إعداد/ داليا عدنان:الشاعر كامل الشناوي قد يكون أشهر وأخر ظرفاء العصر أمتاز برقة الكلمة المنمقة التي جعلت نثره لوناً من الشعر والموسيقى ومع أنه تولى رئاسة تحريرعدة صحف ومجلات كبرى إلا أن موهبته كشاعر لامع ومحدث ظريف كانت تطغى على استعداده الصحافي بل إن شاعريته وظرفه كان مفتاح أبواب الصحافة والسياسة والمجتمعات .جمع كامل الشناوي في ثقافته مختلف الفنون والأداب العالمية وجميع ماأنتجه الفكر العربي ..مند العصر الجاهلي ..كانت له ذاكرة أشبه بجهاز التسجيل تحفظ كل مايقراء فكان يحفظ الأف الأبيات للشعراء القدامى والمحدثين ..إنه شاعر العصر الذي عشق العذاب في الحب . كان الحب طعامه والهواء الذي يتنفسه ..كما أنه أحب المرأة ولم يتزوجها وكان يحب أن يشقى في حبها ولعل أشهر قصة حب في حياته هي التي سجلها في قصيدته (لا تكذبي) التي عندما رشح نجاة الصغيرة لتغنيها قال له بليغ حمدي في رد له مغزى "اختيار موفق".مصطفى كامل سيد الشناوي ولد في 7 ديسمبر كانون الأول، 1910م عقب وفاة مصطفى كامل فأطلق عليه والده اسمه المركب مصطفى كامل واشتهر باسم كامل وكان مولده في قرية نوسة البحر مركز أجا محافظة الدقهلية ومن أسرة تضم 10 أشقاء والده هو الشيخ سيد الشناوي رئيس المحكمة الشرعية العليا وعمه مأمون الشناوي شيخ الأزهر في الأربعينيات من القرن الماضي وكان بديناً في طفولته بل استطاع ان يجعلها للمرح فكان الأطفال في القرية يعيرونه ببدانته وذات يوم شاهده الكاتب والصحافي محمد التابعي وهو في قريته ويكبره بثمان سنوات.. وكان يتشاجر مع الأطفال وقد أدخل أحد ذراعيه في الجلباب وترك (كم) الجلباب فارغاً. فسأله عن السبب قال: " يمكن الأولاد يفتكروا أن ذراعي مقطوعة أو مكسورة فيحزنون من أجلي لا يعايروني ببدانتي" انتقلت الأسرة للإقامة في القاهرة واختار والده بيتاً في حي السيدة زينب ذلك الحي الشهير ليكون ابنه قريباً من الأزهر الشريف.التحق كامل الشناوي بالأزهر بناءً على رغبة والده الذي كان يريده أن يصبح قاضياً مثله. استمر في الدراسة في الأزهر خمس سنوات ثم التحق بكلية الحقوق الفرنسية لكنه لم يكمل تعليمه فيها.. فقد اتجه إلى دار الكتب ليجعل منها جامعة له يطالع في كتب المعرفة والآداب العربية والأجنبية.. كان كامل الشناوي عصامياً في تحصيله للثقافة والأدب وتعلم اللغة الفرنسية في المنزل وأتقن العربية الفصحى فقهها وبلاغتها وعروضها ومجازها..هذه المؤهلات كان لها أثر كبير في حياة كامل الشناوي فعندما مات الملك فؤاد ملك مصر وتسلم ابنه فاروق مقاليد الحكم احتاج من يعلمه اللغة العربية التي لم يكن يجيدها فتولى كامل الشناوي هذه المهمة الذي ساعدته على ذلك إجادته للغة الفرنسية والعربية ومنذ ذلك الحين نشأت صداقة وطيدة بينه وبين الملك فاروق الذي أنعم عليه برتبة (البكاوية) وتوسط كامل الشناوي لدى الملك ليحصل على العفو للشاعر بيرم التونسي الذي كان منفياً بأمر الملك في باريس بسبب قصيدتين كتبهما بعنوان (القرع السلطاني) و (القرع المملوكي) هاجم فيهما الملك.. وظل بيرم التونسي منفياً طيلة 20 عاماً حتى عاد سراً واختفى في منزل كامل الشناوي وظل به حتى حصل له كامل على العفو من الملك.حياة الشناوي كلها تركزت على الشعر والصحافة.. فقد عكف منذ بداياته على العمل في بلاط (صاحبة الجلالة) التي ارتقى فيها بسرعة الصاروخ حتى صار واحداً من أبرع كتابها وأشهر رؤساء تحرير الصحف في مصر.كانت بدايته الصحافية في جريد (كوكب الشرق) كمصحح للغة العربية كان ذلك في عام 1933 لكنه بخفة ظله التي اشتهر بها نجح في كسب ثقة الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي الذي كان يعمل مديراً لسياسات الجريدة.. فنقله من قسم التصحيح إلى وظيفة المحرر المنتدب بمكتب مدير سياسة الجريدة.كان الدكتور طه حسين قد عرف كامل الشناوي شاعراً وراوية للشعر ولكنه اكتشف ايضاً خفة ظله فأراد ان يظل بجانبه.. في عام 1963م انتقل الشناوي إلى جريدة (الاهرام) بعد ان تعلم الكثير في مدرسة الصحافة وكانت قفزاته سريعة تدهش أقرانه وتثير حسد من تخلف عن سباقه.. فخلال 13 عاماً فقط من عمله ببلاط (صاحبة الجلالة) ارتقى من مجرد مصحح في جريدة كوكب الشرق إلى رئاسة تحرير مجلة (آخر ساعة) وكان من بين المراكز التي احتلها رئاسته لتحرير صحف (الأخبار) و(المساء) و (الجمهورية) وظهرت موهبة الشعر لديه وهو في الرابعة عشرة من عمره أما من أكتشف هذه الموهبة فهو الشاعر محمد الأسمر الذي كان صديقاً لأمير الشعراء أحمد شوقي وشاعر النيل حافظ ابراهيم فقدمه إليهما.. وكان كامل الشناوي أول من قدم عبدالحليم حافظ عندما كتب له أغنية (على قد الشوق) و (لا تكذبي) (جيبها- لست قلبي) وغنت له أم كلثوم (انا الشعب- أماه) أما أشهر ما غنى له فريد الأطرش فهي قصيدة (عدت يايوم مولدي) وهي القصيدة التي كتبها يرثي نفسه حين ينتابه شعور مبهم لا يعرفه كلما حل يوم مولده.توفى كامل الشناوي في 20 نوفمبر تشرين الثاني عام 1965 عن عمر ناهز الـ 55 عاماً ترك مجموعة من المقالات والكتب والدواوين الشعرية منها: (اعترافات ابو نواس+ أوبريت جميلة+ الليل والحب + الموت+ لقاء مهم+ لا تكذبي+ زعماء وفنانون وأدباء+ رسائل حب+ حبيبتي.
|
ثقافة
كامل الشناوي أشهر وأخر ظرفاء العصر !
أخبار متعلقة