نافذة
تعتبر قضية تجارة الجنس أو الدعارة قضية في غاية التعقيد فمن أدنى حقوق الإنسان أن تعيش المرأة حياة كريمة في عزة وكبرياء، وعلى الحكومة أن توفر لجميع مواطنيها هذه الحياة ، والمرأة بحد ذاتها مخلوق ضعيف تستسلم للهزيمة وتكسرها ظروف العيش الصعبة ، ولكن هؤلاء النساء لا يتمتعن بالحد الأدنى من حقوقهن ، فمنهن من يعانين الحرمان المادي والمعنوي ، وليس هناك من يبدي أقل اهتمام بهن وبحقوقهن ، وينتشلهن من حضيض أقدم مهنة مارستها المرأة ، وكانت ومازالت عبر التاريخ رمزاً لاستعبادها وإذلالها والمتاجرة بجسدها المتهاوي .وأكدت دراسة ميدانية لمنظمة ملتقى المرأة للدراسات والتدريب والتي تعد الأولى من نوعها أن تجارة الجنس في مدينتين تقعان في جنوب اليمن “تعز وعدن” ، كشفت أن 1.41 % ممن تتراوح أعمارهن بين 18 : 23 سنة يلقينى قبولا كبيرا في تجارة الجنس، أن المرأة كلما كانت صغيرة السن فإنها تلقى إقبالا كبيرا ممن يطلبونها،لاعتقادهم أن صغيرات السن هن أكثر متعة جنسية ، كما أن العازبات في مدينة تعز شكلن نسبة كبيرة ممن يدخلن ميدان تجارة الجنس تليهن المتزوجات والأرامل والمطلقات على التوالي ، كما ذكرت جريدة “الزمان”، وأيضا تناولت الدراسة في المقام الأول فئة النساء العاطلات عن العمل تليهن العاملات ثم الطالبات ، وأن معظم تجارة الجنس في تعز تحدث في بيوت خاصة داخل المدينة ، أما عمن شملتهن الدراسة في مدينة عدن الساحلية، فأغلب تجارة الجنس تحدث في الملاهي الليلة ومن قبل نسبة كبيرة ممن يرتادون فنادق خمسة نجوم باحثين عن الجنس وشرب الخمور والملابس التي تلبسها النسوة هناك .وقد أثبت البحث من خلال ثلاثة أنواع من العينات : المحكمة والسجن والفنادق افتقار هؤلاء النساء إلى المال للإنفاق على أنفسهن وعلى أسرهن بما فيهم الاخوة الذكور والأب ، أيضاً يفتقرن إلى من يهتم بهن وبكفاءة حياتهن ، فهن يعانين مشاكل اجتماعية تبلغ إلى أن بعضهن يتخذن من الشارع مأوى لهن ، وبالتالي إذا تعرضن لإغراء الحياة في فندق ، ولو بامتهان نفسها وجسدها وتمارس الدعارة ، فلن تستطيع رفض هذا الإغراء ، وهذا يبرز القصور في برنامج الضمان الاجتماعي الحكومي الذي لا يشمل النساء الأشد فقراً ، لوقايتهن من الانزلاق إلى الدعارة والتشرد والتسول . ومن هنا يبرز دور منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني في ممارسة الضغوط اللازمة على مؤسسة الضمان، ليساهم في انتشال هذه الفئة من الوحل والضياع والتشرد، كذلك على هذه المؤسسات العمل مع القضاء والأمن لتوضيح مفاهيم الدعارة والعمل الفاضح والزنى وأن لا تترك فضفاضة تعتمد على قيم الأمن ، وتصنيفاته لصناعة الجنس المستخدم عالمياً هي أدق وأشمل . وأيضاً قبل سجن ومحاربة هذه الفئة الذي لا يعني شيئاً لهن نظراً للدمار الشديد الذي لحق بهن نفسياً واجتماعياً. فإنه على مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية إيجاد السبل والآلية لمعالجة أوضاع هؤلاء النساء . وليس فقط اللواتي سقطن في الهاوية ، بل اللواتي أوضاعهن تشير إلى احتمال سقوطهن في هذا المنزلق .