محمد علي سعد توطئة : انا لا أدعو إلى الوقوف على الأطلال ولكنني أتساءل لماذا كلما مر زمن تحسرنا على الزمن الذي مضى وكأنه قد صار لزاماً علينا استقبال السيء .. ثم الأسواء .. مودعين دائماً ماهو أفضل .أحب الدنيا حتى النخاع ، وأعشق الحياة ومتشبت بها بأقوى من تمسك غريق في البحر بقشة ومن نقطة جبى للدنيا وعشقي للحياة أحرص على أن أنال حظي منهما .. حظي كيفما كان المهم أن يؤكد ذلك النصيب أن الحياة مستمرة واني جزء حيوي من ذلك الاستمرار .وطوال الأعوام الخمسة والعشرين الماضية وتحديداً منذ العام 1980م حتى اليوم نجد أن الزمن كلما لملم عباءته راحلاً إلي الأمام كما هي سيرته التابثة ، نجد الزمن وكأنه مصاب بداء المقوله الرتيبة ( ليس بالإمكان أحسن مما كان ) زمان كانت الصحافة والرياضة والعلاقات الاجتماعية بين الافراد .. والعلاقات الدولية بين الأنظمة والشعوب هي الأفضل والأفيد والأنضج .. زمان كانت المشاعر أرق والحب أنقى والفنون مرتكزة على الروعة متكئه على الإبداع ومؤسسة على الأصالة زمان كان المدرس والمدرسة والدرس أفضل حتى برامج التلفزيون والإذاعة كانت أكثر اتزاناً ورقياً واحتراماً للذات وللآخر .. زمان كان المفكرون والأدباء والساسة أكثر صدقاً وشرفا وولاءً لقيمهم ونيلهم لسلامة ماتلقنوه من اصول التربية القائمة على الشرف والصدق والمثابرة وقبلها قائمة على العلم وجدية التعلم . زمان كانت السياسة تمثل مجموعة من قيم الخير وصالح الشعوب في مواجهة حزمة من النفعيات التي تركب الأنانية وتستمر عريها بشعارات كاذبة عن خدمة الناس قبل خدمة الرأس . زمان .. السياسي كان رجلاً شجاعاً في أخلاقياته وتعاملاته شريفاً واضحاً نقياً في مواقفه جبل على الإيثار صائم عن طلب العطايا لا يدله تتقدم بطلبات شراء الذمم والمواقف، لذا كان السياسي رجل مواقف تتخذ ويتم الدفاع عنها نهاراً جهاراً الموقف هو الموقف الدفاع عنه مسألة لاتقبل لعبة التوازنات ولا القسمة على اثنين أو أكثر الموظف زمان كان مثال الانضباط والنظافة والترتيب في عقله وطرائق تفكيره وعمله وتعاملاته كان يذهب لعمله لأن العمل كان يمثل له في الحياة موقفا، وواجباً أهم ملزم بأدائه خدمة للناس الموظف زمان كانت مسألة تناقضاته ونميمته وكتابته التقارير الكيدية كانت محدوده للغاية محدودة في مساحتها وفي عدد الذين يمارسونها ، ولاعب الكرة كان نجماً يتصف بحب اللعبة وحب الآخر وحب الرياضة والنادي إلى حد أنه كان يدفع من جيبه ومن حرماله ، زمان لم يكن أحد يستلم ريالاً واحداً مقابل ممارسته لنشاطه الرياضي في ناديه . والفنون والصحافة والعلاقات وحتى خطبة الجمعة زمان كانت أفضل وكذا علاقاتنا وصداقاتنا وأسفارنا والمدن التي زرناها والنساء اللواتي مررن في حياتنا زمان كلها كانت أجمل وارق وافيد واستطاعت أن تترك أثراً واضحاً في ارواحنا وعقولنا وأجسادنا بدليل اننا لانزال نملك القدرة على تذكر وجه بشوش فيه معالم الكثير من الرقة ونقاء السريرة ورائحة العطر المميزة وصف اللؤلؤ الذي حين ظهر من بين شفتيه أسر ناظريه .. مازلت اتذكر ذلك الوجه الانثوي في ذاك الزقاق بإحدى المدن العربية والذي قابلني بعبارات الترحاب ورداً على إعلاني باني تهت ولم استطع تبيان المكان الذي أريد أن اقصده ذلك الوجه المدورباتقان قمر (نهاري) ابتسم قائلاً. أن الحالة ماتعرضت له من ضياع أمر مؤقت لقد التبست فيه الشوارع عليك للتشابه الشديد بينها فمثل ذلك التوهان واحدة من أجمل الصدف الطيبة لاننا كسبنا شوفتك .. فلو أنكم عرفتم مقصدكم مباشرة ما كنا كحلنا عيوننا برؤيتكم .. هذه العبارة شقتني بورده أحالتني نصفين الأول يبحث عن عنوانه والثاني يبحث عن انتماء طويل الأجل بين يدي إمرأة بعد أن ألقى عليها التحية والسؤال عن عنوانه التائه ردت بعبارات قصيرة لوجمعت حزمة شعراء وأدباء على أن ياتوا بمثل ايجاز تلك العبارات وجمالها لعجزوا لأن المرأة أطلقت عباراتها من القلب وحزمة الشعراء راحوا يبحثون عن عباراتهم في الموسوعة القاموسية للمفردات . اذاً زمان الأشياء والقضايا والمشاكل مهما بلغت وبلغ حد تعقيداتها كان بالإمكان دائماً التعامل معها وحلها لأن الاطراف جميعهم يتسمون بنقاء سريرة ، أيام كان الكذب بكافة أشكاله ( سياسي واجتماعي وعاطفي كذب ابيض ، كذب اسود .. الخ ) كلها تدخل تحت يافطة العيب والحرام لأن الله عزوجل يحاسب الكاذبين ، في ذلك الزمن كان الكذب مادة محدوده التداول كفاكهة سنوية بعكس اليوم فالكذب والكاذبون يعيشون معنا شركاء حياة ومسؤولون عنها في أحايين كثيرة الكذب بهذه الأيام يبث برامجه ساعات أطول ربما تتساوى وساعات بث معظم الفضائيات العربية . والخلاصة اني حتى للزمن الذي كان فيه الإنسان ( آدمي ) والعمل رسالة والتخاطب مع الآخر مسؤولية أخلاقية أولاً ، احن لزمن كان السياسي يمثل النموذج الاقوى والأفضل لصدقه وشرفه ونظافة يده وقلبه وجيبه وعقله . حتى حريم زمان هن الأفضل دوراً وأمانة ومحبة واعتماداً لذا ليس غريباً أن الحرمة حق زمان تساوي اليوم نص كومة من رجال لهم شوارب يجلس على اصغرها نسر وتساوى كومة رجال كاملة من جماعة حالقي الشوارب . والسؤال اذا كان كل هذا الحنين للزمن الذي مضى لأن الذي اتى بعده لم يكن الا جملة كبيرة من المساوئ .. فياترى كيف سيكون حالنا في الزمن الذي لم يحن موعد وصوله بعد ؟؟ والله اني اشعر بالخوف طالما أرى أن عبارة ليس بالإمكان أحسن مما كان هي سيدة الموقف لكن فرج الله قريب .. وحده ناظم حكمت هو الذي قال .. ولايزال قائلاً .. بأن اجمل الأيام تلك التي لم نعشها بعد .. وعلى أمل أن تتحقق رؤية شاعر تركيا الكبير ناظم حكمت انتظر بترقب مجريات الزمن فربما يصلح من حاله واحواله فياتي بتركيبة اوادم وعلاقات وتعامل ومعاملات لها صلة وثيقة بالصدق والوضوح والشرف وتقديم قيم الخير خدمة لمصالح العامة من الناس ، لا يأتي من اجل مصالح خاصة ، يجدون في خدمة شعوبهم لهم ولإغراضهم الشخصية بالاكراه النصر كل النصر .. لذا دائما ماسمعنا الوالدة تقول قليل الحياء والتربية أكل الدولة لأن جوفه زي جهنم . للتأمل الأول : الذي ما يعجبه العيش بهذا الزمن ينزل الأرض ويرحل للقمر بدلاً من أن يصدعنا بنصائحه . الثاني : حتى القمر قد صار محطة للتجسس لصالح ناس على حساب كل الناس.زمان كان في جمال عبدالناصر ، وطه حسين وبيليه وأم كلثوم وكلمة شرف واليوم في البرتقالة ، التفاحة ، هيفاء وهبي ، وأنظمة حليفة لأمريكا على حساب دولهم وشعوبهم وديانتهم وثرواتهم وحضاراتهم صحيح أنه زمن من حق الجن.
|
ثقافة
زمن استقبال السيء .. والأمل الذي اطلقه ناظم حكمت
أخبار متعلقة