إن التمثيل الصامت يلعب حالياً دوراً أساسياً في تكوين اللوحات الخلفية في الرقص والغناء والمسرح لتصبح هذه اللوحات ذات معنى ومضمون يجبر المتفرج الدخول في عالم الجمال والألوان والاضاءات والديكوراتوالموسيقى تحت إيقاع رائع يتزامن مع اللوحات الخلفية حتى في تزيين ودعم الفنانين ، هكذا نعود بكم إلى القرن الخامس قبل الميلاد أول ظهور لهذا الفن الراقي والذي كان له تأثير على الكوميدي في أثينا عالم المسارح والفن والتمثيل وليصبح التمثيل الصامت معروفاً في عهد الرومان كأبسط صورة من صور التسلية الدرامية المعروفة في الأزمنة الكلاسيكية وأكثرها استمراراً وبقاءاً مع العلم أنه كان يوجد في جميع أنحاء العالم القديم مهرجون ولاعبو سيرك وأكروبات يتجولون حول العالم ويستعرضون فنونهم ومهاراتهم في الأسواق والشوارع والقرى الريفية والساحات العامة لأحياء الحفلات وتقديم العروض المختلفة والشيقة في الأعياد والمناسبات الأخرى . وبالرغم من قسوة الحياة آنذاك الا ان الناس كانوا يحبون الفن وكانوا يوفرون النقود لدخول المسارح للاستمتاع بالفن والتمثيل . وفي القرن الأول أعطى الكاتب ديسيموس لابريوس لهذا التمثيل الصامت إيقاعه وشكله الأدبي حتى أصبح مشهوراً في تقديم التمثيلية الصامتة وابرع فيها كثيراً ، وبالذات في مهرجان فلورا نيا السنوي الصيفي ونجح نجاحاً عظيماً هذا التمثيل في تلك الفترة ولقي موضعاً واحتراماً وتقديراً من قبل الشعب الروماني والذي كان مرتبطاً بالطقوس الدينية الوثنية والتي أخذت تتوارى أمام انتشار المسيحية فكان هذا الفن على درجة كبيرة من التنوع والثراء في مجال استخدام الإيماء والحركة والإشارة ولغة الجسد ولعب دوراً فعالاً في عملية تطوير هذا الفن مع مرور الزمان ، وبعد ذلك تم تحديد الخصائص الأساسية لانطلاقة هذا الفن وتميزه في الممثل الميم والذي يطلق على الممثل والذي يقوم بادائه الصامت بحيث تم طرح بعض القواعد الصارمة بإلزام ان يتوفر عند الممثل الذاكرة الحادة والحساسية المرهفة وايضاً كان لابد من تحديد الجسم المتناسق والرشيق ليجمع بين القوة العضلية ومرونة الأطراف وحب التمثيل بالطبع فازدادت أهمية هذا الفن الرامي من خلال شعبيته والتي بلغت أقصاها في كوميديا ديللارتي او الكوميديا المرتجلة في ايطاليا في القرن السادس عشر حيث كان الممثلون يستخدمون الأقنعة والكلمة المنطوقة مع الإيماءة والإشارة ، وبعد ذلك تعرض هذا الفن للاضطهاد من جانب السلطات الدنيوية والدينية في عصور مختلفة وبالذات في العالم الغربي حينما كان يزدهر في نفس الوقت في الشرق ، وبعد مرور خمسة قرون من الحصار القاسي ولد المسرح من جديد في فرنسا وايطاليا ولكنه تغير في صور أخرى من الدراما والتي تقوم على الطقوس الدينية مثل كوميديا ابراتشا الايطالية والتي برهنت على تقديم الفنون الشعبية فيما بعد فأبتكرت مواقف ساخرة وهزلية كاريكا تورية وإيماءات وحركات هادئة إلى حدما حيث لم يمر كثير من الزمن حتى دخل عالم المسرح هذا فن الباليه وحركات الرقص الإيقاعي والذي لعب دوره الأساسي في إبراز هذا الفن في تقديم التمثيليات الصامتة حيث أحرز الممثل ديبورا شهرة عظيمة في هذا الفن ولكن أسلوب هذا الفن كان يتطلب مفردات وعناصر أفضل من السيناريوهات الشاحبة والتي كانت تقدم في ذلك الوقت كنوع من التهريج فبدأت شهرته الحقيقية في مسرحية الابن الضال ذات الفصول الثلاثة المعتمدة على الأداء الصامت واعتبر هذا التمثيل في انجلترا وفرنسا مقدمة نجاح بحيث أصبحت المدارس الحديثة في الإخراج تتضمن فن التمثيل الصامت كجزء أساسي من برنامج تدريب الممثل الشامل .. هكذا يعتبر هذا الفن اليوم قد دخل عدة تطورات تقنية للمسرح بحيث أصبح الممثل يعبر عن المعاني بالإشارة والحركة والتعبيرات الجسمانية المختلفة تحت إيقاعات موسيقية تتناسب مع السيناريوهات.أما الممثل فيجب ان يكون قادراً على التعبير عن فكرة او عاطفة بحيث ان لا يفتقد المتفرج تقديم الكلمة التقليدية في هذا المسرح ، فدخلت الدراما والباليه والكلاسيكية والكوميديا ومسرحيات الخورات والمسرحيات الأخلاقية والأقنعة الانجليزية ومسرحيات وليام شكسبير والفرنسي موليير ثم الباليهات الروسية والتي صممها دياجيلين ، فظهرت إحدى الفرق العالمية فرقة فروتسلاف للمسرح البولندي في تقديم فن البانتوميم فأصبح هذا الفن يملك تكنيك البانتوميم وفلسفته والرقص القومي والشعبي كمسرح الكابولكي الياباني إلى جانب دراسة الحضارات الإنسانية القديمة والتي نشأت فيها الملاحم والأساطير والموروثات الإنسانية وحققت عدد كبير من الميداليات الذهبية في عدة مهرجانات عالمية أقيمت في موسكو وباريس وهكذا أصبح هذا الفن يعكس هموم الإنسان القديم والحديث بصورة لا تخلو من إسقاط معاصرة سلبية الحروب والدمار والتي تخلفه في حياة الإنسان .
|
ثقافة
التمثـيــل الصـامـت
أخبار متعلقة