وترجل استاذنا احمد الحبيشي عن صهوة معشوقته للمرة الثانية بعد تسع سنوات .. ترك خلالها بصمات من الفعل وأثرا من العطاء الذي تجسد ـ اولال وقبل كل شيء ـ في الحفاظ على مؤسسة وصحيفة 14 أكتوبر منبرا في مواجهة الأعاصير والتحديات التي عصفت بالوطن والقت بظلالها علي كل شيء جميل وما زالت تداعياتها السلبية تاخذ مجراها ، ثم في تلك النقلة النوعية المشهودة التي احدثها على المستوى الصحفي والمهني للصحيفة ، وكذلك قدرته على ( الفوز ) من براثن الاسود باحدث مطبعة صحفية بعد ان عانت المؤسسة من ( هرم ) آلات الطباعة وفق تكنولوجيا العصر .والحق يقال ـ وهذه شهادة للتاريخ لا اريد بها جزاء ولا شكورا - فقد ترك الأستاذ الحبيشي منصب رئيس مجلس الادارة ـ رئيس التحرير حتى لا يظن البعض انه تزلفا وطلبا لمنصب ـ فان الحبيشي يمتلك قدرة إبداعية مهنية قل ان تجد مثيلا لها على طول وعرض البلاد ، ـ ومع يقيني انه ليس بحاجة لهذه الشهادة ، فانه يعد من بين اول ثلاثة في اليمن اجادوا امتلاك ناصية مهنة المتاعب بفاعلية وعطاء وابداع و مارسوا الصحافة بموهبة ودراسة وسعة معلومة . وقبل الاستاذ احمد كثيرون قبضوا على زمام قيادة المؤسسة .. وتركوا اثرا تراوح في مستواه صعودا وهبوطا ، وكان نصيب الاستاذ احمد فترتين ، واطول فترة تقلدها قيادي للمؤسسة امتدت لتسع سنوات . وكثير من الزملاء اختلفوا مع الحبيشي خلال فترة توليه قيادة المؤسسة لسبب او لآخر ، لكن ذلك لا يعني بانهم كانوا جميعا على حق او ان الحبيشي كان مصيبا فيما قام به من خطوات واجراءات ضد بعضهم بتغييرهم من مناصبهم ، لكنه كان يرى فيما اقدم عليه خطوة صائبة لصالح سير العمل سواء في المؤسسة او الصحيفة .. خلال مرحلة هي من اصعب واقسى مراحل الراهن اليمني نظرا لما اكتنف عقدنا هذا من صراع سياسي مؤلم واضطرابات ونزاع بين فرقاء العملية السياسية في الوطن وكلنا اصطلى بنيران هذه المرحلة ولازالت تبعاتها تلاحقنا حتي اللحظة . ودخل خلالها الوطن في نفق مظلم عجز كثيرون وتاهوا في تحديد وجهته ومعرفته شواطئ امانه حيث تداخلت وتشابكت خيوط اللعبة ، مثلما تضاربت وتفرقت المصالح ما اودى بالوطن في نفق مظلم . وخلال هذه المرحلة صمدت المؤسسة والصحيفة ولم تتأثر فيها حقوق عامليها وموظفيها ، رغم الانتكاسات التي اصابت كثيراً من المرافق والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية في حقوق عامليها ، وهذا بحد ذاته امر ليس بالهين اذا ما نظرنا اليه من زاوية موضوعية وبعين متجردة بعيدا عن اية حسابات او حزازات . وازيد بالقول انه وان اختلفنا سياسيا وفكريا مع الحبيشي فان اثنين لا يختلفان حول مهنيته وقدرته الصحفية ، ولا نجادل بالقول في الجانب الاداري فلكل منا شخصيته واسلوب ادارته الذي يتفق البعض معه فيها مثلما يختلف آخرون . واليوم وقد غادر الاستاذ احمد المؤسسة مكللا بما تركه خلفه من بصمات ارتضى واعجب واشاد بها كثيرون ورفضها ولعن صاحبها البعض ، فان ذلك لا يغير من الامر شيئاً ـ فالله سبحانه وتعالى يقول في محكم آياته ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ) وتقول الحكمة ( كل يوم له دولة ورجال ) ولذلك فان التحايا مسبوقة بالامتنان على جهد وعطاء تلك السنوات . كما ان الترحيب واجب بقيادة المؤسسة الجديدة برئاسة الزميل الاستاذ محمد علي سعد ابن الصحيفة واحد ربابنتها الاسبقين مع زميليه عبد الرقيب الهدياني وشفيع العبد الذين نتمنى ان يشكلوا فريقا واحدا منسجما بعيدا عن الأهواء الحزبية والسياسية وان يضيفوا لبنات جديدة وعطاء آخر متميزاً الى هذا الصرح الشامخ ( 14 اكتوبر ) حتى اذا ما غادروها نكون قد احتفظنا لهم بسجل اداري ومهني يعطر سيرتهم .
|
آراء
ويبقى الفعل أقوى
أخبار متعلقة