عن الأدب الإفريقي
بقلم:د.شهاب غانمالقارة الإفريقية تضم عدداً من الدول العربية، ولغة هذه البلدان هي العربية وشعر وأدب هذه البلدان بالعربية، وإن كان هناك بعض الأدب بالفرنسية لأدباء من بلدان في شمال إفريقيا خضعت للاستعمار الفرنسي. الصومال أيضاً بلد ينتمي إلى الجامعة العربية ولكن لغته هي الصومالية، وكانت لغة شفاهية ولكن في منتصف القرن العشرين بدأ تدوينها بحروف لاتينية.القارئ العربي بشكل عام يجهل الأدب الصومالي وما ترجم منه إلى العربية قليل جداً، وهناك أدباء من الصومال كتبوا بالعربية.أما اللغات واللهجات الإفريقية الأخرى فهي بالمئات وأغلبيتها الساحقة شفاهية غير ذات أبجدية مكتوبة ومن اللغات الرئيسية في إفريقيا لغة السواحلية في شرق إفريقيا (كينيا وتنزانيا) ولغة الهوسا في غرب إفريقيا (نيجيريا)، وهاتان اللغتان متأثرتان بالعربية وكانتا تكتبان بالأبجدية العربية حتى جاء الاستعمار البريطاني، وفرض كتابتهما بالأبجدية اللاتينية تماماً كما فعل مصطفى كمال أتاتورك مع التركية العثمانية.هناك أيضاً من اللغات الإفريقية المكتوبة الأمهرية في إثيوبيا والسوتو والزولو في جنوب إفريقيا واليوروبا في نيجيريا وغير ذلك من اللغات في مختلف المناطق.وقد جاء الاستعمار الأوروبي بلغاته كالإنجليزية والفرنسية والبرتغالية والألمانية والهولندية، كما نشأت في جنوب إفريقيا اللغة الأفريكانية التي يتحدثها المستوطنون البيض وهي لغة مشتقة من الهولندية. والفرنسيون والبرتغاليون كانوا أشد إصراراً على الدمج الثقافي لشعوب مستعمراتهم من البريطانيين. ولكن الإفريقيين المستعمَرين الذين كانوا يرغبون في الارتقاء وظيفياً واجتماعياً كان عليهم تعلم لغة وثقافة المستعمر. وانتشر المبشرون ومدارس الإرساليات حتى في المناطق التي كان الإسلام قد سبق إليها في الشرق والوسط والغرب من إفريقيا، وكان المستعمرون يحاولون تشويه سمعة المسلمين العرب لدى الأفارقة بتصويرهم كتجار رقيق مع أن البيض هم من اختطفوا مئات الآلاف من الأفارقة وشحنوهم للعمل كعبيد في العالم الجديد، أمريكا والكاريبي، وقضى مئات الألوف منهم في السفن التي شحنوا بها لسوء المعاملة والظروف الصحية وسوء التغذية.الأدب الإفريقي كان قبل مجيء الاستعمار الغربي في معظمه شفاهياً ولذلك كان مقصوراً على مناطقه ولم يصل للقارئ العربي منه شيء يذكر. وبالنسبة للأدب المكتوب باللغات الإفريقية فلم يترجم منه إلى العربية حسب علمي إلا الشيء القليل جداً، ومنذ أوائل القرن العشرين بدأ بعض الأفارقة في المستعمرات الإفريقية الذين تلقوا التعليم في بلدانهم وفي أوروبا يكتبون بلغات المستعمرين، فظهر شعراء وأدباء وصلت أصواتهم إلى القارئ العربي المطلع بالإنجليزية والفرنسية أو من خلال الترجمات، فعرفنا بعض كتابات أمثال سيريز من المارتينيك الذي كان أول من استحدث كلمة “الزنوجة” في شعره ثم تلقاها الشاعر السنغالي الكبير سنغور فأصبح المنظر الرئيسي لهذه الفكرة.وكان هذان الشاعران يكتبان بالفرنسية وأعد سنغور مختارات من الشعر الزنجي والملغاشي الجديد باللغة الفرنسية بعنوان “أورفيوس الأسود” وكتب مقدمة هذه المجموعة جان بول سارتر الذي أشاد بما في ذلك الشعر من ثورية. وكان شعر الأفارقة في حقبة الاستعمار في معظمه يثور على الاضطهاد الذي جاء به المستعمر ويحن إلى العهود البدائية قبل الاستعمار، وقد صار سنغور أول رئيس للسنغال عام 1960 فعرفه العرب وقرؤوا بعض ترجمات لأشعاره وأنا نفسي ترجمت له بعض القصائد.في عام 1960 استقلت 18 دولة إفريقية وتولى الأفارقة شؤون بلدانهم ولكن ظهر الكثير من الفساد والفشل في التنمية والانقلابات العسكرية، وشعر كثير من الأدباء الذين كانوا يحلمون بالاستقلال ويحاربون المستعمرين بكتاباتهم ويتعرضون للسجن والتعذيب أن تضحياتهم كانت هباء وشعروا بالإحباط، وبعضهم آثر الهجرة إلى الغرب المستعمر نفسه وظهرت خيبة الأمل هذه في أشعارهم ومسرحياتهم ورواياتهم وقصصهم القصيرة وكتاباتهم النثرية الأخرى.ومن أهم الكتاب الأفارقة في مرحلة ما بعد الاستعمار وول سوينكا الذي اشتهر كمسرحي وشاعر عبر عن إحباطه من فساد الحكم الوطني وهاجر بعض الوقت إلى بريطانيا فهو من الكتاب بالإنجليزية، وقد تعرض للسجن لأكثر من عامين من قبل الحكم النيجيري. وهذا الأديب نال شهرة عالمية بحصوله على جائزة نوبل، وقد ترجمت بعض شعره في كتابي “قصائد من شعراء جائزة نوبل”.وعلى العموم، فالقارئ العربي لا يعرف عن الأدب الإفريقي إلا القليل مثل ما كتبه د. علي شلش، وعلى كل حال فما نشر من الأدب والشعر الإفريقيين يعد قليلاً جداً حتى باللغات الأوروبية إذا قورن بآداب القارات الأخرى كأوروبا وأمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية.