كتب / احمد علي عوض إن تزايد الحديث عن دور المثقف في تعميق وتجسيد مفهوم التغيير على ضوء المنهجية الصائبة يطالبنا اليوم أكثر من اي وقت مضى بفك رهان مقومات النهضة في الثقافة عن الخطابة والشعر والادب ذات التقاليد القاضية بمسلمات معقدة لاتسمح بجواز التخلي عنها او انتقادها والخروج عنها او التعرض لحراسها الخاطفين لانسانية الانسان بالتزمت وتشريع مالايعقل وارساء مظاهر مشهودة تسيطر على المجتمع ، لنجد المثقفين الطامحين إلى الاصلاح واعادة بناء المفاهيم والعادات والقيم قدوقعوا في جدلية مزمنة لاتكفي لعملية التغيير والتنمية اذا لم تكن بوصفها مسؤولية وحرية واقتناع بمبادئ مشتركة يتلاقى فيها الجميع ، لان ماتنجزه الثقافة من مقولات الوعي وتطهير الضمير يصبح لعبة استفزازية واكذوبة تاريخية اذا لم تتحقق لها شعبية المفاهيم ولم تتمحور القوانين والانظمة الاجتماعية والاخلاقية والسياسية والاقتصادية والايديولوجية كلها حول صياغة قيمة ومفيدة لهوية الانسان ، بدلاً من احتكارها في جنسية وفئة محدودة ، وعلى الرغم مما تقدمه المؤسسات الثقافية - في بلادنا - من مهرجانات ومجتمعات دائمة لتقييم مستوى الثقافة وانجازاتها ومستقبلها فإن قائمة طويلة جداً من المثقفين لاتتابع مسيرة التوصيات ولوائح التنفيذ لدرجة ان تلك الفعاليات الممارسة اصبحت تمثل كابوساً عصياً لدى البعض الآخر الذين عجزوا عن تفصيل قناع البهجة لها وازاحتها عن دائرة الانحطاط الحضاري الذي عزل الامة عن ركب السباق التكنولوجي ومطامع التمدن ، ورضخوا لظروف تحكمها اراء محدودة ومحنطة لاتقبل المجادلة ولا تتطور ولاتسمح بالانفتاح على اطياف مختلفة الرؤى المتنورة بل ظلت منغلقة على اساليب ثابتة لاتؤدي إلى متواليات فكرية حتى صارت سوداوية للفكر وتحنيطاً للابداع ، مما جعل الشباب في ظل هذه الاجواء الضبابية والمتضاربة رهاناً مؤجلاً في اكمام المثقفين في حالة عدم توجه كل المرافق الثقافية ومناصب الاعلام بالقيام بقهر السياج وتحقيق اشتراطات النهضة والوعي وفق خيارات الحرية المتاحة لهم من دون توريط الشباب واقحامهم في واقع يعاني من ويلات الخلافات النظيعة ، ومداهمة بعضنا البعض باللغط الملعون بما تقتضيه موجبات المرحلة العاجلة والاجلة في محو صفحات الخطايا المتضمنة شعار ( كلنا للوطن ) وبما يكفل تجسيد مفهوم الحرية الواحدة في الوطن الواحد . وهنا تأتي ضرورة تقاطع العمل الثقافي مع السياسة الهادفة إلى عدم عزل المثقف عن السلطات او استبقائه بعيداً عن قرارات المصير في وقت نحن احوج مانكون فيها إلى وجود المثقف السياسي المتصرف بحياة فاعلة في شؤون الأمة والافراد بحيوية ابدية تجدد دوران الدماء في عروق الشباب لالغاء الرهان المؤجل لهم وفي سبيل انشاء واقع محايد وفكر أكثر حياداً .
|
ثقافة
ضرورة تقاطع العمل الثقافي مع السياسة
أخبار متعلقة