نص
جلال غانم بدءاً يجب أن ترتب ما بقي لك من ركام هذه الغربة اللعينة، ما بقي للخوف من أحرف في ذاتك ، من الاجتياح الذي يستنزف كل قواك لـــيضعك في عقدة صارخة لا تنتهي بـك إلا راميا يستبسل أمام انهيار حتمي ....كل لحظة تشعر أنك تكتب أكثر من حالة منهكة ، أكثر من ذاكرة الكرمل، للنضال الذي يتعدى جناحات العقد الثقافية التي تجتاحنا.من هنا مر الكثير الكثير، والباقون في طابور زمني مع الانتظار، من هنا كنت وحدك غابة نسيان، ونورس يحلق في سرب زمن سرمدي، ركام ثقيل من حلم وخطيئة أسميناها من البدايات (وطن).إن التحليق عاليا لا يميتنا أبداً، وإن مواليد شهر الجدي قوية ولا نزالات فيها مع ليالي الخوف .لم نكن يوما ما مخطئين إلالننا نقول دائما لا، وإن ثمن ما نقوله يتعدى طرائق المسئوليات ومهمات الحريات ذات النزعة المستحيلة.وحدها جوليا بطرس (أنا أتنفس حرية) في لحظات كهذة تمنحني أكثر من متنفس خارج قناعات الحياة المستحيلة ، وأن الأشياء التي تتهيأ لي دائما كي أرى فيها مجرد فرح أسترقه حتى ولو من وجوه الآخرين، لكن هذا الأمر أصعب من مجرد فرح عابر أو سرقة عابرة .أريد أن أكتب أشياء لم أقلها يوما عن أمل دنقل شاعر الفقراء وعن كلماته الأخيرة في سبارتكوس، عن الأمل، وعن أوطان الطيف، أريد أن أقول مع أول صيحات الصباح أن للغد بقية.ما يشعر به الكثير ويعولون عليه يتعدى دكمة فراغ أو مبالغة قصوى في الهروب من حالات الضجر، أو من مجرد التزام يومي.أكاد أفهم ما يعنيه الأمر بالنسبة لهؤلاء ....!!!أكاد أجزم أن مجرد ضحك لمتعب غير قادر على المقاومة هو بطريقة أو بأخرى هزء بأكثر من بيان إنساني لضحك للابتسام وعدميته في زمن مخيف كهذا ....تستفيق الذاكرة كل يوم بألم يفتك بناء ، بـــ عنف يتجاوز قتل الإنسان ، نستفيق مع كل مقام ومع كل وشم نصنعة على أكثر من حالة انشطار جغرافي وسياسي واقتصادي ...الخ هذا ما يحصل كي نعي أن هذا الواقع يحتاج لا أكثر من تحاور، أكثر من سرد حالات الموت العبثية ...ولا يمكن أن نحيا فوق أرخبيل متحرك بفرص قليلة النجاة .....دون الإفراط في التعاطي مع أي حاضر لذيذ ، أو مع أوتار صاغية لآذاننا.دون القول أن ما يحصل مجرد تخمة وثمن لابد من تعداد ضحاياه كي نقوى على حِمل هذه التركة مضيا بها إلى مستقبل غير مفهوم للكل ...منهكون بأكثر تراجيديانا سرداً، واقعيون ومهجرون، انطباعيون ومنفيون بأكثر من جغرافيا موت مفترضة ....في أكثر من إنفجار مفتوح، في أكثر الاحتمالات الجارحة نمضي.ماذا بقى لنقوله ، ماذا بقي للفاتحة كي نقرأ على الأموات ما تبقى من أي طرائق جديدة للحياة ...؟؟؟شيئا فـشيئا يقرب المسافة بيني وبيني ، أستغرق في العد أكثر، في التصلب، في الاحتفاء مع أكثر من أرصفة التناسل .كي أولد من جديد، كي أقول أشياء كثيرة لم أقلها بعد.كي أثبت أن الأشياء الغامضة التي تجتاحني في مساء قرمزي وفي كل يوم ، كي أنبت يداً أخرى قادرة على السرد أكثر ..وكي يتسنى لي إكتشاف دروب جديدة ..آن الأوان كي نرى في كل هذه النهايات بدايات جديدة لنوجد فيها كل شطوط أخرى الحياة .كي نقول في أزمنة أخرى - أقل وقعا على القلب والذاكرة - بقي لنا الكثير سنقوله .بقي لنا الكثير ما نقوله ...بقي لنا الكثير لنقوله