من الأدب الإنجليزي
[c1]قصة من جزئين : [/c]أعلم بأن هذا يضايقك كثيراً ، ولكن من الصعب أن نرفض ذلك " قالتها السيدة سيسلي وهي تمد رسالة لزوجها كانت قد أنتهت قراءتها للتو فقد كانت وزوجها يجلسان على طاولة طعام الإفطار في مطبخهما الكبير ، لقد استلما للتو رسالة من ساعي البريد ، قالت مجدداً لزوجها " إقرأ الرسالة بنفسك يافريدريك عندها ستفهم كم هو صعب علينا أن نرفض هذا فقد كانت سوازن بليك صديقتي لعشرين سنة مضت ودرسنا معاً فكيف لي أن أرفض قبول ابنتها للعيش معنا ؟! قال زوجها " أعلم ياعزيزتي بأنك تحبين صديقتك ولكنني لا أطيق زوجها إنه شخص سيء وكاذب وأنا لا أثق به "، قالت الزوجة " وأنا أيضاً لا أطيقه ولا أثق به ياعزيزي ولكن زوجها تيرنس ليس هو من سيأتي للعيش معنا ، ولا زوجته سوزان ستفعل ذلك ، ولكنها ابنتهم إيسوبيل من ستأتي للعيش معنا ، أرجو يافريدريك إقرأ الرسالة ثانية بتمعن عندها ستقدر الوضع كما أنني أثق بأنك ستوافقني الرأي بأن إيسوبيل يجب أن تأتي للعيش معنا " بدأ السيد فريدريك بقراءة رسالة سوزان بليك مرة ثانية ، كانت رسالة طويلة ولكنه قرأها بتمعن هذه المرة فقد أراد مساعدة زوجته سيسلى بقدر المستطاع شرحت سوزان مشكلتها بوضوح في رسالتها ، فقد تحصل زوجها تيرنس على وظيفة في كندا ، وكانت - الوظيفة ذات عائد مجز ، وهم في أمس الحاجة الى المال ، وقد سبقها في الذهاب الى كندا كما أن زوجته سوزان تريد اللحاق به إلى هناك بأسرع وقت ممكن ، وكانت المشكلة هي في ابنتهم إيسوبيل فقد كانت في السادسة عشر من العمر ولم تنته من دراستها بعد وكانت والدتها تريد منها الاستمرار في مدرستها في إنكلترا حتى تبلغ الثامنة عشرة من العمر بعدها تستطيع اللحاق بوالديها الى كندا وأرادت سوزان أن تعيش ابنتها إيسوبيل عند عائلة السيد فريدريك أثناء فترة الدراسة ، كانت سوزان وسيسلي صديقتين منذ الطفولة ، وستكون سوزان سعيدة إذا ما وافقت صديقتها سيسلي على استضافة ابنتها خلال فترة الدراسة ، وإذا لم تستطع لن تستطع سوزان اللحاق بزوجها الى كندا ، وكانت سيسلي هي الصديقة الحميمة والوحيدة لسوزان خصوصاً بعد وفاة جد وجدة إيسوبيل ، هل ستتخلى عن إبنة صديقتها ؟ خصوصاً في هذا الظرف الحرج . كل هذه الافكار دارت في رأس سوزان بينما كان زوجها يقرأ الرسالة مرة ثانية ، بعدها أعاد فريدرك الرسالة الى زوجته قائلاً " كم أشعر بالأسف تجاه صديقتك" ، فأجابت زوجته" وأنا كذلك يافريدريك ، يجب عليها اللحاق بزوجها تيرنس الى كندا بأسرع وقت ممكن فهذه هي الوظيفة الوحيدة والافضل التي تحصل عليها منذ سنوات عدة، وإذا لم تستطع اللحاق به فقد يرتكب حماقة ربما تفقده وظيفته ، أعرف بأنه لا يمكن الوثوق به ، حتى أن زوجته نفسها لا تثق به إن الذنب ليس ذنبها ياعزيزي" أكمل زوجها بغضب قائلاً " كما أنها ستكون غبية إذا ما وثقت به فلم يكن أميناً معنا عندما باعنا هذا المنزل " فأجابت زوجها بلطف " كان ذلك قبل عشر سنوات ياعزيزي ، كما أننا نشعر بالسعادة ونحن هنا " لأن زوجها .. فأبتسم زوجها بلطف مماثل " ولكننا دائماً سعداء ياحبيبتي ، حتى من قبل أن نسكن هذا المنزل وبيتنا هذا جميل ولكن المدعو تيرنس كان قد خدعنا فكما تعلمين لم يسلمنا المنزل إلاّ بعد مدة طويلة من دفعنا قيمته ، وقد أرهقنا في ذلك كثيراً" قالت الزوجة وهي تحاول ثانية إرضاء زوجها " ربما كان يحز في نفسه بيع منزل عائلته وربما أيضاً لم يكن يرغب في بيعه البتة ، فقد عاش والده ووالدته في هذا المنزل لسنوات طويلة كما تعلم ، فبالتالي كان صعباً عليه بيع منزل عائلته " فأجاب الزوج" هو المسئول عن خطأه فقد كان شخصاً مستهتراً وأحمقاً فقد بدد كل أمواله لذا كان عليه أن يبيع منزله ولم يستطع تحمل العيش هنا " نهضت سيسلي من كرسيها ووضعت يدها على ذراع زوجها قائلة له بكل حنان " حبيبي، لا تتحدث عن تيرنس بهذه الطريقة فأنا أتفق معك في كل ما قلته حوله ، ولكن ماذا عليّ أن أقول لسوزان ؟" صمت فريدريك لبرهة من الوقت ، بعدها قال " لقد أخبرتك من قبل ياسيسلي بأني أشعر بالأسف حيال سوزان فأنا أحب مساعدتها " فقالت سيسلي وقد بدأ عليها السرور " هل يمكنني إذن أن زرسل لها بموافقتي على إستضافة ابنتها في منزلنا " نظر الزوج الى ساعته وقال " إن الوقت متأخر الآن وكان عليّ أن أبدأ الكتابة قبل نصف ساعة مضت " ثم ألتفت الى زوجته وقال " تريدين أن تأتي الفتاة الى هنا أليس كذلك " أو مأت زوجته برأسها دلالة على الموافقة قائلة " نعم ياعزيزي ، فلم أرى إيسوبيل منذ وقت طويل إنها فتاة لطيفة ، بل وستسلينا في وحدتنا هذه ، إنها صديقة العائلة ياعزيزي " . إبتسم فريدريك وقال " أكتبي لها ياعزيزتي ، أدعيها للحضور للعيش معنا ، وسنحاول جل جهدنا جعلها سعيدة " . بعدها غادر المطبخ وأغلق الباب خلفه متجهاً نحو غرفة المكتب لمواصلة تأليف قصته الجديدة " قالت سيسلي لنفسها " إن إيسوبيل لن تسبب أي إشكال أو متاعب لزوجي ولن تكون عائقاً لنا ، إن منزلنا كبير كما أن هناك الكثير من الغرف لنا جميعاً".بعد شهر تقريباً وفي ليلة مظلمة من ليالي ديسمبر ذات الشتاء القارس وقفت سيسلي فروبشر في الصالة لوحدها وكان زوجها قد استقل سيارته الى محطة القطار لاستقبال إيسوبيل ، ووقفت تنظر حولها في الصالة ، كان كل شيء معداً لا ستقبال إيسوبيل وقد هرعت مسرعة الى الطابق العلوي وتأكدت أن غرفة الفتاة الخاصة جاهزة ومعدة كلياً لاستقبالها ، وعند نزولها شعرت فجأة بدوار شديد وكان قلبها يدق بعنف فجلست على كرسي بالقرب من النار فقالت لنفسها "كم أنتي غبية ياسيسلي إنك متوترة فقط لأن فتاة في السادسة عشر ستأتي وتقيم عندكم لماذا أنتي خائفة ؟ إن لديك زوجاً حنوناً يكسب كثيراً من تأليف الكتب التي يقرأها الآلاف يجب أن تحمدي الله على هذه النعمة ، والآن خذي قسطاً من النوم لتستريحي حتى تصل إيسوبيل " بعدها غطت في نوم عميق على كرسيها المريح بالقرب من المدفأة وفي نومها حلمت بأنهاترى الصالة وترى نفسها وهي نائمة على الكرسي وفجأة دخلت امرأة عجوز مخيفة المنظر ترتدي حلة سوداء داكنة مشت ببطء نحوها ووقفت بالقرب من المدفأة والتفتت نحو المرأة النائمة أمامها وعرفت سيسلي أثناء حلمها بأن العجوز المخيفة تريد أن تتحدث إليها ، وعندما همت بالحديث معها صرخت سيسلي في وجهها مذعورة " من أنتي ؟ وماذا تريدين مني؟! وكيف دخلتي منزلي ؟! بعدها نهضت سيسلي من نومها مذعورة من أثر صرختها المدوية ، وجرت نحو الصالة وفي نفس اللحظة فتح الباب وسمع صوت إيسوبيل وهي تقول للسيد فريدرك " إنني أعرف طريقي فقد عشت في هذا المنزل من قبل كما أنني أستطيع أن أمشي في الليل داخل هذا المنزل " قالت إيسوبيل هذا وهي تدخل البيت مع السيد فريدرك صوب سيسلي فقال فريدرك مبتسماً وهو يحمل حقيبتها " هاقد وصلنا ياسيسلي ، لقد تأخر القطار ، أرجوك ياعزيزي صلي إيسوبيل الى غرفتها وسأحمل أنا حقيبتها بعدها سنتناول عشائنا فأنا أتضور جوعاً".كانت إيسوبيل طويلة وسمراء و تميل الى النحافة كانت عيناها تبرقان وكانت تتنفس بسرعة كما لو أنها كانت تلهث ولكن لم تكن متوترة بل كانت متحمسة وتتحدث بسرعة .بعدها قالت إيسوبيل مخاطبة سيسلي " سيدة سيسلي ، إنني أشكرك على إستضافتك لي هنا لقد عدت لمنزلي كما تعلمين " كانت كلماتها مهذبة وحاولت سيسلي أن ترد عليها ولكنها - ولسبب مجهول - شعرت بعدم الراحة.نظرت إيسوبيل حول الصالة وقالت " إنها مختلفة لقد قمتم ببعض التغييرات " قالت سيسلي " في الواقع ....." لم تدعها تكمل فقالت بسرعة " بالطبع فالصالة مليئة بالاضواء كما أنها دافئة عندما عشت هنا سابقاً لم نستطع تحمل تكاليف شراء مدفأة فأنتم أغنياء على مايبدو أليس كذلك ؟" فردت سيسلي عليها بهدوء " لا ، يا إيسوبيل نحن لسنا أغنياء ولكن معنا ما يكفينا ..." لم تدعها تكمل فقالت " أي غرفة ستعطونني إياها " قالت سيسلي " ستنامين في الغرفة الكبيرة الامامية ..." مرة أخرى لم تصغي إليها تماماً فقالت " نعم ، شكراً تلك الغرفة كانت دائماً مخصصة لي لا داعي للصعود معي فأنا أعرف طريقي " بعدها صعدت بسرعة صوب غرفتها تبعها فريدرك الى الصالة كانت زوجته شاردة صوب المدفأة وعندما أقترب نحوها ألتفتت إليه وقالت بشرود " لقد أرتكبت خطأ فادحاً يافريدريك " فقال " من السابق لأوانه أن تقولي ذلك لقد اعتدنا الحياة الهادئة وسيكون كل شيء عىي مايرام ياعزيزتي فلا داعي للقلق " كان يحاول أن يهدي من روعها وكان هو نفسه يشعر بالقلق لسبب يجهله.