جاء الإسلام والعرب في الجاهلية قبائل متناحرة ممزقة ومشتتة في حروب دائمة القوي يعتدي على الضعيف فوحد صفوفهم وجمع كلمتهم وأصلح ذات بينهم وآخى بين السيد والعبد وبين الأمير والحقير وأصبح الجميع عباد الله واخواناً متحابين ومتساوين في الحقوق والواجبات وأمرهم بعدم التنازع والتدابر وان لا يقطعوا أرحامهم وان يعتصموا بحبل الله جميعاً ولا يتفرقوا وان يكونوا امة واحدة قوية ومتماسكة لدرجة أن قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم : «المؤمن للمؤمن كالبنان أو كالبنيان يشد بعضه بعضاً» فما بالنا اليوم نرى أناساً محسوبين على الإسلام ينعقون من فوق كل منبر متناسين مبادئ الإسلام الحنيف الذي يدعوهم إلى قوله تعالى : «إن هذه أمتكم امة واحدة وأنا ربكم فاعبدون» وهم يحرضون الناس على أن يقطعوا أرحامهم ويمزقوا النسيج المجتمعي ويشتتوا التماسك الوطني للبلاد يريدوننا أن نعود إلى الوراء والى الخلف والى أيام الانقسامات والحروب التي حدثت بين أبناء الوطن الواحد من شماله إلى جنوبه إنها والله لدعوة جاهلية وليست من الإسلام في شيء لان الإسلام جاء ليؤلف بين القلوب ويزرع المحبة والألفة والتعايش وينشر السلام الذي هو الإسلام نفسه وهو الأمن والطمأنينة والعبودية والخضوع والاستسلام لله وحده لا لغيره.لم يأت الإسلام ليطلب من المسلم أن يقطع علاقته مع أخيه المسلم أو يستقل عنه أو يطلب من ربه أن يباعد بينه وبين أخيه مثلما طلب أجدادنا القدامى الذين كانوا على ضلال أن يباعد الله بينهم وبين اسفار إخوانهم الأقل منهم اموالاً وتجارة .. هل يراقب الله كل من صعد فوق منبر أن الله القوي الجبار المنتقم العليم بكل شيء انه يراقبه وسيحاسبه على كل كلمة قالها وهو يدعو إلى زرع الفتنة والتفريق بين المسلمين واستغلال الدين والمتاجرة به لأغراض سياسية زائلة أو إرضاء لجماعة أو طائفة وهو يعلم بان الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها كما ورد في الحديث الشريف وهل يعتقد كل من يدعو إلى مفارقة الأخ لأخيه بأنه بهذه الدعوة يعمل على إرضاء الله وإرضاء رسوله لا والله .. بل انطبق عليه قول الله عز وجل : «قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً .. » فلم نسمع عبر تاريخ الإسلام الطويل أن قام دعاة ينتسبون إلى دين الإسلام ومحسوبون عليه يأمرون الناس بمقاطعة بعضهم البعض أو شق عصا الطاعة ومفارقة الجماعة إلى مناطقية أو جهوية أو عصبوية إرضاء لله واستخداماً لدينه في أمور سياسية دنيوية تتغير من زمن إلى آخر فقد كانت أوروبا قبل عصر النهضة دولاً ممزقة ومفرقة ومشتتة ومتناحرة تعيش في حروب طاحنة ودائمة واليوم صارت كتلة واحدة برغم تعدد جنسياتها وأعراقها ودياناتها و إيديولوجياتها وهي قوة ضاربة اقتصادياً وعسكرياً وتكنولوجياً وحضارياً وتتحكم مع الولايات المتحدة الأمريكية بمقدرات الشعوب الضعيفة التي ما زالت تدعو إلى تقسيم المقسم وتجزيء المجزأ وتشتيت المشتت. فأين غاب الرشد عن هؤلاء الذين لا هم لهم إلا السعي إلى التفريق بين المسلم وأخيه المسلم وكأن هذا السلوك هو منهج النبي القدوة والأسوة وصحابته الكرام والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وهل حلت بهم الغفلة أو أخذتهم سنة أو نوم أم أنهم في سكرتهم يعمهون أم أنهم منقطعون عن واقعهم الذي يدعوهم إلى أن الناس في العالم اجمع كادوا أن يصبحوا قرية صغيرة متشابكة المصالح والغايات والأهداف ولم يعد الناس يتحدثون عن خصوصية أو هوية أو جزر معزولة أو منفصلة عن بعضها البعض.
|
آراء
هل من واجب الدعاة التفريق بين المسلمين ...؟!
أخبار متعلقة