إن الاعتذار الذي قدمته حكومة الوفاق نيابة عن شركاء حرب 1994م الظالمة بصيغته الركيكة إنما يدل على أن شركاء الحرب مازالوا متمسكين بأسباب وتداعيات الحرب ولم يتجاوزوا هذا المربع فالاعتذار بحد ذاته ليس خضوعاً بل هو رغبة جامحة لتجاوز الماضي وصراعاته وحسن نية تبديها أطراف الصراع للتقارب والتوافق والتصالح والاعتراف بالأخطاء فضيلة ودلالة على مصداقية تجاوزها هذا إذا أردنا خلق واقع جديد فيه الأمل لانجاز تغيير وإحداث التطور اللائق لنمط الحياة، لابد من معالجة الاختلال الذي أنتجته بؤر الصراع وذلك بتنفيذ النقاط العشرين التي اقترحها الحزب الاشتراكي وأقرتها اللجنة الفنية للحوار لنبرهن للجنوبيين وأبناء صعدة أننا ماضون بجد نحو التغيير وان واقع الأمس تغير واليوم ماضون إلى تدعيم الوحدة الوطنية وان الكل شركاء في وحدة الوطن وتعزيز روح التسامح واحترام الآخر وتأصيل هذه القيم في الوسط الاجتماعي بكل أطيافه ومناطقه وأهم هذه النقاط هو الاعتذار من أطراف وشركاء الحرب واعتبار حرب 1994م حرباً ظالمة ومدمرة للقيم والروح الوطنية وهي سبب تدمير ونهب البنية الاقتصادية والاجتماعية للجنوب وان الانفصال هو نتيجة حتمية وردة فعل لما أنتجته حرب 1994م . لكن الواقع أن شركاء الحرب متمسكون بأسبابها ونتائجها وهذه دلالة واضحة على عدم المصداقية للتغيير وتجاوز الماضي وصراعاته وأقول لهم: كفى تسلطاً وكفى تزمتاً وكفى عناداً وكفى صراعاً ، نحن في مرحلة وفاق واتفاق وصلاح وإصلاح وتقارب لا تنافر ولهذا لابد من الاعتذار والأسف في بساطته عن الخطأ لأن له معنى عظيماً ونتائج عظيمة لتجنب تمزيق الروابط الإنسانية على مستوى الأسرة أو المجتمع أو تدهور القيم واستفحال المشاكل بين الجماعة التي ستكون نتائجها كارثية على الأمة والوطن.. إلا أنه لا يمكن أن يصدر سوى من نفس عظيمة أو تكتل إنساني أعظم يسمو فوق الصغائر ويعلو في المصالح العامة والأهداف العامة للوطن والأمة ولكنه يثقل لسان الأناني و المصلحي والمتكبر ومستبعد من قاموسه الشخصي في خطابه مع الآخر فلا يقدم شيئاً مفيداً سوى نمو واستفحال المعضلات والمشاكل وتمزيق الوحدة والقيم في المجتمع التي تجعل الوطن في أسوأ حالاته لهذا لازالت القوى التقليدية المتخلفة ترفض أن تستجيب للغة العقل والمنطق وتواكب التطور والنهوض بل تعيش في عقول متحجرة مغلقة في زمنهم الأسود الذي رفضه الشعب ومتوهمين أن يعودوا في زمن الحرية والعدالة والمساواة.. اصحوا من أحلامكم وأوهامكم فنحن لكم بالمرصاد فلن يعود ماضيكم إلا على جثثنا.أما الاعتذار بالنيابة فنحن في غنى عنه وهو لا يتوافق مع العدالة الانتقالية ولا التوافق والاتفاق ومن حق الجنوبيين التمسك بحقهم ومطالبهم وهنا يستصعب الخروج من المحن بل نبقى في دوامة الصراعات المدمرة للكل متى نأخذ العبر من الماضي ونتعظ مما حدث ونترك المستقبل للشباب الخالي من الصراعات ما دمنا لا نستطيع تجاوز ماضينا السيئ. وللعلم من يقف حجر عثرة أمام التغيير بأي سبب كان سيلعنه التاريخ والأجيال القادمة وهذه فرصة لا تتكرر وعجلة التغيير بإذن الله ثم بفضل الخيرين وهم كثر في الوطن لن تتوقف أو تعود للوراء والله مع الخير والخيرين وضد الشر والشريرين .
|
آراء
الاعتذار سلوك لا قول
أخبار متعلقة