شهر رمضان في عدن..
د .زينب حزامكم شروقاً توالى على هذه الأرض الطيبة عدن ،جنة الدنيا، ذلك الأفق العدني، حيث الشواطئ الذهبية والنوارس البيضاء والجبال السمراء وطيبة أبناء عدن، هذه الأرض الطيبة التي شهدت بطولات المسلمين في وجه الغزاة الأجانب، تستدعي، وضعاً بعينه وكل موقع تحتويه، وقديماً قيل أن الزمن مكان سائل والمكان زمن متجمد، مكاني المرتكز ،منطلقي ،ذلك المسمى بعدن، جنة الدنيا ،وفي عدن يقبل شهر رمضان المبارك والربيع العربي قد شهد أحداثاً تاريخية وسياسية وثقافية غيرت مجرى التاريخ العربي بشكل عام واليمن بشكل خاص، لا أدري ولا ألم بكل الثورات التي شهدتها عدن منذ نشأتها ، ولكني أعي وألم بيوم جلاء جنود المستعمر البريطاني من عدن واستقلالها ، ألم باحتفالات أبناء عدن باستقلالهم في 30 نوفمبر 1967م أتذكر ليالي رمضان بعد الاستقلال والتجول في شوارع عدن ليلاً دون خوف أو قلق من رصاص الجنود البريطانيين ، أتذكر علو صوت المآذن عند صلاة الفجر دون أن يخرسه رصاص الجنود البريطانيين الذين كانوا ينزعجون من أذان صلاة الفجر، وهكذا عادت الحرية لأبناء عدن: حرية الدين وحرية الفكر وحرية العالم والثقافة. وفي شهر رمضان وخلال هذا الربيع العربي تشرق شمس الحرية من جديد لتعود ليالي رمضان مشرقة بالخير والسعادة لأبناء عدن، حيث نجد أهلها الطيبين يستعدون لهذا الشهر الكريم رغم الغلاء والانقطاع المستمر لتيار الكهرباء في هذا الصيف الحار، وابتسامة النصر لا تفارق وجوههم السمراء حيث تعلوها السخرية اللاذعة، والإرادة القوية بانتصارهم على الصعوبات والعراقيل التي تواجههم، وفي شهر رمضان المبارك، نجد تجمع الناس في المقاهي ليلاً حتى إعلان صلاة الفجر والعودة إلى البيت والاستعداد ليوم جديد. [c1] المقاهي الثقافية في شهر رمضان بعدن [/c]تنتشر المقاهي الثقافية في عدن، وتزدحم ليلاً في شهر رمضان، حيث يمتد السهر حتى الصباح، وبعضها لاتغلق وتعمل على مدار الأربع والعشرين ساعة عدا شهر رمضان حيث تغلق نهاراً، وتفتح عند موعد أذان الفطور ( المغرب) مساء، وفي هذه المقاهي الثقافية يتجمع الممثلون والصحفيون والشعراء والمتقاعدون الذين ينتظرون أن يفتح مسجد العيدروس في عدن أبوابه لصلاة الفجر، ويقبل المسلمون من مختلف الجنسيات. ومسجد العيدروس من أشهر وأقدم المساجد في منطقة كريتر في عدن. وفيه تقام مسابقات القرآن الكريم في شهر رمضان، إضافة إلى تدريب الأطفال على تلاوة القرآن الكريم وتعليم الأحاديث النبوية وقصص القرآن الكريم والسير وقصص التاريخ والحضارة الإسلامية. كما توجد في منطقة الشيخ عثمان بعدن أقدم مقاهي رواد الثقافة والسياسة ورواد الفنون الجميلة من الموسيقى والغناء والمتخصصين في إحياء الأفراح، بعضهم يعزف على الآلات الموسيقية، وبعضهم يؤلف كلمات الأغاني وآخرون مطربون، منهم من عرف طريقه إلى الإذاعة والسينما والتلفزيون وحقق شهرة، ومنهم من مازال يعيش على حافة الحلم والواقع، ومعظم رواد هذه المقاهي الثقافي، نجدهم ينامون ساعات النهار الأولى، ويسهرون الليل ليقوموا بحرف متنوعة مثل إصلاح الآلات الموسيقية الوترية، ولعب الشطرنج والحوارات الثقافية والفنية وتوثيق التاريخ اليمني.ومن الأشعار الغنائية التي تردد في المقاهي الرمضانية، القصيدة الغنائية للشاعر المعروف عبدالله عبدالكريم وهو من مواليد مديرية الشيخ عثمان في عدن في 15 ديسمبر 1944م وكتب العديد من الأغنيات الوجدانية والأناشيد الوطنية وتغنى بكلماته كبار الفنانين في عدن بصورة خاصة، مثل الموسيقار الراحل أحمد بن أحمد قاسم وأمل كعدل والفنان عمر غلاب وغيرهم. [c1] يقول الشاعر عبدالله عبدالكريم في قصيدته الغنائية: ربنا يسعد مساكم [/c]في لقاكم.. ياهناكم .. ربنا يسعد مساكم هلت الفرحة عليكم.. حققت أحلى مناكم بابتسامات الأحبة ترتسم أغلى المحبة كل ليلة حلوة عذبة بالسمر تحلا معاكم وربنا يسعد مساكمأحلى باقات التهاني للنفوس تهدي السعادة والقلوب ترسم أماني طعمها سكر زيادةوالعيون مغل الشفايف كلها رقة وعواطف مهما لفتها الشراشف تلتفت دايم سناكم وربنا يسعد مساكم في سماكم فاض بهاكم .. والقمر ليلة منور والنسيم عطره شذاكم ... في السمر ملفوف بعنبر لا الصباح أحيوها سمرة واحضنوها ألف مرة بالمودة والمسرة بايدوم دايم سلاكم وربنا يسعد مساكم [c1] ومن الأغاني الرمضانية في عدن، تعلو الأغاني الوطنية ومن أشهرها ( أغنية تاج شمسان ) لحن وشعر أحمد فضل القمنداني : [/c]( تاج شمسان ) إذا رأيت على شمسان في عدن تاجاً من المزن يروي المحل في تبن قل للشبيبة تبغي هكذا لكم تاجاً من العلم يمحو الجهل في اليمن فأنتم خلف القوم الألى رفعوا رايات مجدهم في سالف الزمن سارت جنودهم في البر فاتحة حتى ملوا البحر ذا الأمواج بالسفن مازال منهم فيكم كامنا قبس يجري مع الدم لم يوه ولم يهن سيروا إلى المجد صفاً واسلكوا سبلاً وضاء وحيدوا عن الأضغان والفتنأنتم بنو السادة الأمجاد من مضر ومن سلالة قحطان وذي يزن حياك يا عدن من منهل عذب للقاصدين حماك الله من وطن يا دار آهلة فيك الكرام لقد طبت وغنت لك الورقاء من فنن إذا سرى من هو حلقات عدن أحيا عليل الهوى شجوى وذكرني أهل القطيع (1) وأهل الزعفران (2) وفي حافة حسين (3) من أهل الفضل والفطن أحبتي وأصحابي فذكرهم في يقظتي لا يفارقني ولا وسني أبعث مزاحم حي العيدروس (4) وصا فح في الخساف (5) وعانق ثم واحتضن بيضاً غطارفة سمراً جحاجحةشنف بذكرهم أذني وحدثني وغن لي (مرحبا بالهاشمي ) فما يا ساري البرق (6) إن غنيت يطربني سقاك يا عدن ماء السحائب بل غيث من الشهد أو در من اللبن سقى ربى اليمن الميمون عارض يجري بالشآبيب من صنعاء إلى جبن ثم الصلاة على تاج الرؤوس بل هادي النفوس ومنجيها من المحنشمسان : اسم جبل شهير في عدن. القطيع: حي يقع شرق مدينة كريتر في عدن. حافة حسين: أحد أقسام غرب مدينة كريتر وينسب اسمها إلى الولي السيد حسين الأهدل. الزعفران: أحد الشوارع التجارية بمدينة كريتر عدن. الخساف: اسم حي يقع شمال مدينة كريتر. شاري البرق: أغنية من صنعاء.