فوزية جابرلا أتحدث عن الواقع المرير ولا عن أحلام اليقظة لكل فرد، ولكني أتحدث عن الالتفاف الجميل الذي يشهده مجتمعنا وبيئته الفنية بعاداته وتقاليده العربية هذا الالتفاف يذكر الناس بأنفسهم وبالزمن الجميل للعائلة الواحدة في وقت سرق الانترنت والعمل بعد الظهر والتفكير الطويل في توفير لقمة العيش ذلك الزمن الجميل ودفء المشاعر فكل منا ينظر من زاويته، فمنا من كفر مسلسل نور وبعض السلوك فيه ومنا من تابع ولم يكترث بقول قائل وأحب المسلسل وحبكته الذكية وتدرج أحداث وروعة الترجمة وأسلوب المحادثة من ضربة معلم بسطور مشوقة لا تسقيك بل تظمئك لتعرف أسرع طريقة تسرق اللب وتدعي للتساؤل وتفتح حواراً بين الناس (المشاهدين) كل ليلة إلى نصف سؤال ونصف جواب يا ترى ماذا سيحصل غداً؟أحب أن أعطي صورة نفسية للمسلسل فالنفس البشرية يعلم بها الله خالقها وما نراقبه إلا سلوك البشر وردود أفعالهم كانت معقولة أو غير معقولة مقبولة أو غير مقبولة فالإنسان ومزاجه في تغير دائم مثل الهواء كل لحظة مجال فهذا المسلسل هو مسلسل الفسحة من الواقع الفسحة من المعاناة هو مسلسل الهروب.أحترم كل رأي ديني اجتماعي ولكن ضلالة الإنسان تلاحقه وترسم أمامه ما يجول بخاطره ولكل بلاد طابعها النفسي منا من يشاهد بصمت ومنا كثير التعليق ولكل بلد من الوطن العربي الكبير له لونه بالحريات والاتجاهات الدينية الكتابية ورقعة حرية التعبير عن المشاعر والعواطف.يقول ما يختلج بالنفس وتصل في بعض الأحيان تلك الحرية إلى الأفلام الإباحية ومجتمعات أخرى حازمة؟ فكل ممنوع مرغوب ينجرف شبابها كالنهر لهذه الأفلام سراً للأسف والتصرف المشين بسلوك وأخذ كل ما يسكر ويذهب العقل والإنسان ويقزم الروح. أو بعيداً عن الرقيب والحسيب في فسحة حرة لبرهة فالفسح أنواع.هذا المسلسل وضجته العالية قد أرجح الناس للبحث عن العائلة دون أن يشعروا، فالقيم الطيبة بروابط العائلة قد جسدت مجلة جميلة والصدق والكذب والخوف والمراعاة والطموح ومحاربة الخير للشر بأسلوب مقنع يذكرنا بأنفسنا ويذكرنا بأن لدينا الفرصة لتحقيقه.. وما رفضناه كمجتمع عربي مسلم تلك القبل والاعترافات المجردة والمشاعر وتسهيل التواصل بين الأشخاص (المحبين)، عاداتنا وتقاليدنا لا تسمح لهذه المخرجات أن تتنفس إلى الفضاء ولكن نفسياً تتحرك في عقلنا الباطن ويعبر عنه السلوك دون أن نشعر فالتربية تؤدبها والدين يكبح جماح شطحات النفس فنحن اجتماعياً لا نعترف بالمشاعر ولكن في أنفسنا وداخلنا نعترف بمشاعرنا وما يجول بخاطرنا من آمال، إنه مسلسل الغفلة من الواقع المثقل بالغلاء والخوف من الحرب والهروب من ارتفاع سعر الدواء وقدوم موسم المدارس والهروب من التزامات رمضان والعيد أنه مسلسل الفسحة القصيرة الفسحة النفسية لمجتمعنا الطيب الحبيب تعجبت من عجوز تحكي عن قصة أحداث المسلسل اليومية وقد أثارت مشكلة الشابين متجاهلة بتعمد كل ظروفها تركت سعر الرز والسكر وقد دافعت بقوة عن نور وعن نوعها بطلة المسلسل بقولها أحسنت البنت أدبت مهند فهو مدلل.كانت في عدن فرق رياضية لكرة القدم تستهوي الناس وكان المجتمع حينها مقسم حسب الفرق ناس شمسان وناس تلال وناس الوحدة وناس المكلا أرى أن هذه الشعلة وهذا الجنون توقف واختفى وفسح الرحلات لأيام العائلات في المناطق النائية لعدن مثل عمران البريقة ميون كمران هذه السواحل الساحرة قد هجرها الناس ولسبب معروف الغلاء. الرحلات التي هي مريحة للأعصاب والتي هي في قمة الروعة قد أنحرمنا منها وفسحة العائلة وتقوية روابطنا وبناء ذكريات حلوة بأماكن جميلة قد تعيد النشاط النفسي والجسدي وتخلصنا من القلق والاكتئاب وروتين المكان.فهذا المسلسل التركي المشهور أتى ليسد الفراغ في بيئتنا العربية التي أرهقها صيادو الفرص ومرتزقة الاقتصاد، هربت القلوب من الواقع التعيس إلى دنيا الحلم وجنة الملاذ حتى ولو لدقائق لنسيان الخريف.أحترم كل رأي ديني واجتماعي أدبي بنزعته البشرية.. كل منا ينظر من زاويته كان سلب أو إيجاب إلى هذا الزحف الذكي الذي تلاعب بقلوب الناس مذكراً الأمة بشيء من التفاهم المنسي العائلي بحبكة جميلة تارة بين مشاعر جريئة وأخرى غامضة وتارة بين تسلط أعمى وتسيب مفرط والطاعة والحب المثالي والعادات القاسية فالحقيقة ناقصة فهي عند الله، والنزاهة وطيب الحياة. اختصاصية نفسية
|
ابوواب
البيئة الفنية.... بعاداتها وتقاليدها
أخبار متعلقة