صباح الخير
الـ 30 من نوفمبر 1967م سيبقى دوماً يحمل معنى كبيراً في تاريخ اليمن السياسي الحديث والمعاصر، لأنه في دلالاته العميقة يؤكد على أن إرادة الشعوب لا تقهر ولا تنكسر في مقاومة الغزاة والمحتلين القدامى والجدد، وان الشعوب لا تستكين ولا تستسلم للظلم والاضطهاد والاستبداد، ولا للضغوط ومختلف أشكال الابتزاز أو الوصاية على مقدرات الشعوب وثرواتها وحريتها في اختيار طريق تطورها المستقل وسيادتها على أراضيها وتقرير مصيرها ومستقبلها الأجمل والبديع.والدلالة الأخرى لـ 30 نوفمبر انه اختير من قبل اليمنيين لإعلان الدولة اليمنية الواحدة بعد اتفاق 30 نوفمبر 1989م بين قيادتي الشطرين في الوطن اليمني، معززة بإرادة شعبية قوية، حيث صارت اليمن أقوى وأكبر بمساحتها وشعبها وثرواتها، ورغم المصاعب والعقبات والتعقيدات وفساد الفاسدين وعبث العابثين، الذين يتجاوزون النظام والقانون والدستور في ممارستهم الإدارية ويديرون الشأن العام بطريقة مزاجية وعبر أساليب الرشوة والاختلاس للمال العام والخاص.إن الـ 30 من نوفمبر كان تتويجاً لثورة تحرير جنوب اليمن من الغزاة البريطانيين، الذين دخلوا بلادنا بالقوة فخرجوا منها بالقوة نفسها، وهي اللغة الوحيدة التي يعترف بها الغزاة الذين خرجوا من الباب لا يمكن أن يعودوا من النافذة مهما كانت الظروف والأساليب الجديدة التي يلجأ إليها الغزاة الجدد، فالتبعية والذيلية صارت نموذجاً سلوكياً مقيتاً ومرفوضاً عند كل مواطن يمني حر وأبي، وعلى مدى الفترة الممتدة من الاستقلال الوطني حتى الآن تنامت الذاتية اليمنية الجمعية، وصار الشعب اليمني يدير شؤونه باقتدار وستتعزز هذه القدرة يوماً بعد يوم.هكذا إذا هي الأيام الفاصلة في تاريخ الشعوب التي شكلت منعطفات هامة في تطورها بالضبط كما هو الحال بالنسبة لـ 26 سبتمبر و14 أكتوبر و22 مايو 1990م، وثمار هذه الأيام المشهورة في تاريخنا تتجسد في واقعنا المعاش ولو ببطء، وآفاق هذه التحولات مازالت تنتظر منا جميعاً مواصلة النضال لصناعة حياة جديدة مفعمة بالعزة والكرامة وتحقيق كل أهداف الثورة اليمنية، وفي جعل حقوق كل إنسان وكل مواطن رهن التطبيق والممارسة، وكل شيء مرهون بمدى ارتفاع مستوى وعي الناس بحقوقهم وواجباتهم الوطنية والديمقراطية، وفي سيادة العدالة الاجتماعية الراسخة التي ينشدها المجتمع والمواطن والدولة معاً.
