من الأدب الأنجليزي
تأليف / أوسكار وايلد عندما وصل اللورد آرثر الى البندقية ألتقى بأخيه اللورد سربيتون , ولقد استمرا مع بعضهما البعض لمدة أسبوعين ولكن اللورد آرثر لم يستمتع بزيارته للبندقية لقد كان يشعر بالقلق والتعب في آن وكان يتصفح جرائد إنكلترا كل صباح , كان يتطلع نحو خبر وفاة الليدي كليمنتينا وفي صباح أحد الايام وصلت رسالة من لندن تقول بأن الليدي كليمنتينا قد توفيت وقد أوصت قبل وفاتها بتوريث منزلها الى اللورد آرثر بعدها عاد اللورد مباشرة الى لندن فأتجه أو لاليرى خطيبته سيبيل لكي يحدد معها موعد الزواج بعدها توجه الاثنان صوب منزل الليدي كليمنتينا وبعد وصولهم قام كليهما بتفتيش المنزل فقد قاموا بفتح الادراج وخزانة الملابس وفي أحد الادراج وجدت سيبيل صندوقاً صغيراً للحلوى فقالت ( أنظر الى هذا الصندوق الجميل إن بداخله حلوى قديمة) أمتقع وجه اللورد بمجرد أن رأى الصندوق قد كان نفس الصندوق الذي أهداه الى الليدي كليمنتينا وكانت حبة السم لا تزال بالداخل قال اللورد (سأرمي بالصندوق) أخذ حبة الدواء ورمي بها صوب النار المدفأة قالت سيبيل ولكن لا تحرق الصندوق أرجوك ياآرثر لا ترمي الصندوق صوب النار تبدو شاحباً جداً هل هناك مشكلة ؟) عرف عندها اللورد بأنه لم يقتل الليدي كليمنتينا لذا قرر أن يقتل شخصاً قبل زواجه والآن عليه أن يؤجل زواجه ثانية كانت سيبيل غاضبة جداً من اللورد كما كان والدها منزعجاً جداً ولهذا شعر اللورد سافايال بالآسى كان عليه أن يجد شخصاً ما ليقوم بقتله فلم يعد له الآن أقارب من خارج العائلة لذا قرر أن يقتل أحد أفراد عائلته الخاصة وكان خاله الذي كان كاهن كاتدرائية تشستر كان خاله شخصية هامة جداً في الكنيسة وكان مغرماً بالساعات وكانت هوايته جمع أكبر عدد من الساعات لذا قرر اللورد أن يرسل الى خاله قنبلة بداخل ساعة ولكن من أين له القنبلة ؟ تذكر غرفة استقبال الضيوف الخاصة بالسيدة ويندرمير لقد قابل فيها شاب روسي يدعى الكونت رافالوف وكان قد تحدث من قبل عن الارهابيين والقنابل وكانت كثير من الصحف تتحدث عنهم وكان هؤلاء الارهابيين يقومون باغتيال الشخصيات الهامة عن طريق القنابل وعرف اللورد بأن الكونت يعيش بالقرب من المتحف البريطاني وقد ذهب لزيارته وعند لقائه بالكونت قال له الكونت ( تريد قنبلة ؟ لم أكن أعلم بأن لك اهتمامات بالشؤون العسكرية) رد عليه اللورد ( لدى بعض الاعمال الخاصة كما أنني لست مهتماً كثيراً بالشؤون العسكرية ) نظر الكونت نحوه بدهشة لقد اعتقد بأن الارهابيين وحدهم من يستخدمون القنابل ولكنه أدرك بأن اللورد كان جاداً في مطلبه لذا قام بكتابة غنوان ما يملئ على الورقة واعطاه للورد قائلاً له (إن هذا عنوان سري للغاية لا تخبر أحد بشأنه فقط أقرأ العنوان وبعدها قم مباشرة بإحراق الورقة ) رد عليه اللورد سأفعل ما قلته لا تقلق ) قام بمصافحة الكونت بعدها غادر مسرعاً لا يلوي على شيء كان بالورقة عنوان في مدينة سوهو وهي من أفقر أحياء لندن وفيها يسكن كثير من الغرباء بعدها اتجه اللورد صوب الشارع اليوناني وقام بطرق أحد المباني القديمة فتح باب رجل كان يتحدث باللغة الألمانية فأعطاه اللورد الورقة التي قدمها إليه الكونت رافالوف بعد أن قرأ الرجل الورقة قال (تفضل) كان المبنى عبارة عن محل فارغ إنتظر اللورد لبرهة من الوقت بعدها أتى رجل آخر الى الغرفة فقال اسمي الهر وينكل كيف يمكنني مساعدتك؟) أجاب الورد (اسمي هو سميث لقد أرسلني الكونت رافالوف الى هنا إنني بحاجة الى قنبلة) سأله الهر ( أي نوع من القنابل تريد؟) أجاب ( قنبلة بداخل ساعة) هنا قال الهر (آه لقد أرسلت قنبلة مغلقة في ساعة وبعثتها الى محافظ أوديسا من تريد أن تقتل بهذه القنبلة ؟) أجاب اللورد ( أريد قتل كاهن كاتدرائية تشستر ) تعجب الرجل وقال ( رجل كنيسة!! تبدو لي بأنك على ثأر من الكنيسة) رد اللورد ( لا إنها مسألة شخصية) قال له الرجل (لدي ساعة جميلة أنظر ) كان بها شكلان خشبيان لامرأة وتنين) قال الهر(إن المرأة رمز الحرية بينما التنين رمز للدكتاتورية إن الحرية دائماً ما تكون أقوى من الديكتاتورية) قال اللورد ( نعم أفهم هذا ولكنني لست مهتماً بالامور العسكرية والسياسية هل لك أن تصنع القنبلة لي الآن ؟) أجابه الهر ( لدي بعض الاعمال لاصدقاء لي في موسكو ولكنني استطيع تجهيز القنبلة خلال بضعة ايام متى تريدها لتنفجر ؟) أجاب اللورد ( في يوم الجمعة وتحديداً وقت الظهيرة) بعدها دون اللورد عنوان على ورقة وسلمها للهر قائلاً (أرجو تسليمها لكاهن تشستر على هذا العنوان) وبعدها سأله اللورد ( كم تريد مقابل هذا ؟) فأجابه الهر ( إنني لا أعمل من أجل النقود فأنا ثوري وأعمل من أجل الحرية وإن كان من الضرورة بمكان أن تدفع فأدفع لي مبلغ قدره خمسة من الجنيهات) دفع له اللورد المبلغ المطلوب وبعدها غادر المكان إنتظر اللورد سماع أخبار مصرع خالة الكاهن في بيته على أحر من الجمر حتى قدوم عطلة نهاية الاسبوع وأخيراً أتت عطلة نهاية الاسبوع ولكن لم يحدث شيء فانتظر اسبوع آخراً ولكن هذه المرة أيضاُ لم يحدث أي شيء بعدها تسلم رسالة من كاهن كاتدرائية تشستر كتب فيها يقول :(عزيزي آرثر سلمت الاسبوع الماضي ساعة ولكني لا أعرف من أرسلها لي وتبدو جميلة وبها منبه وعندما تصل الساعة الثانية عشر يدق المنبه ويخرج منها دخان تبدو لي لعبة لطيفة هل تعتقد ياعزيزي آرثر بأن غيري يمتلكون مثل هذه الساعة؟) بعد قراءة الرسالة استنتج اللورد بأن القنبلة لم تعمل وبالتالي لم يمت خاله فشعر بالقلق الشديد وقال لنفسه ( ماذا علي أن أفعل الآن؟ هل أغادر البلاد؟ هل أخبر سيبيل بأنني لن أتمكن من الزواج منها؟) في مساء ذلك اليوم خروج واخاه اللورد سيربيتون لتناول العشاء كان اصدقاء أخوه أغبياء وعملوا كثير من الضجة في المطعم كما شعر اللورد آرثر بالملل من حديثهم الذي بدأ تافهاً بالنسبة له فغادر المطعم في الحادية عشر مساء ومشى بمحاذاة النهر كان هناك ضباب منبعث من النهر مما جعل جميع مصابيح الانارة في الشارع بدو وكأنها أقمار فضية وكان هناك بعض المارة في الشارع توجه اللورد صوب جسر ويستمنسر وسمع دقات ساعة بيج بن الشهيرة معلنة الساعة الثانية في منتصف الليل استند اللورد على جدار ونظر الى اسفل صوب النهر كان الضباب كثيفاً مما أثر على رؤيته للنهر كما أن إضاءة المصابيح جعلت النهر يبدو وكأنه أسود اللون وكانت مياهه تجري بسرعة كل هذا جعل اللورد يفكر باشياء غريبة ورهيبة لقد كره السيد بودجرز المنجم لقد كان يشعر بالسعادة قبل أن يعرف قدره فقال لنفسه ( أعرف بأني سأقتل شخصاً ما إن هذا هو قدري لماذا أخبرني السيد بودجرز بهذا ؟ لقد كنت سعيداً قبل أن أعرف قدري) بعدها أبعد نظره عن النهر ولمح شيئاً ما يسر من أمامه فتبعه اللورد لقد كان شيئاً غريباً يمر أمامه لقد كان رجلاً يتكىء على الجسر ليطل على النهر فسأل اللورد قائلاً لنفسه ( هل يفكر بالقفز صوب النهر؟) جرى اللورد باتجاهه مسرعاً محاولاً إيقافه وفجأة تسمر في مكانه كان ضوء أحد مصابيح الانارة مسلطاً على ذلك الرجل مما حذا باللورد أن يرى وجهه لقد كان قارئ الكف السيد بودجرز نفسه هنا أتت للورد فكرة ذكية فجرى بسرعة وهدوء تجاهه فأمسك بقدمي السيد بودجرز بقوة ودفع به صوب النهر صرخ السيد بودجرز صرخة رعب وبعدها سمع صوت جسده وهو يرتطم بقوة في الماء وبعدها خيم الصمت من جديد على المكان وقف اللورد على الجسر يتطلع من خلاله على النهر لعله يجد المنجم ولكن كان جسد المنجم قد غاص في الاعماق .( هل سقط منك شيئاً ما ياسيدي صوب النهر؟) سأله شرطي كان ماراً بجانبه بالصدفة فقال له اللورد بإبتسامة تملئ وجهه بعد أن تمالك نفسه ( لم يكن شيئاً ذا أهمية تذكر) وفجأة شعر اللورد براحة نفسية وطمأنينة لم يشعر بها من قبل فقد تخلص من مصدر قلقه في صباح اليوم التالي قرأ اللورد آرثر تقريراً في جريدة التايمز يتصدره العنوان (انتحار قارئ كف) أما تفاصيل الخبر كانت كتالي ( تم العثور على جثة السيد بودجرز وهي تطفو على نهر التايمز البارحة ومما تجدر الاشارة إليه أن السيد بودجرز كان قارئ كف وقد استجوبت الشرطة عدد من اصدقائه وقد اجمعوا بأن السيد بودجرز كان يقوم بعمل شاق فقد كان يعكف على تأليف كتاب حول قراءة الكف وقد اعتقد اصدقائه بأنه اصبح مريضاً كنتيجة لهذا العمل المضني وتعتقد الشرطة بأن السيد بودجرز قد قتل نفسه وذلك بالقفز باتجاه النهر) بعد قراءته للخبر جرى اللورد مسرعاً وتوجه صوب منزل خطيبته سيبيل في بارك لين وعندما وصل إليها رائها وهي تطل من النافذة وعندما إلتقيت عيونهما اسرعت هي بالنزول للقائه وعندما إلتقى الاثنان واللهفة تطل من عيني كل منهما قال لها اللورد فرحاً (لنتزوج غدا ياسيبيل لا .. ليس الغد بل اليوم ) ردت عليه سيبيل بفرحة طاغية وكانت دموعها قد انهمرت وقالت (أيها الأحمق كم أشتاق إليك) بعد حفلة الزفاف زار اللورد وزوجته الليدي ويندرمير فسألته قائلة ( هل تشعر بالسعادة ؟) رد عليها اللورد قائلاً بثقة ( كلانا نشعر بالسعادة الغامرة كما أننا نرجو بأنك أنتي أيضاً تشعرين بالسعادة) ردت عليه الليدي بنبرة لا تخلو من الاسى قائلة ( ليس لدي الوقت لأشعر بالسعادة فأنا دائماً أتطلع للتعرف على ناس جدد لأدعوهم الى حفلاتي ) قال لها اللورد آرثر ( قرأت في الجريدة بأن السيد بودجرز قارئك للكف قد توفي) ردت الليدي قائلة (أوه السيد بودجرز .. هناك تقليد جديد الآن يدعى التخاطر وهو قراءة ما في العقل ولدي ( متخاطر) هنا يستطيع قراءة ما في عقول الناس لقد سئمت من السيد بودجرز فهو لم يستطع قراءة المستقبل ولم يخبرني بأي شيء يفيدني بصورة عملية وأنا لا أؤمن به) رد عليها اللورد بإبتسامة واثقة وإن كانت لا تخلو من السخرية وقال ( أما من ناحيتي فأنا أؤمن به فكل ما أخبرني به كان قد تحقق واستطاع بالفعل أن يجعلني أشعر بالسعادة) ردت عليه الليدي متسائلة بدهشة كيف استطاع أن يجعلك تشعر بالسعادة؟) نظر اللورد الى عيني زوجته وقال ( لقد ساعدني في الزواج من سيبيل ) فردت الليدي غير مصدقة ( هراء لم أسمع بمثل هذه السخافة من قبل).