قصة قصيرة
كان يمشي جارّاً قدميه ليعود الى المنزل الذي صارت تؤلمه العودة اليه .. وضع يديه خلف ظهره الذي اثقلته الهموم, رغم صغر سنه تزوج صغيرا .. اصبح ابا لمجموعة من الصغار احيانا لايحصي عددهم, اما زوجته فلاتزال مستمرة في مسيرتها لتقييده باكبر عدد من الصغار .. دون توقف الا لتنجب من جديد.رغم ذلك فذهنه كان لايزال حاضرا ليدرك آداب الطريق, كان يمشي على الرصيف, رغم اتساع الرصيف الا انه مشى محاذيا للجدار, تاركا ما تبقى منه لمن كانت همومهم اخف من همومه ليسبقوه دون زحام.اوقفه منظر عربة تحمل تفاحا .. كان اللون البني قد بدأ يغزو تلك الحبيبات المتناثرة على العربة .. تحسس جيبه .. اخرج ورقة نقدية ممزقة من ذلك الجيب العتيق الممتلئ بالفواتير التي لم يسددها بعد .. كان الشريط اللاصق هو ما يلملم شتات تلك الورقة النقدية .. اعطاها للبائع .. التقطها سريعا .. اخذ يلتقط قطع التفاح الى الميزان بسرعة اكبر .. حاول الرجل اخراج القطع الفاسدة من الميزان ليستبدلها .. بعد عدة قطع توقف .. فكل القطع متشابهة.. بحث البائع عن كيس .. وضع فيه التفاح .. اعطاها للرجل .. واصل الرجل سيره متخيلا الابتسامة التي سترسمها هذه القطع على صفحات وجوه صغاره. انفرد بالمشي على الرصيف لخلوه .. توسطه ليمشي في خطوات واسعة. لكن ربما تلك السيارة المسرعة استكثرت عليه الراحة فصعدت تزاحمه في الرصيف .. مرت .. تركت خلفها قطع الفاكهة المتناثرة في ارجاء الشارع .. تركت خلفها الرجل .. لكن ليس كما كان .. تجمع الناس حوله .. اقتربوا منه . نهض اخذ يضحك ضحكات هستيرية دون توقف, اشفق البعض عليه اخذوا يجمعون قطع الفاكهة من اجله, اما البعض الآخر فقد ظنه اصيب بالجنون.اتجه احدهم اليه ناوله بعض القطع لكنه رماها مستمرا في ضحكه وهو يصرخ : اسعاف!! اسعاف !! .. استغرب المتجمعون حوله فهو سليم لم يصب بأذى .. نظر اليهم اخذ يردد اسعاف !! اسعاف !! .. السيارة التي كادت تقتلني سيارة اسعاف!!.ترك التفاح .. فضّل ان يعود لصغاره ماشيا على قدميه بدلا من ان يحمل اليهم على سيارة اسعاف فذلك سيفرحهم اكثر.حفصة ناصر مجلي / ذمار