المرحوم سعيد عثمان فندة بجوار عمه والد زوجته في حديقة التحرير في صنعاء
معروف سالم بامرحول:لايقوى المرء على احتمال كلمة ( وداع) هذه الكلمة التي تستثير اكثر من عاطفة في النفس البشرية خاصة اذا كانت تعني وداع حبيب اوقريب اوصديق او زميل يغادرنا دون رجعة من دنيا الفناء الى دار الآخرة والخلود والبقاء .... حينذاك لايملك المرء سوى الابتهال الى الله عزوجل ان يمنحه الصبر والسلوان والمقدرة على احتمال جلل المصاب بفقدان من يحبهم ويعزهم ومن ارتبط بهم بعلاقة انسانية حميمة في حياتهم وان يسأل الله العلي القدير ان يتغمدهم بواسع رحمته ومغفرته ورضوانه ولاحول ولاقوة الا بالله وإنا لله وإنا اليه راجعون..- منذ ان بدأت ممارسة الكتابة هواية ثم مهنة لاتستهويني كتابة لون المرثيات نثراً اوشعراً ولايحتمل يراعي كتابة كلمات او عبارات النعي بوفاة اي قريب اوصديق او زميل لكنها المهنة الاعلامية وتحديداً التلفزيونية هي التي تفرض احياناً واجب التغطية الاعلامية ، واعترف انني في محطات ومواقف الحزن وجدت قلمي لايقوى على الحركة في ثنايا صفحات الورق ليسطر نعياً او رثاء او خبراً يبدأ بكلمة ( وداع) او ( فقدان) وقليلة هي المرات التي كتبت فيها هذا اللون للتعبير عن مشاعر الاسى والحزن التي عشتها في حياتي وما اثارته في نفسي لحظات ( الوداع) أو ( الرحيل) التي نتقبلها بقلوب مفعمة بالايمان بالله سبحانه وتعالى وبقضائه وقدره جلت قدرته..- في هذا العام احتملت انا وزملائي الاعزاء في صحيفة (14 اكتوبر) وفي اذاعة وتلفزيون عدن وفاة كوكبة من خيرة وانبل الاحبة والاعزاء الذين شكل رحيلهم وفقدانهم خسارة عظيمة للمؤسسة الثقافية والاعلامية والفنية ولايمكن لاحد منا ان تغادر محيط ذاكرته ووجدانه اجمل واحلى مواقف وذكريات الاخوة والزمالة الممزوجة بالوفاء الصادق ومشاعر الحب العميق..( عصام سعيد سالم ، شكيب عوض سعد ، معروف حداد ، محمد شرف، احمد الخضر، واحمد محمد عثمان( من فنيي الارسال الاذاعي) وانور محمد حسين ( سائق عربة النقل الخارجي - تلفزيون عدن) والمذيعة القديرة صباح ناصر علي والمايسترو الفنان القدير سعيد عثمان حسين فندة).ولعل الزملاء الذين يعرفون عمق روابط الصداقة والاخوة التي جمعتني بالمغفور له باذنه تعالى - سعيد فندة- الذي وافته المنية صباح يوم السبت الماضي 22/7/2006م إثر نوبة قلبية مفاجئة.اثناء زيارتي للصحيفة يوم امس الاول طلب مني الزميل عبدالله الضراسي كتابة مادة عن سعيد فندة- وحاولت الاعتذار والتذرع للهروب من دائرة طلب الضراسي ولكن دون جدوى فكانت هذه السطور التي لن تستوعب حتى النزر اليسير من مشوار رحلتي وزمالتي الابداعية مع صديقي ( السعيد) ذلك الرجل الوفي في زمن انعدم فيه الاوفياء من الرجال.تعود وشائج معرفتي به الى اكثر من ربع قرن من الزمان بعد اكمال دراسته التخصصية الاكاديمية في - الاتحاد السوفيتي سابقاً - في مجال الموسيقى وتحملة مهام نائب رئيس قسم الموسيقى في اذاعة عدن برفقة الفنان الكبير المرحوم محمد عبده زيدي..- تولى المرحوم سعيد عثمان فندة قيادة العديد من الفرق الفنية الموسيقية وتحمل مهام رئيس قسم الموسيقى في معهد جميل غانم للفنون الجميلة ، واسهم اسهاماً متعاظماً في رفد الاذاعة والتلفزيون باجمل واروع النتاجات الفنية التي ستظل خالدة ومحفورة في ذاكرة المستمعين والمشاهدين وبمشاركاته الفاعلة داخلياً وخارجياً في العديد من الفعاليات والمهرجانات الفنية قدم سعيد فندة برفقة الفرقة الجميلة اروع العطاءات الابداعية التي حازت على إعجاب وتقدير الجميع ..لايختلف اثنان على القدرات والملكات الابداعية لدى المرحوم سعيد عثمان فندة واحاسيسه المرهفة ودماثة اخلاقه والتزامه وكافة اعضاء فرقة جميل غانم الموسيقية بالتقاليد المهنية والاخلاقية العالية في اعمالهم الامر الذي يعكس السمات والصفات الانسانية الرفيعة التي يتمتعون بها والتي اكسبتهم حب واحترام قيادات وزارة الثقافة ووزارة الاعلام والمؤسسة العامة اليمنية للإذاعة والتلفزيون..حرص سعيد عثمان فندة حرصاً بالغاً على ان يقدم اعضاء فرقة جميل غانم التي يتولى قيادتها اداء الاعمال المناطة بهم اثناء تسجيل وانتاج السهرات الفنية التلفزيونية التي رافقته انجازها واعدادها اجمل الاعمال الموسيقية والغنائية حيث كان شديد القلق على متابعة التفاصيل الدقيقة بدءاً من كتابة ( البروفات) والوقوف خلف الكاميرات اثناء التسجيل ومراقبة التسجيل على اشرطة الفيديو واثناء عملية المونتاج التلفزيوني وانتهاء بالمتابعة الادارية و ( الروتين ) الذي يصيب البعض بحالات السأم والاحباط والنفور من التعامل مع الاذاعة والتلفزيون وقد كنت اشفق عليه من ذلك الجهد والعناء والتعب الذي كان يبذله ويتحمله برحابة صدر وهدوء بال وراحة ضمير ورضا نفس عندما يستلم اعضاء الفرقة اجورهم المادية وحقوقهم التي تكفلها لهم قانوناً لائحة اجور الانتاج البرامجي للاذاعة والتلفزيون.- في شهر ابريل عام 2000م كنت في صنعاء لاستلام قرار صادر من دولة رئيس مجلس الوزراء الاستاذ القدير د. عبدالكريم الارياني حينذاك بترفيعي ومنحي درجة مدير عام ونزلت في نفس الفندق الذي تواجد في الغرفة المجاورة لغرفتي صديقي سعيد فندة وبعد أن عرف بدواعي واسباب قدومي الى صنعاء قدم لي التهنئة الصادقة النابعة من قلب وفي ومحب ومخلص ثم اخبرني انه منذ اكثر من شهر وهو يتابع استلام اجور اعضاء الفرقة رغم استكمال الاجراءات القانونية والادارية باستحقاق الصرف وفي صبيحة اليوم التالي توجهنا سوياً الى ديوان وزارة الاعلام وعرفنا ان معالي الاستاذ عبدالرحمن الاكوع وزير الاعلام وقتذاك مسافر برفقة المدير العام للمؤسسة واطلعنا الاستاذ القدير والزميل العزيز احمد ناصر الحماطي وكيل وزارة الاعلام لشئون الاذاعة والتلفزيون والاعلام الخارجي الذي اصدر توجيهاته المباشرة بضرورة صرف فاتورة الاستحقاق في نفس ذلك اليوم ومنح سعيد فندة مذكرة استضافة في الفندق مع الوجبات على نفقة المؤسسة.
المايسترو والفنان المرحوم سعيد فندة مع الفنانة القديرة والمخرجة التلفزيونية كفى عراقي 1983
في عام 2003م وبمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الفنان الكبير محمد عبده زيدي عملت برفقة سعيد عثمان فندة برنامجاً خاصاً بعنوان ( لمسة وفاء) بتعاون كبير ودعم من الفنانة الكبيرة صباح منصر وصديق عمره الكابتن د. عزام خليفة وبمتابعة جادة من الصديق العزيز جمال داؤود وجهد ابداعي تلفزيوني متميز بذلته معنا الزميلة القديرة والمخرجة التلفزيونية المبدعة الفنانة كفى عراقي و ( المونتير) الفنان المبدع والكفء عبد المنعم علي سعيد وتم عرض البرنامج اكثر من مرة وهو من البرامج التلفزيونية الناجحة التي اعتز بها ايما اعتزاز.ظل المايسترو الفنان المرحوم سعيد عثمان حسين فندة في حياته يحلم دائماً ويتطلع الى ان يكون لغرفة جميل غانم مقراً مناسباً وموقعاً يليق بها يتم فيه الاحتفاظ بالآلات الموسيقية واجراء البروفات وتتوفر فيه كافة وسائل الراحة التي تمكنهم من اداء اعمالهم في ظروف افضل من ذلك المكان الذي ظلوا فيه يفترشون الارض بين ( ركام) الاتربة ومع اصوات نباح الكلاب ونهيق الحمير من خارج الغرفة التي كانت تجمعهم في ( مسرح الجيب ) للاطفال في مدينة الشيخ عثمان وحتى يوم وفاته وهو يحلم بذلك الحلم الذي ظل يراوده والامنية التي يتطلع لها جميع زملائه اعضاء الفرقة.- كانت وفاة زميلنا الفنان الخلوق سعيد فندة مفاجئة وشكلت صدمة قوية لكل الذين عرفوه وارتبطوا به في حياته عن قرب.. ففي مثل هذه الايام تتحول استديوهات التلفزيون وكافة الاقسام الادارية والانتاجية والفنية الى مايشبة ( خلية نحل) للتحضير والاعداد الجيد والناجح ( للمائدة الرمضانية) التلفزيونية وكان سعيد فندة يتولى إنجاز المسابقات الرمضانية ( الصغرى للاطفال) حيث يتولى الاعداد والتهيئة والتدريب لفرقة ( كورال) الاطفال الذين يتولى بعنايته واشرافه ومساعدة بعض المدرسات اختيارهم وتدريبهم واختبار وفحص اصواتهم ومن ثم تكوين فريق من الاطفال للغناء الجماعي الفردي والمقدمة والختام للمسابقة الرمضانية لثلاثين حلقة ويبذل جهداً خرافياً ومضنياً ثم يتولى انجاز السهرات التلفزيوينة الخاصة بعيد الفطر المبارك وعيد الاضحى المبارك ولسنوات طويلة رافقته في اعداد تلك السهرات بمعية زميلي وصديقي القدير عامر علي سلام ..وفي هذه الايام ونحن في تلفزيون عدن نفتقد ذلك الانسان سعيد عثمان حسين فندة سوف نظل ندعو الله ان يتغمدة بواسع رحمته ومغفرته ورضوانه وان يسكنه فسيح جناته وان يلهمنا جميعاً واهله واقاربه واصدقاءه الصبر والسلوان. إنا لله وإنا اليه راجعون..[c1]Email: [email protected]صحفي معروف ومقدم برامج- تلفزيون عدن ق 2[/c]