[c1]* (إللي يحلف يمين كاذب يا ويله من الله)[/c]نادرة عبدالقدوس :تطرقنا في الموضوع السابق في صفحتنا الثقافية حول التنافس المحموم بين المنتجين وشركات الإنتاج العرب على تدفق سيل المسلسلات العربية لتغرق المشاهد العربي المستمر أمام الشاشة الصغيرة طوال شهر رمضان الكريم بين متفق وغير متفق مع كل تفصيليات هذه المسلسلات التي بعضها تبتعد عن هموم الإنسان العربي . وقد تحدثنا عن القيمة الإنسانية والحضارية التي تحملها المسلسلات السورية بدون نزاع .. وذكرنا مسلسلين منها، عرض احدهما في رمضان الأسبق والآخر في رمضان هذا العام .. الأول كان " ليالي الصالحية " والآخر " باب الحارة " .. وقد جاء المسلسلان السوريان بفكرة رائعة بعيداً عن الفانتازيا التي حملتها مسلسلات سورية سابقة . " الجوارح و" الكواسر " على سبيل المثال .. وفكرة المسلسلين ليالي الصالحية وباب الحارة تتمحور في استدعاء الأخلاقيات والقيم العربية الأصيلة من غياهب التاريخ الحضاري للعرب الواقع العربي الراهن بكل مآسيه وتمزقه وتيه الإنسان العربي فيه وضياع الكثير من تلك القيم والأخلاقيات. وهناك كثير من التماهي بين المسلسلين .. الحارة والحنث باليمين .. زعيم أو حكيم الحارة.. تعاضد وتآلف أهل الحارة فيما بينهم .. رجال المخفر .. باختصار في (الحارتين) نجد الخير والشر وتشابه شخوصها .. ففي ليالي الصالحية بسام كوسا يخون ويدعي ملكيته لأمانة ليست له بتشجيع من أمة الشريرة ( منى واصف ) ثم يتوب ويرجع إلى ضميره الذي يؤنبه طوال الوقت .. وفي باب الحارة هو أيضاً حانث بيمينه بالمصحف بعد أن اتهمه أهل الحارة بسرقة ذهب ( أبو إبراهيم) ولم يعرفوا انه أيضاً قاتل حارس الحارة ( أبو سمعو) .. وهنا أيضاً يؤنبه ضميره ويزعجه في منامه طوال حلقات المسلسل ويعاقب في الأخير بقطع يده اليمنى الذي اقسم بها ووضعها على المصحف بعد أن أصيب بالغرغرينا .. وفي ليالي الصالحية أيضاً حكيم الحارة وزعيمها الذي يؤدي دوره الفنان رفيق السبيعي الذي يفقد ابنه ويتمتع بالحكمة ورساخة العقل والأخلاق العالية .. وفي باب الحارة نرى الزعيم الذي يؤدي دوره الفنان السوري الكبير عبدالرحمن آل رشي وهو أيضاً يفقد ولديه الأول شهيد والآخر يموت في أمريكا اللاتينية، وهناك (القبضاي) اليد اليمنى للزعيم.. وهناك أيضاً رجال الدرك أو المخفر رمز الشر الذي لا يحبهم أهل الحارة ويمقتونهم.. وهناك أيضاً نساء الحارة وكيدهن وغيرتهن من بعضهن البعض وقصصهن الكثيرة والشيقة.. في المسلسلين تفاصيل الحياة في المجتمع العربي الأصيل والعادات الاجتماعية.. كما نتعرف على حياة المجتمع السوري في بداية القرن العشرين والمنمنمات السورية والبيوت السورية القديمة وعادات الناس الاجتماعية ودور الأب والزوج في البيت ودور الأم وتبعيتها لزوجها رب البيت، والتفاف الأبناء حولهما وطاعتهما.إنّ التماهي أو التشابه في المسلسلين نجدهما أيضاً في الشر الدائر خارج الحارة وما يحيكه زعماؤه من مؤامرات ضد أهل الحارة.. كما هو في "باب الحارة".. حيث نجد أبو النار وأبو ساطور وأبو غالي وغيرهم ونجد أيضاً الفرنسيين المحتلين.. وكيف يقاوم أهل الحارة هذا الشر القادم.إنّ المسلسلين "ليالي الصالحية" و"باب الحارة" إسقاط اجتماعي وسياسي واضح على الواقع العربي.. ولعلنا نجد أنّ المحور الأساسي الذي تدور فكرته هو الحنث باليمين الذي جسده الممثل البارع "بسام كوسا" الذي يقسم بالمصحف وهو كاذب لذا كانت أغنية (الرمز) "اللي يحلف يمين كاذب يا ويله من الله".في "باب الحارة" .. وكذلك الحال بالنسبة لليالي الصالحية.. لكن والحق يُقال رغم تشابه فكرة المسلسلين وبعض شخوصهما ومشاهدهما ومكان أحداث قصتيهما؛ إلا أنّهما يعدان من المسلسلات الرائعة التي أمتعتنا بنكهة الماضي الجميل والزمن الذي نفتقده .. ولقد أبدع مخرجهما "بسام الملا" في إرواء عطشنا إلى أخلاق وقيم المجتمع العربي الأصيل وإلى محبة الناس لبعضهم البعض وإلى التسامح والود والترفع عن صغائر الأمور.. كما أبدع الممثلون والفنانون السوريون في توصيل الفكرة إلى المشاهد المتلقي، ومنهم عباس السوري وسليم كلاش وعبدالرحمن آل رشي وصباح الجزائري ووفاء موصللي وغيرهم.
|
ثقافة
ليالي الصالحية ( وباب الحارة ) إسقاط حضاري على الواقع العربي ..
أخبار متعلقة