباهي خطاب الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي الذي ألقاه في حفل تخرج الدفعة الخامسة والعشرين لدرجة الماجستير في الحقوق وعلوم الشرطة في كلية الدراسات بأكاديمية الشرطة حين قال: (الأمن أساس الاستقرار والاستثمار ) فالأمن والاستقرار في الوطن أساس الحياة كلها واستمرارها وتطورها فحيثما وجد الأمن والاستقرار وجد البناء والرخاء والازدهار والعكس بالعكس يذكر. فلننظر إلى دول الجوار حينما تحقق لهم الأمن في بلادهم تحقق لهم البناء والرخاء والاستقرار في حياتهم وطيبة عيشهم، وهناك دول كثيرة تحررت واستقلت بعد استقلالنا بكثير لكنها صارت في رفاهية من العيش الرغيد والتفوق والتقدم والنمو والرقي وذلك بسبب أمنها واستقرارها، جاءت إليها الشركات الاستثمارية العربية والأجنبية من كل حدب وصوب لإخراج ثرواتها وخيراتها لترتقي بها وتستفيد شعوبها من هذه النعمة التي منحها الله لهم في باطن الأرض وظاهرها، فأسعدهم الله في الدنيا وعاشوا فيها، لأنهم عرفوا الأمن والاستقرار فعرفهم الناس وسارعوا إليهم ليشاركوهم في التنعم بهذا الأمن والاستقرار والرخاء وزادهم الله من فضله وسعة رزقه أضعاف ما كانوا يحلمون به. فلو توفر الأمن والاستقرار في بلادنا لنما فيها الاستثمار مثل غيرها من الدول ولما احتجنا لأحد، أو أن يتسلط علينا غيرنا من الدول الطامعة في نهب ثرواتنا، فنحن أولى وأحق بالاستفادة منها في تنمية وبناء بلادنا وتطورها والقضاء على البطالة فيها لو كنا نعقل ذلك!!فمتى سيتحقق الأمن والاستقرار والتطور والنماء للوطن والمواطن على السواء؟ ومتى سنصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي إذا ؟!. وإنه لمن المؤلم ما نراه اليوم حاصلاً في بلادنا وما يفعله الإرهابيون بزعزعة أمنه واستقراره حتى لا تقوم له قائمة، فكم من أناس من أبناء هذا الشعب قد قتلوا بدون ذنب أو سبب يذكر؟! وكم من مستثمر عزف عن استثماره ورحل؟! وكم عانى هذا الوطن من تأخر في البناء والنماء والتقدم والرقي لمواكبة هذا العصر واللحاق به؟ وكم من منشأة وبنية تحتية خربت وهدمت على رؤوس أصحابها وساكنيها ؟! فالإرهاب داء عضال لا يقل خطورة عن داء السرطان ينبغي القضاء عليه، فإن لم نقض عليه قضى علينا وحول حياتنا إلى جحيم. إنهم من شياطين الإنس مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية لا يرعون في مؤمن إلاً ولا ذمة، لايخافون الله ولا يهابون الناس ولا يحبون الحياة، إنهم أعداء البشرية جمعاء، لا أحد يذكرهم إلا بالسوء، لهم قلوب جوفاء لا تعي ولا تفقه، وآذان صماء لا تدرك ولا تسمع (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً) كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز ، فماذا جنوا من أفعالهم وإرهابهم غير الدمار والعار وقتل الأبرياء من النساء والشيوخ والأطفال وإقلاق السكينة وتأخير الأوطان عن النمو والبناء، فشلوا في الحياة فأرادوا هدم المعبد وإغراق السفينة بمن فيها ولسان حالهم يقول أنا ومن ورائي الطوفان. ألا يوجد فيهم رجل رشيد أو عاقل يفكر فيما هم عليه من ضلال؟! أولم يتدبروا قوله سبحانه وتعالى : (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها). دعوا الحياة تسير كما أراد الله في قدره وإرادته، فإن كان هناك مخالفات شرعية في المجتمعات أو فساد في الأرض وأردتم أن تغيروه فبالطرق الشرعية التي أمرنا الله بها والمنصوص عليها في الكتاب والسنة النبوية وأقوال العلماء في كيفية التغيير إلى الأفضل والهداية إلى الله سبحانه وتعالى بل هناك قنوات لتغيير المنكر تتمثل في أولياء الأمور من الحكام والعلماء، فليس طريقتكم هذه هي الطريقة المثلى أو الأصوب والأصلح في هذا الزمان لهذا التغيير في المجتمعات لا عقلاً ولا شرعاً، فبأفعالكم هذه المدمرة للحرث والنسل أزداد الناس نفوراً منكم ومن هذا الدين إن كنتم تدعون إليه بصدق وإخلاص وحريصون على هداية الناس فأين أنتم من قوله سبحانه وتعالى في رسوله صلى الله عليه وسلم : (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) ومن قوله صلى الله عليه وسلم: ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه) فأين رفقكم ولينكم بالناس من رفق ولين رسولنا صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ومخالفيه من المنافقين وكفار قريش في زمانه. ألم يقل لهم في فتح مكة المكرمة حين جمعهم على صعيد واحد مسلمهم وكافرهم (ماذا ترون أني فاعل بكم، قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم . ثم قال: (أذهبوا فأنتم الطلقاء) ولم يحمل عليهم السيف وكان أقدر على ذلك منهم، بل كان في الناس من لم يسلم بعد، ولكنها الرحمة المهداة للعالمين في العفو والصفح للمخالف فأين أنتم من هذا كله ومما تفعلونه اليوم بالناس وهم مسلمون فكيف لو كانوا كفاراً، لكان بأسكم فيهم أشد وأنكأ من ذلك والعياذ بالله، فهل من توبة وأوبة ورجوع إلى الحق قبل فوات الأوان والندم على ما كان ولات حين مندم. فلنقم ثورة عارمة شاملة ضد هذا الإرهاب بكافة صورة وأشكاله من جميع فئات وطبقات الشعب بمختلف مستوياته، قومة رجل واحد، في جميع وسائل إعلامنا المرئية والمسموعة والمقروءة، ثورة تثقيفية وتحذيرية في المدارس والجامعات والمساجد والصحف ووسائل التواصل الاجتماعي والمراكز الثقافية وتخصص ندوات ومحاضرات بشكل يومي في شتى هذه الوسائل، وياحبذا أن تخصص وزارة التربية والتعليم، والتعليم الجامعي في جميع مقررات مناهجها الدراسية ابتداء من التعليم الابتدائي وحتى التعليم الثانوي والجامعي دروساً لتعليم الطلاب وتحذيرهم من خطورة هذا الإرهاب وفكره المنحرف عن المجتمعات والدول والحياة الإنسانية. كما نتمنى أن يحفز ويشجع كافة المبدعين في المجالات الفنية المتنوعة على إبداع أعمال فنية تفضح وتعري الأعمال الإرهابية الإجرامية كي يتحاشاها الجمهور، ويحفز الكتاب والصحفيين بالاجتهاد والمثابرة في تأليف الرسائل والنشرات، ورصد حوافز مالية تشجيعية مغرية لمن يدلي عن الإرهابيين وأماكن تواجدهم واختبائهم، فإذا أقمنا مثل هذه الثورة العارمة في مواجهة هذه الأفكار المتطرفة وقطع أسبابها التي تؤدي إلى تمددها وزيادة أنصارها بكافة هذه الأبعاد الإعلامية والتعليمية والتوعوية في شتى نواحي الحياة اليومية، نكون قد ساهمنا في القضاء على الإرهاب أو على بعضه وساهمنا من الجانب الآخر في توعية الشعب وتثقيفه وإعلامه بخطورة هذا الإرهاب لضلاله وتخبطه في معتقداته ومناهجه الفكرية وعدائه للبشرية. فقد بلغت عمليات الإرهاب في بلادنا حداً لا يمكن السكوت عنه باستهداف مفاصل الدولة المدنية والعسكرية واستهداف المدنيين والعسكريين لإسقاط هيبة الدولة وسلطتها وهيهات لها ذلك. فنتمنى أن تتضافر الجهود وتتلاحم وتتشابك الأيدي يداً بيد مع جهود قواتنا المسلحة والأمن واللجان الشعبية في كل منطقة يتواجد فيها الإرهاب لنرى ملحمة ثورية كاسحة قوامها قواتنا المسلحة والأمن والشعب بكافة فئاته وشرائحه ونطهر بلادنا من شر هذه الفئة الباغية الضالة الدخيلة على ديننا وإسلامنا وعلى مجتمعنا مجتمع الإيمان والحكمة.
|
آراء
معاً.. للقضاء على الإرهاب
أخبار متعلقة